محكمة تسوية منازعات الاستثمار العربية تنظر بعد غد أول دعوى منذ إنشائها قبل 20 عاما

شركة «تنمية» السعودية تطالب الحكومة التونسية بـ79 مليون دولار تعويضا عن أضرار جراء الإخلال بعقد مشترك

TT

تتجه بعد غد (الأحد) أنظار حكومات الدول العربية وخاصة أجهزتها الاقتصادية إلى مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة لمتابعة أولى جلسات «محكمة تسوية منازعات الاستثمار العربية» التى تنظر أول قضية منذ إنشائها قبل نحو عشرين عاما. ومن المقرر أن تبت المحكمة فى دعوى شركة «تنمية» (السعودية) للاستشارات الإدارية والتسويقية ضد الحكومة التونسية وتطالب بتعويضات مالية قدرها نحو 79 مليون جنيه إسترليني عن أضرار تقول الشركة إنها لحقت بها جراء عدم إلتزام تونس بعقد رسمي مشترك.

وكانت الدول الأعضاء في الجامعة العربية قد صادقت خلال اجتماع عقد بالعاصمة الأردنية عمان عام 1980 على إنشاء المحكمة التي تهدف إلى فض المنازعات بين الشركات والحكومات في إطار اتفاقيات التعاون الاقتصادي. ولم يتم الاتفاق النهائي على تشكيل المحكمة إلا في عام 1984 .

ويذكر أن المحكمة تتألف من ثلاثة قضاة يتم اختيارهم بالتناوب بين الدول العربية ويؤدون اليمين القانونية أمام الأمين العام للجامعة. وتتسم أحكامها بالإلزام للأطراف المتنازعة. من ناحيته، حمل كمال سنادة مدير الإدارة الاقتصادية بالجامعة العربية، الإعلام العربي مسؤولية تجاهل المحكمة الأمر الذي أدى إلى أنها لم تتلق أية دعاوى قضائية طيلة العشرين عاما الماضية. وأضاف سنادة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا توجد معرفة كافية بآلية حل نزاعات الاستثمار خارج إطار القضاء الوطني لكل دولة».

وأشار المسؤول الاقتصادي العربي إلى أن المستثمرين العرب لا يعلمون بوجود المحكمة ومدى إلزامية أحكامها. وأعرب سنادة عن أمله في أن «يكون للقضية الأولى بعد غد دور كبير في التوعية بالمحكمة».

وكشف، في الوقت نفسه، عن أن هيئات الاستثمار العربية سوف تعقد اجتماعا بمقر الجامعة العربية في منتصف الشهر القادم لمناقشة تطوير اتفاقية إنشاء المحكمة بما يحقق هدف تفعيلها.

من ناحيته، أعرب جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب عن عدم دهشته لتعطل عمل المحكمة قائلا «إننا كعرب نضع الأطر العامة والاتفاقيات لعلاقاتنا البينية في مختلف المجالات دون الاهتمام بتفعيلها». وأعرب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده بأن غياب هيئات تحكيم أقليمية يعوق زيادة حجم التجارة بين الدول العربية. ومن جانبه، أبدى الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق وخبير القانون الدولي تفاؤلا بالقضية الأولى بين شركة «تنمية» السعودية والحكومة التونسية، مشيرا إلى أنها سوف تعمل على تفعيل الاتفاقات بين الدول العربية.

وكانت محكمة تسوية منازعات الاستثمار قد تلقت في الرابع عشر من يناير عام 2003 أوراق الدعوى التي تتهم فيها الشركة السعودية الحكومة التونسية بمخالفة عقد مبرم بين الطرفين يمنح الشركة حقوق البث الإذاعي والتلفزيوني والإعلاني لدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط بالعاصمة التونسية في عام 2001 .

وتقول شركة «تنمية» في عريضة دعواها، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وقع رسميا في السادس عشر من يوليو (تموز) عام 1999 على العقد. غير أنه في أواخر شهر أغسطس من نفس العام فوجئت الشركة بوجود عقد مماثل بين الحكومة التونسية والخطوط الجوية التونسية مبرم قبل أربعة أشهر من عقدها مع تونس. وتشير الدعوى إلى أن نص العقد بين «تنمية» والحكومة التونسية يقول إنه «لم يسبق التعاقد بأي صفة حول موضوع العقد مع أي طرف كان». وشكت الشركة من أن كافة جهود المساعي الودية والوساطة التي شارك فيها رئيس الحكومة التونسية وسفيرا البلدين ووزراء سعوديون وتونسيون قد فشلت في فض النزاع الذي أخفق في تسويته التحكيم التونسي أيضا. وطالبت بتعويضات قيمتها حوالي 79 مليون دولار تعادل نحو 296.5 مليون ريال سعودي.

وقد اختتمت الشركة عريضة الدعوى بالتساؤل عن «فائدة مؤتمرات المستثمرين العرب والدعوة للاستثمار في الدول العربية إذا لم يضمن المستثمرون حقوقهم».

ولم تتمكن «الشرق الأوسط» من الحصول على رد الحكومة التونسية الرسمي على دعوى الشركة السعودية. غير أن سمير منصر المستشار الإعلامي بالسفارة التونسية بالقاهرة قال «ليس لدي فكرة عن الموضوع». وأشار في اتصال هاتفي إلى «أنه طالما أن النزاع منظور أمام القضاء فلا يجب الخوض فيه».