مصدر قريب من محامي الدفاع عن المهندس المصري المحتجز بلندن لـ «الشرق الاوسط» : الإدعاء البريطاني يسجل حاليا الشهادات الكاملة لـ3 شهود رئيسيين في القضية بينهم المبلّغ الذي ادعى محاولة استئجاره للقتل

خبير قانوني بارز: أستبعد وصول القضية إلى هذه المرحلة بدون أدلة كافية ولكن الإفراج بكفالة ممكن قبل مثول المتهم أمام محكمة الجنايات

TT

كشف مصدر قريب من هيئة الدفاع عن الدكتور ممدوح حمزة الاستشاري الهندسي المصري المحتجز في بريطانيا بتهمة «التواطؤ لقتل شخصيات مهمة» لـ«الشرق الأوسط« النقاب عن جانب كبير من ملابسات القبض عليه. وأكد المصدر أن هناك «شخصا أبلغ الشرطة البريطانية بأن حمزة «يسعى لتأجيره لقتل شخصيات مصرية بارزة« وأشار المصدر إلى أن «هذا الشخص يوجد ببريطانيا الآن كشاهد إثبات في القضية ومن المرجح أنه بريطاني». وفي الوقت نفسه أوضح خبير قانوني بريطاني بارز أنه «ليس من المعقول أن تصل القضية إلى هذه المرحلة وتتخذ السلطات البريطانية هذه الإجراءات بدون وجود أدلة كافية». إلا أنه استغرب، مع ذلك، فشل الدفاع في الحصول على الإفراج بكفالة عن حمزة. وقال «يبدو من المعلومات المتوفرة حتى الآن عن القضية رغم قلتها أنه ليست هناك صعوبة في ذلك». من ناحيتها، أكدت أميمة حاتم، زوجة الخبير الهندسي المصري، أن المحاميين الحاليين لم يطلعوا حتى الآن على أية معلومات أو أدلة رسمية بشأن الاتهامات الموجهة لزوجها. وفي اتصال هاتفي روى مصدر على صلة وثيقة بمحامي حمزة أن الخبير المصري وصل، ترافقه زوجته، إلى لندن بعد ظهر يوم الإثنين (الثاني عشر من يوليو الحالي) لحضور إحدى الحفلات السنوية التي تقيمها ملكة بريطانيا سنويا، ويرشح القصر الملكي عددا كبيرا من الشخصيات من مختلف أنحاء العالم للمشاركة فيها. وألقت الشرطة البريطانية (اسكتلنديارد) القبض عليه قبل انتصاف الليل بقليل. وكشف المصدر النقاب عن أن المعلومات التي توفرت للدفاع حتى الآن تقول إن شخصا ما أبلغ الشرطة عن أن الاستشاري المصري يريد «تأجيري لقتل بعض الأشخاص». ولم يتمكن حمزة ولا دفاعه من معرفة اسم هذا الشخص حتى الآن. وعقب البلاغ، جرى التنسيق الفني بين المبلغ وبين الشرطة لتسجيل الاتصالات الهاتفية، التي من المفترض وفق المبلغ، أن يتم فيها الحديث عن تأجيره للقتل. وبذلك أصبح المبلغ (المجهول إلا للشرطة البريطانية فقط) وضابط الشرطة السري المسؤول عن متابعة البلاغ والإشراف على تسجيل الاتصال الهاتفي والمتخصص الفني الذي تولى التسجيل هم الشهود الثلاثة الرئيسيون في القضية.

ومضي المصدر يقول إنه «جري استدراج حمزة خلال الاتصال الهاتفي في حوار فهمت منه الشرطة البريطانية أن هناك تحريضا على قتل بعض الشخصيات في مصر». وعقب الانتهاء من المكالمة ألقت اسكتلنديارد القبض على حمزة بناء على فحوى الإتصال الهاتفي الذي اعتبرته «دليلا قويا يستدعي الاحتجاز». ويقضي القانون البريطاني بأنه لا يجوز للشرطة احتجاز أي شخص أكثر من أربع وعشرين ساعة بدون توجيه اتهام محدد. ولذلك فإنه لم يمر يوم الأربعاء (الرابع والعشرين من يوليو) حتى كان حمزة مسجلا لدى الشرطة متهما بـ«التآمر للقتل». وفي الوقت نفسه يقضي القانون بعدم الإعلان لوسائل الإعلام عن اسم المبلغ أو تفاصيل الأدلة حفاظا على السرية. وبهذه التهمة أحيل المتهم إلى جلسة استماع بمحكمة «بو ستريت» الابتدائية المسؤولة عن تحديد مدى جدية التهمة والأدلة المقدمة من الشرطة وما إذا كانت جادة بما يستدعي إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية المركزية (أولد بيلي).

