مسؤولون أميركيون: معلومات عمليات المراقبة التي أجرتها «القاعدة» للمؤسسات المالية المستهدفة في واشنطن ونيويورك قديمة وأجريت قبل 11 سبتمبر

TT

ذكر العديد من المسؤولين الاستخباريين وفي وكالات تطبيق القانون الاميركية ان معظم عمليات مراقبة «القاعدة» لخمس مؤسسات مالية التي ادت الى رفع درجة التحذير من عمل ارهابي يوم الاحد، جرت قبل احداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001، في الوقت الذي تبين فيه ان السلطات غير متأكدة مما اذا كانت المراقبة مستمرة ام لا.

وقال اكثر من 6 من المسؤولين الحكوميين الذين اجريت مقابلات معهم بالامس، والذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لوجود معلومات سرية في هذا الموضوع، ان معظم، ان لم يكن كل، المعلومات بخصوص المباني الذي حصلت عليها السلطات الباكستانية في غارات في الاسبوع الماضي يصل عمرها الى ثلاث سنوات، وربما اقدم من ذلك.

وقال مسؤول كبير في وكالة تطبيق قانون «لا يوجد شيء نسمع عنه الآن جديد. لماذا وصلنا الى هذه الدرجة من التحذير... لا اعرف».

واشار مسؤول استخباري كبير الى ان معلومة حول واحد من المباني، رفض مسؤولون استخباريون الكشف عنه، تم تجديدها في ملف كومبيوتر في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي. ولكن المسؤولين لم يتمكنوا من القول ما اذا كانت تلك المعلومات نتيجة لمراقبة ناشطة من قبل «القاعدة» او جاءت من معلومات متوفرة علنية عن تلك المباني.

ولكن مسؤولة أميركية كبيرة قالت أمس ان المعلومات ما زال يعتد بها.

وعندما سئلت فران تاونسند، مستشارة الامن الداخلي في البيت الابيض، في مقابلة تلفزيونية صباح أمس عما اذا كانت المعلومات التي تم الحصول عليها منذ اكثر من ثلاث سنوات اصبحت لا يعتد بها، اجابت ان الامر ليس كذلك.

وقالت تاونسند ان «القاعدة» جمعت معلومات عن مباني المؤسسات المالية الرئيسية في الولايات المتحدة عامي 2000 و2001 ولكن هذه المعلومات تم تحديثها منذ مدة قريبة تصل الى يناير (كانون الثاني) من العام الحالي.

وقالت تاونسند في برنامج «صباح الخير يا أميركا» الذي تبثه شبكة «ايه.بي.سي»، مشيرة الى هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 «ما علمناه عن هجمات 11 سبتمبر هو انهم قاموا بالتخطيط لها قبل سنوات من تنفيذ الهجوم».

غير ان العديد من المسؤولين في الادارة اكدوا انه حتي المعلومات الاستخبارية التي يصل عمرها الى ثلاث سنوات، عندما تتم اضافتها الى معلومات اخرى حول خطط «القاعدة» لمهاجمة الولايات المتحدة، تبرر رد الفعل الامني الهائل في المدن الثلاث. وكان قد تم تكليف الشرطة ومجموعات امنية تقديم حماية اضافية لتلك المباني، التي تم تحديدها بمقر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، وسوق الاوراق المالية في نيويورك، ومركز ستي غروب في نيويورك ومقر شركة «برودنشيال فاينانشال» في نيور آرك.

وذكر مسؤولون استخباريون ان المعلومات التفصيلية حول المراقبة - التي تشمل حركة عبور المشاة وملاحظات حول نوعية المتفجرات التي يمكن استخدامها بأفضل طريقة ضد كل هدف - تم تقييمها في ضوء تقارير المعلومات الاستخبارية التي تلقوها هذا الصيف وتشير الى ان «القاعدة» تأمل في ضرب هدف اميركي قبل الانتخابات الاميركية.

بينما ذكر عدد آخر من المسؤولين ان معظم المعلومات التي تم تجميعها من قبل الارهابيين حول المباني في واشنطن ونيويورك ونيو آرك تم الحصول عليها عبر شبكة الإنترنت او غيرها من «المصادر المفتوحة» المتوفرة للجميع، بما في ذلك خريطة الطوابق.

ويلقي عمر المواد الاستخبارية ضوء جديدا على بيان توم ريدج وزير الامن الداخلي يوم الاحد الماضي، الذي اعلن فيه رفع درجة التأهب بخصوص التهديدات الارهابية في المدن الثلاث. واكد ريدج وغيره من المسؤولين، على ضرورة الاسراع بإتخاذ اجراءات بخصوص المعلومات الجديدة، ولكن العديد من المسؤولين اوضحوا يوم الاحد الماضي، مدى قدم بعض المعلومات الاستخبارية. وذكر مسؤول استخباري ان المعلومات لا تزال تخضع للتقييم.

وقد اشير الى عدد آخر من المباني في ملفات الكومبيوتر، ولكن بطريقة غامضة، ولذلك قرر المسؤولون عدم اصدار تحذيرات بخصوصها، طبقا لمعلومات ذكرها مسؤول استخباري. وتشمل تلك المباني كلا من مبنى بنك «اوف اميركا» في سان فرانسيسكو، ومقر سوق الاوراق المالية الاميركية و «ناسداك» في نيويورك، بالاضافة الى موقعين آخرين في تلك المدينة، ومبنى لم يشر اليه في واشنطن وآخر في نيوي جيرسي.

واوضح مسؤول «لقد اخترنا عدم الكشف عن اسماء تلك المباني لانها لم تكن قريبة من مستوى الخطر مثل المباني الاخرى».

يذكر ان معظم المعلومات حول المباني المستهدفة متضمنة في كومبيوتر متنقل واقراص كومبيوتر تم الحصول عليها خلال غارات جرت أخيرا في باكستان. وقال مسؤول استخباري كبير ان الاشياء التي صادروها تحتوي على 500 صورة، رسم تخطيطية ورسومات بعضها رقمي.

وذكر مسؤولان استخباريان تحدثا مع الصحافيين يوم الاحد الماضي ان المعلومات تظهر ان نشطاء «القاعدة» قد أجروا عمليات استطلاع حول المباني قبل وبعد هجمات 11 سبتمبر. وقال مسؤول يوم الاحد «اعتقد ان كل الاشارات تشير الى ان ذلك كان جهدا طويل الماضي من جانب «القاعدة»، وانها ترجع الى ما قبل احداث 11 سبتمبر واستمرت بعدها، واعتمادا على ما نشعر بالقلق تجاهه فنحن نعلم عنه في اطار خطط «القاعد» ونوايها انه ربما يكون مستمرا حتى اليوم».

واوضح مسؤول في اطار الحديث عن المباني الخمسة «اعتقد انه منذ هجمات 11 سبتمبر تمكنوا من الحصول على معلومات اضافية عن تلك المباني هنا في الولايات المتحدة. نعم انا متأكد».

غير ان عددا من المسؤولين ذكروا ان معظم المعلومات تم تجميعها قبل هجمات 11 سبتمبر، وتشككوا بخصوص عمر هذه المعلومات الموجودة في ملفات غير مؤرخة. وقال مسؤول كبير في قطاع مكافحة الارهاب ان العديد من الوثائق تحتوي على تواريخ قبل 11 سبتمبر 2001، ولكن ليست هناك وثائق تحمل تواريخ عقب ذلك.

واضاف ذلك المسؤول «معظم المعلومات قديمة للغاية ولكن من الواضح وجود اهداف محددة، قد دفعها ذلك الى السطح. فمؤتمر الحزب الجمهوري على الابواب، والدورة الاولمبية والانتخابات.. وأعتقد ان ذلك ادى الى شعور بضرورة التزام جانب الحذر حتى اذا لم يكن واضحا ان ايا من المعلومات جديد».

وقال أحد مصادر تطبيق القانون أن ما فهمه من استعراضه للتقارير هو أن المادة سابقة لهجمات 11 سبتمبر، وتحوي صورا يمكن الحصول عليها من كتيبات وصور حقيقية. وهناك أيضا رسومات داخلية متاحة للجمهور. وركز مسؤولون آخرون على أنه مهما كان قدم هذه المعلومات التي جمعتها «القاعدة»، فإنها جديدة بالنسبة لأجهزة المراقبة وأنها تكاد تكون بلا سابق في عمق التفاصيل التي احتوت عليها. وقال أحد المسؤولين: «كل هذه المعلومات كانت جديدة بالنسبة لنا».

وفي اجتماع وكالة الاستخبارات المركزية اليومي، في الخامسة مساء، نوقشت يوم الخميس المعلومات التفصيلية الأولى حول مراقبة «القاعدة» للمؤسسات المالية الخمس، من قبل كبار موظفي «السي آي إي» ومكتب التحقيقات الفيدرالي وبعض المسؤولين العسكريين. وقد قرروا إطلاق حملات عديدة على النطاق العالمي، ومن ضمنها تخصيص عدد أكبر من عناصر تطبيق القانون لترابط حول المؤسسات الخمس. وقال مسؤول استخباري كبير أن ترجمة المواد الموجودة على الأجهزة الكومبيوترية قد بدأت في الوصول يوم الجمعة. وأضاف قائلا: «ظللنا نحلل هذه المعلومات لوقت متأخر من الليل وحتى الصباح. وكانت أمامنا معلومات دقيقة وعالية المصداقية وعندما قارناها بجو المخاطر الذي نعيشه حاليا، قررنا أن نذيعها على الناس».

واسترسل المسؤول ليقول: «لم يكن واضحا ما إذا كان المخطط مستمرا وفاعلا. ربما وضع لينفذ يوم غد، وربما يكون قد تخلي عنه كليا. وربما تكون هناك نسخ أخرى منه أكثر تقدما.

في البداية قرر كبار المسؤولين في الإدارة الانتظار حتى يوم اول من امس لإعلان الخطر، ولكن كانت المعلومات الاستخبارية تنهمر، سواء كانت الترجمات للوثائق القديمة أو المعلومات التي تجيء من مصادر أخرى، مما جعلهم يتحركون بسرعة لأنهم شعروا بأن هناك خطر داهم في انتظارهم.

يوم السبت وافق مسؤولون من «السي آي إيه»، و «الإف بي آي»، وشعبة الامن الداخلي ووزارة العدل والبيت الابيض وغير ذلك من الوكالات، على وضع المؤسسات المالية بنيويورك وواشطن ونيوجيرسي، تحت علامة الخطر الصفراء، أو علامة الخطر العالي. وقد قدم توم ريدج الاقتراح لبوش صباح الأحد ووافق عليه في تمام العاشرة صباحا.

وفي نيويورك توقفت الحركة عند الجسور والأنفاق يوم الاثنين، وقامت قوات الشرطة وهي تحمل الرشاشات بتفتيش السيارات، بينما حلقت الطائرات التابعة للشرطة مغطية عنان السماء. وفي هذه الأثناء كان الموظفون بالشركات المختلفة، وهم يقفون في صفوف طويلة، مبرزين هوياتهم، وعارضين حقائبهم للتفتيش. وفي مانهاتن السفلى نصبت الحواجز وأغلقت الشوارع الجانبية. وفي مطار نيو ارك نصب المسؤولون الحواجز الخرسانية حول مبنى «برودنشيال» الذي يتكون من 24 طابقا حيث يعمل حوالي 1000 موظف هناك. قالت المحللة تريسي سويستاك، 27 سنة:

«أنا قلقة نوعا ما. ولكن سلطات مبنى برودنشيال تعمل كل ما في وسعها لضمان سلامتنا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»