موراتينوس في أصيلة: الانتفاضة الفلسطينية كانت خطأ استراتيجيا وظاهرة الانتحاريين قوت شارون

وزير خارجية إسبانيا يدعو المقاومة إلى تغيير استراتيجيتها لتتمكن من مخاطبة المجتمع الإسرائيلي

TT

خرجت ندوة «اوروبا الموسعة والتعاون الاوروبي المتوسطي: اي مستقبل؟» في جلستها الثانية مساء اول من امس من نطاق المحاور المحددة لها باتجاه التركيز على اشكالية العلاقة بين العرب واوروبا والصراع العربي ـ الاسرائيلي والموقف الاوروبي منه. وبحكم وجود عدد كبير من المفكرين العرب بين المشاركين، فقد تبادلوا مع الباحثين والسياسيين الاوروبيين الحاضرين، نقاشا ساخنا حول دول الاتحاد الاوروبي في ما يحدث بمنطقة الشرق الاوسط. وعاتب المثقفون العرب اوروبا على التغير الذي طبع علاقتها مع العرب، وعلى خروج سياستها عن نطاق القيم الانسانية التي رفعتها منذ عصر الانوار، وانسياقها وراء السياسة الاميركية في عالم احادي القطب.

وجهة النظر التي أثارت هذا الجدل لدى المثقفين العرب كانت هي مداخلة وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخل موراتينوس التي اتسمت بصراحة اعتبرها البعض صادمة. اذ انطلق موراتينوس في البداية من انتقاد مصطلح «مسار السلام» والدعوة لتعويضه بعبارة «مشروع السلام»، لان المسار طريق غير محدد المعالم على عكس المشروع الذي هو شيء واضح. وقال موراتينوس: بالنسبة لنا في اسبانيا، نحن نؤمن بمقولة الارض مقابل السلام، وبالعودة الى حدود 1967 لكي تكون اساس هذا السلام القائم على وجود دولتين: فلسطين واسرائيل.

واضاف موراتينوس «لكن اعلان النيات لا يكفي، نحن الآن في ندوة علمية، يمكننا اعلان اتفاقنا على حدود 1967 وعلى الاعتراف المتبادل، لكننا نلاحظ بمجرد خروجنا من القاعة ان معاناة الفلسطينيين متواصلة، لاننا لا نملك وسائل وادوات تنفيذ قناعاتنا وبناء السلام. لذا فنحن امام موقفين: الاكتفاء باعلان نياتنا الحسنة وايماننا بعدالة القضية الفلسطينية، او الدخول في الاجراءات الممكنة والعملية لايقاف هذه المعاناة والحد منها ما أمكن. مشيرا الى انه لتحقيق ذلك علينا مناقشة مجموعة من الامور، اولاها المقاومة الفلسطينية التي لا يمكن انكار مشروعيتها، لكن ظاهرة الانتحاريين والتفجيرات الانتحارية ضد المدنيين الاسرائيليين ليست في صالح الفلسطينيين. وشدد موراتينوس على ان ظاهرة الانتحاريين اضرت كثيرا بمصالح الفلسطينيين وقوت ارييل شارون. ونتيجة لذلك نلاحظ ان اليمين الاسرائيلي اصبح قادرا على تبرير تدخل الجيش الاسرائيلي في كل نقطة من الارض المحتلة، يقول موراتينوس.

واسترسل موراتينوس قائلا: «الانتفاضة الفلسطينية الثانية كانت برأيي خطأ استراتيجيا من طرف الفلسطينيين، لذا علينا ان نقترح وسائل عملية وتطبيقية لانقاذ السلام في المنطقة، ولقبول مبادرات تراعي الواقع، وعندما يتم اقتراح مثل هذه المبادرات ينتفض العرب ويتحدثون عن اهانة العالم العربي، لكنهم لا يفعلون شيئا لرفع الحصار عن ياسر عرفات القابع في مبنى المقاطعة منذ سنوات. لذا اقول إن على المقاومة الفلسطينية أن تغير استراتيجيتها لتتمكن من مخاطبة المجتمع الاسرائيلي». وقال وزير الخارجية الاسباني ان هذه الاستراتيجية يجب ان تبدأ بالتوقف عن العمليات الانتحارية ضد المدنيين الاسرائيليين، مشيرا الى ان هذه العمليات تقوي اليمين الاسرائيلي. وقال اذا استمرت الاوضاع على ما هي عليه فسوف لن يكون هناك مخاطب فلسطيني في السنوات المقبلة. لذا يجب البحث عن شيء نفعله الآن وباستعجال ولو كان لا يحقق الا جزءا يسيرا من العدالة، والا سوف لن نجد في الاراضي المحتلة الا ميليشيات متطاحنة وحالة فوضى عامة تجعل من المستحيل العثور على مخاطب فلسطيني.