ارتباك وصدمة وفي هذه المرحلة، كان لا بد أن يكون لحمزة محاميه الذي يتولى حضور جلسة محكمة بوستريت. وقال المصدر المقرب من هيئة الدفاع الحالية أن أميمة حاتم زوجة حمزة لم تتمكن بسبب حالة الارتباك والصدمة، كما قال المصدر، من الوصول إلى محامين أكفاء للدفاع عن زوجها.

غير أنه تنفيذا للقانون الذي ينص على ضرورة تمتع أي متهم ليس لديه محام ، بغض النظر عن السبب، بحق الدفاع، فإن محكمة بوستريت انتدبت للمتهم محامية حكومية من هيئة يطلق عليها في بريطانيا هيئة المعونة القانونية ( (Legal Aid. وفي يوم الخميس (الخامس عشر من يوليو) مثل الاستشاري المصري أمام المحكمة التي رأت أن الأدلة المتوفرة كافية لعرض المحتجز على المحكمة الجنائية بتهمة «التآمر لقتل أربع شخصيات معروفة».

وأشار المصدر القريب من هيئة الدفاع الحالية التي جرى الاتفاق معها منذ أيام قليلة إلى أن المحامية (الحكومية المنتدبة) لم تبذل جهدا قانونيا كافيا لإقناع المحكمة بإطلاق سراح المتهم بكفالة مع توفير كل الضمانات المطلوبة. ويذكر أن «أتعاب» مثل هؤلاء المحامين ضئيلة للغاية ولها حدود مالية قصوى مقارنة بالمحامين الذين يعملون في شركات محاماة خاصة وهم في الأغلب أكثر كفاءة.

وفي اتصال هاتفي أجرته معها «الشرق الأوسط» قالت أميمة حاتم زوجة الدكتور حمزة إنها لم تحضر جلسة محكمة بوستريت ولا تدري ما إذا كانت المحامية المنتدبة قد طلبت بالفعل الإفراج بكفالة أم لا». وأضافت أميمة أنها لم تختر الآن بشكل نهائي هيئة الدفاع عن زوجها. غير أنها أكدت أن فريق المحامين الحالي يعتمد بشكل أساسي على المعلومات التي تقدمها هى لهم حول القضية منذ وصولها وزوجها إلى لندن وحتى القبض عليه. وقد لمست «الشرق الأوسط» شعورا واضحا بالثقة في نبرة حديث الزوجة التي بدا صوتها متماسكا رغم تأكيدها بأن «الموضوع كله جديد بالنسبة لي ولم يكن في الحسبان».

شاهدان ومجهول من ناحيتها تنشغل النيابة الآن بتسجيل الأقوال التفصيلية المكتوبة والموقعة من الشهود الأساسيين وهم: المبلغ الذي ادعى أن حمزة سعي لتأجيره لتنفيذ مؤامرة القتل وهوموجود ببريطانيا الآن ولكن الشرطة رفضت، كما قال المصدر، تحديد هويته وفقا للقانون حفاظا على السرية. والشاهد الثاني هو الضابط السري البريطاني المكلف متابعة تفاصيل البلاغ. أما الشاهد الثالث فهو الشخص المكلف الجوانب الفنية لتسجيل المكالمة الهاتفية بين حمزة والمبلغ (المجهول إلا للشرطة).

