المهجرون الأكراد يعودون.. إلى كركوك

الأحزاب الكردية تمول برنامجا لتوطين اللاجئين في المدينة سعيا «لإعادة» تركيبها السكاني

TT

حاج عمران ـ رويترز: عند نقطة حدود جبلية بين العراق وايران ينتظر داود خضير لقاء أقارب له لم يرهم منذ 14 عاما، منذ أن فروا من البلاد هربا من جيش صدام حسين. وعندما ظهرت القافلة التي تنقل اللاجئين العراقيين من إيران لمح خضير، 62 عاما، المقاتل السابق بالبيشمركة الكردية أسرة شقيقه وفاضت مشاعره. قال وهو يغالب الدموع المنسابة على خديه ويحتضن ابن شقيقه الذي لم يره من قبل: «أقسم أخي أنه لن يعود حتى ينتهي عهد صدام، لم تتح لي فرصة رؤيته بعد ذلك حتى توفي في ايران». وأضاف «حضورهم يشعرني بسعادة غامرة لكنه يحزنني كذلك لانهم اذا لم يحصلوا على المال والمساعدة سيواجهون مشاكل». والعودة للوطن مفعمة بالمشاعر المتباينة بالنسبة لاثنين وثلاثين أسرة كردية عائدة الى العراق في هذه القافلة، وهي الثانية منذ أن بدأت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة البرنامج قبيل اعادة السلطة للعراقيين في يونيو (حزيران) الماضي. وقال الابن الاكبر لشقيق خضير البالغ من العمر، 32 عاما، «أردت العودة لاني لم أشعر أبدا أن بامكاني اعتبار ايران وطني، لكني مدرك للابعاد المتعلقة بمستقبلنا، لا نملك سوى القليل جدا من المال». رحل صدام لكن الفصائل العرقية والطائفية في العراق تتصارع على السلطة وتم تسييس مسألة عودة الاكراد، والمجتمع الدولي لا يريد أن ينظر اليه باعتباره منحازا لطرف على حساب الاخر. وفي السنوات الماضية كان الاكراد العراقيون العائدون للبلاد يحصلون على المال ومساعدات أخرى لبناء حياتهم، لكن الان لا تحصل كل أسرة سوى على 20 دولارا وموقدا يعمل بالكيروسين ووعائين للماء وبعض الاغطية وخيمة. وتوفر لهم المواصلات للوجهة التي يقصدونه، لكن فقط اذا كانت هذه الوجهة فوق الخط الاخضر الذي يفصل المنطقة الكردية عن بقية العراق. وفر ألوف الاكراد العراقيين الى ايران المجاورة هربا من حملات اضطهاد شنتها الحكومة السابقة. وعاد الكثيرون اثناء التسعينات لكن 61 ألفا ظلوا هناك حسب تقديرات مسؤولين أكراد. ولا تشجع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين العودة للعراق بسبب استمرار حالة عدم الاستقرار والافتقار الى الخدمات في البلاد. ويتهم الاكراد الامم المتحدة بالمماطلة في تسهيل عودة الاكراد لاعتبارات سياسية. وبمقتضى أحدث برنامج لاعادة اللاجئين وافقت المفوضية على تنظيم ترحيل طوعي لالفي لاجئ فقط على مدى الاشهر الستة المقبلة عبر نقطة حدود حاج عمران. وقال شاكر ياسين مدير لجنة تسجيل اللاجئين «قالوا لنا ان هذه مجرد تجربة». وأضاف «قلنا ان كردستان أصبحت معملا كبيرا للتجارب، أولا للاسلحة الكيماوية والان للاجئين». وشكا ياسين الذي تتلقى المنظمة التي يعمل بها التمويل من الحكومة الكردية المحلية، من أن صغر نطاق البرنامج الراهن يعني أن الاسر ستضطر للعودة بشكل غير قانوني، مما يصعب عملية تسجيلها. وقال «سيسبب ذلك مشاكل كبيرة لنا لان الاعداد كبيرة للغاية». وأضاف ان مثلي عدد العائدين بشكل رسمي منذ بدء البرنامج يوم 23 يونيو (حزيران) عادوا بشكل غير قانوني. وتابع «حدودنا مفتوحة. والناس تعود على أي حال». وهناك ايضا مشكلة الهجرة الداخلية في المنطقة الكردية في العراق. ففي اطار سياسة «التعريب»، التي اتبعها صدام تم ترحيل الالوف من مناطق استراتيجية، مثل كركوك وأعطيت أملاكهم لعرب جيء بهم من الجنوب. وسعى الاكراد لاعادة الوضع لما كان عليه باعادة اللاجئين مرة أخرى لكركوك لتغيير صورة التشكيل السكاني للمدينة الغنية بالنفط. ويقيم نحو مائة ألف كردي الان في مخيمات داخل وخارج كركوك. وزعم بعض العائدين في القافلة انهم كانوا من كركوك وانهم عائدون للاستفادة من برنامج التمويل الذي تموله الاحزاب الكردية لتوطين الاكراد في كركوك. ويقول بكير أحمد، 35 عاما، الذي اجبر على ترك كركوك في عام 1988 مع والدته ووالده واشقائه الاربعة: «كركوك كردية ومن حقنا المشروع العودة اليها». وزاد عدد أفراد أسرة أحمد من سبعة أفراد الى 25 الان. وقال: «أبلغنا أن اسرتنا ستحصل على ثلاثة الاف دولار وبعض مواد البناء وقطعة أرض اذا عدنا الى كركوك». وأضاف انهم تلقوا خطابات من أحد الحزبين الكرديين الرئيسيين تضمن لهم تلقي مساعدات مالية. وقال شقيق أحمد الاصغر واسمه محمد، الذي قضى أكثر من نصف عمره في المنفى، انه يشك في أن يجدوا حلولا سهلة في كركوك. وأضاف محمد، 26 عاما، وهو يصعد الى حافلة متجهة الى السليمانية أحد معاقل الاكراد في الشمال: «العقد الماضي أو نحو ذلك كان وقتا عصيبا لنا ولم نستقر بعد... كأننا في رحلة طويلة مستمرة».