واوضح موراتينوس قائلا: كان البعض يشكك في ما اقول فانا اكرر القول ان الانتفاضة الفلسطينية الثانية كانت خطأ استراتيجيا. ولنتأمل الفرق بين ما كانت عليه الوضعية بالاراضي الفلسطينية قبلها وبين ما آلت اليه الأمور الآن. لا يمكن للانسان ان يفهم ذلك الا اذا سكن رام الله او القدس وعانى ما يعانيه الناس هناك، لذا فاغلبية الفلسطينيين يرفضون الهجمات الانتحارية التي يتحملون نتائجها. وبخصوص موقع اوروبا في الصراع العربي ـ الاسرائيلي والاتهامات التي توجه للاتحاد الاوروبي بشأن اتخاذ مواقف ضعيفة من الاعتداءات الاسرائيلية قال الوزير الاسباني: يمكننا ان نقول ان اوروبا ضعيفة اذا شئنا، لكن عندما كان عدد من الاوروبيين موجودين بعين المكان لحماية الشعب الفلسطيني ومباني السلطة الفلسطينية باجسادهم كانت بعض الانظمة العربية تعمل في الخفاء على اضعاف السلطة الفلسطينية، وكانت هذه الانظمة تحارب امكانية ظهور ديمقراطية وليدة لدى الفلسطينيين. في هذا الوقت كان الاتحاد الاوروبي ودوله الفاعل الوحيد في الميدان الاقتصادي والانساني في الاراضي المحتلة، وكان الدعم الاوروبي يمكن الفلسطينيين من عبور حواجز الاحتلال وتأمين حياتهم لايام او لشهور.

واضاف موراتينوس: يجب على العقلية السياسية العربية ان تتغير، واذا كانت اسرائيل هي التي تحدد الخارجية الاميركية فأنا انصح العرب بعدم الذهاب الى اميركا للتأثير في اسرائيل، بل بالعمل على احداث التغيير داخل اسرائيل، من خلال خندق السلام الاسرائيلي الذي يستطيع وحده تغيير السياسة الاميركية. على العرب اذن انتهاج اقصر الطرق لتحقيق مصالحهم، والسعي للتأثير في اسرائيل التي تتحكم في السياسة الاميركية، بكل بساطة.

بقية مداخلات الجلسة المسائية تميزت بالطابع التحليلي، وبحضور اللغة الجيوسياسية واستحضار المعطيات والارقام، وهكذا تدخل وزير الخارجية البولوني السابق ستانيسلاف بارزيمي حول «اشكالية العلاقة بين الاتحاد الاوروبي ودول حوض البحر الابيض المتوسط»، فاستعرض تأثير توسع الاتحاد شرقا في علاقته مع جيرانه. واعتبر ان هذا التوسع وان كان يعكس تغييرا جذريا في مسار اوروبا فهو لا يعني وجود رغبة لتأسيس جدران حديدية تحجب عنها دول الجنوب الممتدة من المغرب الى تركيا. اما مداخلة غوستافو دي اريتيجي الناطق الرسمي للجنة الشؤون الخارجية بمؤتمر البرلمانيين الاوروبيين فقد ركزت حول اشكالية الحدود ودورها في التحولات الاقتصادية للمنطقة. وهكذا اعتبر ان العلاقة بين الاتحاد الاوروبي ودول الجوار التي تقابله تتميز بعدم التوازن الاقتصادي الذي يعادل في هذه الحالة التناسب بين 1 و30 لان الدخل الفردي الاوروبي جد مرتفع، وامام وجود اوروبا بمحاذاة دول فقيرة فان ذلك يخلق وضعية صعبة ومشكلة حدود داخل وخارج اوروبا.

