الخرطوم تعلن عن «خريطة طريق» لإنجاز قرار مجلس الأمن الدولي وتعلن استعدادها لتقاسم السلطة والثروة مع مقاتلي دارفور

إريتريا تنفي أي تورط في دارفور * الأمم المتحدة: أوضاع الأمن تتحسن في مخيمات دارفور

TT

أكدت الحكومة السودانية امس استعدادها لتقاسم السلطة والثروة مع مقاتلي دارفور، وتوقعت ان تنجز «الجانب الاكبر» من قرار مجلس الامن الدولي حول الاقليم المضطرب، خلال المدة المحددة وهي 30 يوما. وكشفت الحكومة عن «خريطة طريق» ستضعها لانجاز المطلوب منها في قرار مجلس الامن. وقالت انها مستعدة لنشر 12 الف شرطي في منطقة دارفور اذا استدعى الامر. واقرت المنظمة الدولية بحدوث تقدم في انفاذ الاتفاق الموقع مع الخرطوم لترتيب الأوضاع بدارفور.

وينتظر ان تخرج اليوم مسيرة في العاصمة الخرطوم ضد أي تدخل اجنبي في دارفور، بتنظيم من انصار الحكومة والهيئة الشعبية للدفاع عن العقيدة والدعوة (شبه حكومية) واتحاد طلاب ولاية الخرطوم الموالي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، في سياق التعبئة العامة التي اعلنها مجلس الوزراء السوداني الاسبوع الماضي ضد اي تدخل عسكري اجنبي في البلاد بسبب دارفور.

وتوصلت آلية لتنفيذ الاتفاق بين الحكومة والامم المتحدة حول دارفور في اجتماع لها ليل اول من امس، استمر نحو خمس ساعات، الى تقدم ملحوظ في خطوات الحكومة لانفاذ الاتفاق، وأمنت على عودة النازحين الى مناطقهم «طواعية»، وقالت هناك تحسن في الاوضاع الامنية بمعسكرات النازحين، والتزام الحكومة باتخاذ الاجراءات الكفيلة بانسياب المساعدات للمتأثرين.

ورأس الجانب الحكومي في الاجتماع، وهو الثاني من نوعه منذ توقيع الاتفاق الشهر الماضي، وزير الخارجية بمشاركة وزراء الداخلية، والصحة، والشؤون الانسانية، ومدير جهاز الامن، ومدير الشرطة، بينما رأس جانب الامم المتحدة يان برونق الممثل الخاص للامين العام بحضور مندوب رئيس الاتحاد الافريقي، وحامد الغابد مندوب مفوضية الاتحاد الافريقي، وسفراء الدول المانحة.

وقال د. مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية فى تصريحات صحافية امس انه تم الاتفاق مع الامم المتحدة على خطة تنفذ خلال الشهر، وقال «بنهاية هذه المدة نكون قد نفذنا الجانب الاكبر من الاتفاق مع الامم المتحدة وبالتالى قرار مجلس الامن». وقال ان الطرفين اتفقا على ايفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه رفع القيود عن المساعدات الانسانية وحركة المنظمات العاملة. وكشف الوزير ان الحكومة ستضع «خريطة طريق» لما يمكن انفاذه خلال الـ30 يوما المقبلة. كما كشف ان اللجنة المشتركة التي زارت دارفور رفضت مجموعة من المقترحات والتوصيات لمعالجة الاوضاع هناك، سيتم الاخذ بها وتضمينها في خطة الشهر المقبل. واعترف يان برونق ان الحكومة تعاونت بصورة جيدة لجهة تنفيذ تعهداتها، وقال ان الحكومة غير مسؤولة عن تاخر المساعدات الانسانية للمتأثرين. لكنه قال ان حماية المواطنين في دارفور هي من صميم مسؤوليات الحكومة التي يجب ان تضطلع بها بمعاونة المجتمع الدولي.