وكانت محكمة بوستريت قد أعطت الشرطة مهلة حتى يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر أغسطس (آب) المقبل. لتجهيز ملف الإدعاء بشكل نهائي والذي على أساسه سوف يمثل حمزة أمام محكمة الجنايات المركزية. وفي هذا التاريخ يمكن للدفاع الوقوف بشكل واضح وتفصيلي على طبيعة التهمة وأقوال الشهود. وسيكون أمامه حتى صباح يوم الأربعاء الأول من شهر سبتمبر (آيلول) لإعداد الدفاع أمام محكمة الجنايات. في الوقت نفسه، استبعد مستشار قانوني بريطاني بارز أن تكون الشرطة البريطانية احتجزت حمزة إلا إذا كان لديها دليل واضح يبرر هذا الإجراء. وفي اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» استغرب المستشار، الذي يحمل لقب مستشار الملكة وهو أرفع لقب في مهنة المحاماة ببريطانيا، عدم الإفراج بكفالة حتى الآن عن حمزة. وقال، طالبا عدم ذكر اسمه، «عندما يلقى القبض على شخص فإن من حق الدفاع بل من واجبه الإطلاع على الأدلة». إلا أن أميمة حاتم أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن المحامين لم يطلعوا على أية أدلة أو أسماء الأشخاص الذين قيل أنهم هدف ما سمي التواطؤ لقتلهم أو اسم أو هوية المبلغ الذي تآمر علي حمزة». وأضاف أنه «قيل لي أن من حق النيابة الامتناع لمدة أقصاها ستة أسابيع حتى توفر ما لديها من أدلة للإطلاع».

ومع ذلك فقد توقع المستشار القانوني «ألا يكون الحصول على موافقة بالإفراج بكفالة عن حمزة أمرا صعبا في ظل المعلومات المتاحة حتى الآن».

وحول شروط الإفراج بكفالة قال المحامي الشهير إنه لا بد من توافر مبلغ مالي تحدده المحكمة، وضمان سلامة المتهم خارج السجن وعدم مغادرته البلاد مع إثبات أنه شخصية مستقيمة مشهود لها بغض النظر عن مكانته الدولية أو المحلية.

يذكر أن مصطفى رجب أحد مسؤولي اتحاد المصريين في المملكة المتحدة كان قد أبدى استعدادا لأن يتحمل الاتحاد المسؤولية القانونية أمام القضاء عن ضمان بقاء حمزة ببريطانيا في حالة إطلاق سراحه بكفالة.

وقالت زوجة الخبير الاستشاري المصري المحتجز إن الدفاع تقدم بالفعل بطلب «زيارة قانونية لحمزة هي الأولى ووافقت السلطات عليه من دون تحديد الموعد بالضبط». وأضافت «يركز المحامون حاليا على تسريع محاولة إطلاق سراح زوجي بكفالة لأن كل يوم يقضيه في السجن يساوى الكثير سواء له أو لنا كأسرة».

وأضاف المستشار القانوني البريطاني البارز أنه لو ثبت في النهاية أنه كان هناك أي سوء فهم أو أي خطأ في احتجاز ومحاكمة حمزة، فإن من حقه مقاضاة الحكومة أو الشرطة البريطانية أو أحدهما وأن يطلب تعويضا كبيرا للغاية يتقرر حسب إثبات الضرر النفسي والمعنوي والمادي.

إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن زوجة حمزة وابنهما محمد حصلا على إذن زيارة اجتماعية عائلية لمدة ساعة بين الثانية والثالثة بعد ظهر اليوم الجمعة. وسيكون هذا هو اللقاء الأول بين حمزة وزوجته منذ 12 يوليو الحالى يوم القبض عليه.

من ناحيتها، أكدت وزارة الخارجية البريطانية تلقيها تقريرا من سفيرها بالقاهرة ديريك بلاملي حول قضية الدكتور حمزة. وقالت متحدثة باسم الوزارة لـ«الشرق الأوسط» إن «الخارجية البريطانية تتابع يوما بيوم وباهتمام بالغ تطورات القضية». وأشارت إلى أن «الاتصالات مستمرة بين لندن والسلطات المصرية في القاهرة». وأضافت أن القضية تتعلق بطبيعة الحال بالقضاء البريطاني. ورفضت المتحدثة باسم الوزارة الكشف عن تفاصيل تقرير السفير. وقالت إنها «لا تعلق على تسريبات حول فحوى تقرير السفير إلى لندن». وكانت تقارير صحافية مصرية قد أشارت إلى أن السفير أبلغ حكومته بما وصف بغضب الرأي العام المصري إزاء احتجاز الدكتور حمزة وأن بلاملي حذر حكومته من تأثير القضية على العلاقات بين الشعبين المصري والبريطاني، وردا على سؤال حول شكوى المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان من نقص المعلومات حول القضية، قالت المتحدثة «إن هذا الأمر من شأن الشرطة البريطانية وليس الخارجية وأية تساؤلات حول القضية نفسها يجب أن توجه إلى الشرطة».