وتساءل دي أريتيجي: هل اوروبا فيدرالية أم مجرد ناد استراتيجي؟ قبل ان يضيف: «علينا أن نتعامل مع الحدود بعقلية مختلفة. نحن نحتاج حدودا مرنة ومفتوحة مع جيراننا ومع المغرب العربي بشكل خاص. لكن المشكلة الاساسية هي ان على الاتحاد الاوروبي ان يواجه مشاكل موجودة في الدول المجاورة له. وللتدليل على ذلك يمكننا التطرق لمشكلة الارهاب والتطرف الديني في الدول العربية بمجرد ان تبدأ اوروبا عملها لتوضيح صورة الاسلام والمسلمين هي الضحية الاولى للارهاب والتطرف يصبح ذلك شيئا صعب التقبل بالنسبة للمسلمين، خاصة في منطقة متفجرة كمنطقة الشرق الاوسط. وعرفت الجلسة الصباحية الاولى التي ادارها محمد بن عيسى، امين عام مؤسسة منتدى اصيلة استثناء، ترحيبا بنظيره الاسباني موراتينوس، الذي لبى دعوته، وامضى في اصيلة يومين كاملين رغم مسؤولياته، ولم يشغل موراتينوس عن متابعة جميع اطوار الندوة في الصباح والمساء، سوى هواتف مستعجلة، يختلي في زاوية من القاعة للاجابة عنها بصوت غير مسموع.

رسم بن عيسى، اطارا عاما، لموضوع الندوة التي ستضيف تصورات وافكارا للنقاش الدائر حاليا بوتيرتين مختلفتين، على ضفتي المتوسط، مذكرا بالاساس والمنطلق اي مسار برشلونة الذي سيحتفل في العام المقبل بمرور عشريته الاولى، والذي تستضيفه اسبانيا.

واستعرض بن عيسى خطوات ومراحل التأسيس وما رافقها من اتفاق واختلاف ومشجعات ومعيقات، لم تسهل كلها مهمة مسلسل برشلونة كما تطلع اليه الرواد الذين صاغوه.

وتوقف بن عيسى عند الاسباب السياسية التي عاقت الانطلاقة بالسرعة المأمولة، وفي مقدمتها الصراع العربي ـ الاسرائيلي الذي دفع دولا الى مقاطعة اجتماعات مسلسل برشلونة، الى جانب صراعات عربية ـ عربية، مثلما تعثرت مشاريع اتحادية قامت بين بعض دول جنوب المتوسط، كان مفروضا ان تكون داعمة ورافعة لمسار برشلونة، لكنها تعثرت واثرت سلبا، في اشارة الى اتحاد المغرب العربي.

وانتقل بن عيسى بعد ذلك الى بعض المشاكل الملموسة التي يختلف الطرفان (اوروبا ودول جنوب المتوسط) حول النظر اليها، ابرزها مشكلة الهجرة ووضع الجاليات المستقرة في اوروبا، كلها مشاكل زادت مسلسل برشلونة صعوبة، فضلا عن مبادرات ومحاولات ظهرت لتعزيز المسلسل، من بينها اعلان اغادير والرغبة في توسيعه ليشمل دولا اخرى مثل الجزائر ولبنان وسورية، من دون نسيان محاولات اخرى تصب في نفس الاتجاه، (5+5) واخيرا وليس آخرا مشروع الشرق الاوسط الكبير، الذي اعتبر الدول المغاربية مكونة لما اسماه «المغرب الاوسط».

وفي الجانب الاوروبي، برزت لغة جديدة عن الجوار والأمن، وكمثال على هذا التحول فان مؤتمر اسطنبول لم يدع وزراء خارجية الدول المحاذية للبحر المتوسط، مما يدل على ان منظور اوروبا ليس منسجما ولا موحدا، نتيجة عوامل التنافس والخلاف بين الدول الاوروبية التي انتقل عددها من 15 الى 25، مما ساهم في تباين وجهات النظر والمواقف حيال دول جنوب المتوسط، التي حركت ردود فعل في هذه الاخيرة عبرت عنها مختلف الفعاليات الرسمية وكذا المنتمية الى المجتمع المدني التي ساورتها مشاعر انها متلقية من مانح، لكن شعورا يوضح بن عيسى، ناتج عن حصيلة تراكمات وعلاقات تاريخية ومشاكل وصعاب بالنسبة للجانبين.

وربط بن عيسى في مداخلته انعقاد الندوة الحالية بقرب موعد الذكرى العاشرة لانطلاق مسلسل برشلونة، ملاحظا ان تقييم العشرية المنصرمة سيكون مقصورا على الدول الاوروبية الخمس عشرة المؤسسة، من المفترض ان يشمل كافة الابعاد والجوانب بما فيها البشرية والانسانية التقليدية او الطارئة مثل ظاهرة الارهاب والمواجهات بين الاديان والتصادم الثقافي والسلوكات العنصرية.

وخلص بن عيسى في خاتمة عرضه التمهيدي الى القول «لا يمكن الحديث عن شراكة كاملة في غياب الانسان. كان مطلبنا الدائم الاهتمام بقضاياه وعدم الاكتفاء بالنظرة الأمنية»، علما بان معطى جديدا، سماه بن عيسى، القاسم السلبي المشترك، ويقصد به الارهاب، سيدفع الدول المعنية الى التعاون اكثر في ما بينها. وبعد ان اثنى موراتينوس، الذي اثر الحديث بالفرنسية التي تكلمها بطلاقة، على مبادرة موسم اصيلة، لان النقاش وتبادل الافكار ضروري بعد ان توسع الاتحاد الاوروبي بعودة عشر دول الى حضنه، تتويجا لتصالح تاريخي تحقق بعد تحطيم جدار برلين.

وتوقف رئيس الدبلوماسية الاسبانية عند الجدل والنقاش الذي رافق توسع اوروبا، مبرزا ان قرارات المستقبل ستكون حاسمة بخصوص علاقة الاتحاد مع دول جنوب المتوسط ومنها الدول العربية، لذلك يجب التركيز في النقاش الدائر على معنى التوسع، مذكرا بمواقف اسبانيا التي اعربت عن انتقادات بذلك الخصوص، مع انها (اسبانيا) كانت دائما الى جانب فكرة التوسع، وهي شاعرة الآن باهمية انجاح مسار برشلونة وايجاد رغبة سياسية جديدة حتى على مستوى البلدان العشر الجديدة للسير في ذات الاتجاه، لا سيما انها اصبحت مستفيدة من كل المزايا المطبقة في الدول التي انضمت قبلها للاتحاد.

واعترف موراتينوس بوجود مجالات لا تزال غامضة ولا بد من توضيحها، مثلما توجد افاق جديدة تنفتح امام الدول التي تتعامل مع الاتحاد الاوروبي، الذي اصبح سوقا هائلة، قوامها 450 مليون نسمة، تمثل 25% من الثروة العالمية و27.5% من ساكنة الكرة الارضية. وقال انها فرصة هائلة لتطوير العلاقات الاقتصادية البينية، وسيتيح المجال الجغرافي الجديد للاتحاد الاوروبي ان يجدد شراكته مع دول الجنوب بصفة عامة، خاصة ان اوروبا ماضية في سياسة تحرير المبادلات في افق التبادل الحر عام 2010 .

واكد موراتينوس ان المسؤولين السياسيين في اوروبا راغبون في اقامة سياسة الجوار، وانطلاقا من ذلك يجب دراسة الامكانيات المتوفرة للسياسة الاوروبية بصدد الجوار، مع الاشارة الى ان هناك دولا تفضل التعامل مع دول بعيدة مثل مولدافيا لكن موراتينوس موقن ان الرهان الكبير للاتحاد الاوروبي هو دول الجنوب كتعبير عن العلاقات الأمنية والثقافية يعني اسبانيا في المقام الاول، ومن واجبنا تبعا لذلك النهوض بما اسماه المقاربة الثورية وطرح تساؤلات عن المستقبل، والمنتدى الحالي يتيح الفرصة لقول الحقيقة، ولا بد من التخلي عن لغة متحفظة في نقاشاتنا.

وجدد موراتينوس عزم اسبانيا على مراجعة كل ما تحقق حتى الآن في الاتحاد الاوروبي، مشيرا الى المجادلات الخجولة في الماضي للالتفات الى دول جنوب المتوسط، ذاكراً المبادرة المشتركة التي اتفق عليها رئيس وزراء اسبانيا الاسبق فيلبي غونتالث، ومستشار المانيا السابق هيلموت كول والرئيس الفرنسي جاك شيراك، الذين اتفقوا على آليات لتنشيط اقتصاد الدول المتوسطية، لكن المبادرة لم تحظ بتشجيع كل الدول الـ15، وظهرت مشاريع محتشمة مثل برنامج MEDA.

وصاغ وزير خارجية اسبانيا مجموعة تساؤلات من قبيل ماذا تنتظر البلدان العربية وشمال افريقيا من الاتحاد الاوروبي؟ هل هم مواطنون مهددون له أم مندمجون في فضاءاته السياسية والاقتصادية؟ وهل يعامل العربي كشخص مُريب؟

ومن جهته، قال عبد العزيز بلخادم، وزير خارجية الجزائر، الذي غاب عن ندوة اصيلة وحضرت ورقة عمل بعثها الى القائمين عليها، «ان الاشكالية المعروضة علينا اليوم والتي سبق للمغرب ان طرحها من خلال طلبات الانضمام تخص مصير التعاون مع الاتحاد الاوروبي على المدى الطويل بعد دورات التوسع المقبلة، هي حسب رأيي كالآتي: هل يمكن في يوم ما للبلدان المغاربية بصفة خاصة، ممن تبدي رغبتها في ان تقبل كمرشحة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي؟ وهل في نية هذا الاتحاد ان يضم اليه شعوبا ودولا غير اوروبية؟».

ورد بلخادم على تساؤله قائلا: «في هذه المرحلة، فان مضامين الجواب لا يمكن الا ان تكون افتراضية وقد يصدق هذا عندما يكتسي هذا السؤال وجاهة في العشريتين المقبلتين، اذ ان العوامل الجيوسياسية التي ستؤثر حينذاك في الحوار، ستكون بالتأكيد مغايرة للعوامل التي كانت سببا في التحولات السياسية الراهنة. الا ان هناك بعض العوامل التي قد تساهم في اعطاء تصور اولي والتي تحتاج الى دراسة تمهيدية».

مشيرا الى ان اول تعليق برد الاتحاد الاوروبي الذي سيمنحه لتركيا لمباشرة مفاوضات من اجل انضمامها الذي تقدمت به سنة 1987.

وقال «لا يسعنا في هذا الشأن الا ان نسجل ان تركيا الحليفة بمناهضتنا للشيوعية ظلت تنتظر جوابا في حين نرى ان الخصوم الاستراتيجيين بالامس اي بلدان الستار الحديدي قد التحقوا بسرعة بالمجموعة الاوروبية الغربية محدثين بذلك حدودا شاملة جديدة في اوروبا مع روسيا على وجه الخصوص».

واضاف ان درجة التوافق مع قيم ومقاييس الاتحاد الاوروبي كانت ضعيفة نسبيا الى ان قررت تركيا الاسراع في وتيرة التحولات الداخلية خلال السنوات الاخيرة والاستجابة لبعض الشروط السياسية المسبقة، خاصة المتعلقة بحقوق الانسان والديمقراطية وقضية الاكراد، الوضع في قبرص وعلاقاتها مع اليونان وكذا التحولات الاقتصادية. مع العلم ان تركيا قد ابرمت اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي سنة 1963 وهي ضمن الوحدة الجمركية منذ 1995 .

ان مسألة انضمام تركيا من عدمه قد تمت مناقشتها من قبل بعض البلدان الاوروبية اثناء حملة انتخابات البرلمان الاوروبي حيث تم اتخاذ مواقف حازمة هنا وهناك في اوروبا. وفضلا عن المعايير التي يتم استيفاؤها بطلب من اللجنة، فان القرار الذي يتخذه المجلس الاوروبي سيكون قرارا سياسيا صرفا اذ ان المجلس سيبت فيه بالاجماع التوافقي.

واوضح بلخادم ان القرار الذي سيتخذ سيكون بمثابة رسالة لبلدان جنوب البحر الابيض المتوسط التي تبدي رغبتها في الحذو حذو تركيا مستقبلا. وطرح بلخادم اسئلة اخرى هي: «هل يكون الاتحاد الاوروبي مستعدا يوما ما للتوسع الى الشرق الاوسط وهل سيكون من مصلحته ان يستورد الاضطرابات وعدم الاستقرار الذي سيحدثه هذا البلد؟ ومن جهتها هل تقبل اسرائيل ان تتخلى عن قيمها في سبيل مكتسبات المجموعة التي لا تتوافق اساسا مع السياسات التمييزية الداخلية والتطرف الديني الذي يقود سياسة اسرائيل الداخلية والخارجية؟ ولا المغاربيين في الفضاء المغاربي وتكرس حق الاقامة والاستيطان وتصور فضاء مشترك للعدالة والشؤون الداخلية وترقية ربط الشبكات الكهربائية وتنمية شبكة الطرق البرية والسكك الحديدية وكذا المواصلات البحرية المفقودة حاليا، واقامة شبكة للجامعات والاستثمار المشترك في مجال المعرفة.

واختتم بلخادم مداخلته قائلا: «يتعلق الامر بتطوير سياسات مشتركة بطريقة براغماتية وبتقريب المسائل التشريعية في مجالات مثل حماية المستهلكين والشهادات الجامعية والتخصصات المهنية. ولهذه الغاية، يمكن للبلدان المغاربية ان تعتمد على هيئات التسيير المشتركة لهذه السياسات ضمن علاقة تعاون مدعمة بمجموعة من المؤسسات بطريقة تسمح بالتقريب من النموذج الاوروبي، ولم لا التفكير في اطار مؤسساتي خاص مع الاتحاد الاوروبي كما تسمح به معاهدة إقامة دستور لأوروبا».