فى غضون ذلك، قال حامد الغابد مبعوث الاتحاد الافريقي حول دارفور، والذي يجري مباحثات في الخرطوم منذ ثلاثة ايام انه اصبح «قاب قوسين أو ادنى» من نجاح مهمته الرامية لإعادة طرفي الحكومة ومسلحي دارفور الى طاولة المفاوضات التي انهارت الشهر الماضي نتيجة لشروط مسبقة وضعها المسلحون.

وقال الاتحاد على لسان مبعوثه الى الخرطوم ان مسلحي دارفور وافقوا من خلال مباحثات اجراها الاتحاد في اديس ابابا وجنيف معهم على تحويل الشروط الستة الى بنود تفاوض يجلس اليها الطرفان للحوار. وقال انه لمس «حسن النوايا»، التي لمسها من خلال مباحثاته الحالية مع المسؤولين بالخرطوم الى حد خلق حالة من التفاؤل باستئناف المفاوضات بأسرع ما يمكن. وحول مطالب مسلحي دارفور بنقل المفاوضات الى مدينة محايدة بخلاف اديس ابابا التي يعتبرونها «موضع شك وعدم حياد»، قال الغابد ان المكان الجديد للمفاوضات وكذا تاريخها سيتحددان عقب المباحثات الحالية مع المسؤولين مباشرة. واكد ان كل الاطراف موافقة ومستعدة لذلك. من جهته اكد وزير الاعلام السوداني الزهاوي ابراهيم مالك في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية ان الحكومة السودانية «على استعداد لتقاسم الموارد والسلطة مع المتمردين في دارفور». وقال الوزير «نحن على استعداد لتقاسم السلطة والموارد في دارفور وعلى استعداد ليفدرالية حقيقية».

واضاف مالك «نحن على استعداد لعقد اتفاق كما فعلنا لحل النزاع في جنوب السودان»، في اشارة الى مباحثات السلام الجارية لانهاء الحرب الاهلية المستمرة منذ 21 سنة بين الشمال والجنوب في السودان. واكد مالك الذي كان وزيرا للمناجم في الحكومة السابقة ان شركات اجنبية اكتشفت وجود نفط في دارفور اضافة الى النحاس واليورانيوم. وينتج السودان حاليا 300 الف برميل نفط يوميا ويريد رفع انتاجه الى مليون عام 2006 .

وقال مالك ان السودان مستعد لنشر 12 الف شرطي في منطقة دارفور اذا استدعى الامر. وقال ان الخطة الحالية هي زيادة أعداد رجال الشرطة الموجودين حاليا في المنطقة من خمسة الاف الى ستة الاف خلال الايام القليلة القادمة. واضاف ان هذه الزيادة تاتي بموجب اتفاق بين الحكومة السودانية والامم المتحدة يهدف الى ضمان امن المنطقة وتخليصها من الجماعات المسلحة التي تلقى عليها مسؤولية العديد من الفظائع التي ترتكب ضد المدنيين. الا ان مالك نفى ان تكون لدى حكومته اي خطط لتعزيز قواتها المسلحة كما اشارت بعض تقارير الاعلام.

وكان الفريق سيد الحسين عثمان نائب المدير العام والمفتش العام لقوات الشرطة اعلن ان السلطات السودانية نشرت خمسة آلاف من عناصر الشرطة في ولايات دارفور الثلاث (غرب) لإعادة النظام. وقال للصحافيين ان الحكومة السوادنية تعتزم «رفع هذا العدد الى ستة آلاف في غضون الايام القادمة».

من جهة ثانية نفت اريتريا امس الاتهامات التي وجهتها لها الخرطوم بتاجيج النزاع في منطقة دارفور، غرب السودان، ودعم جماعتين متمردتين في هذه المنطقة المضطربة. وصرح علي عبدو احمد وزير الاعلام في اتصال هاتفي من العاصمة الاريترية اسمره «نحن لا ندعم اية جماعة في السودان بل نعمل على ضمان احلال السلام في هذا البلد لان ذلك سيعود بالفائدة علينا ايضا». وكان عثمان السيد مبعوث السودان الى اثيوبيا والاتحاد الافريقي قال ان اسمرة تزيد من الاضطرابات في دارفور بتدريب مقاتلين من حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة.