الحكومة الشيشانية بين «علي» و«ألو» والمقاتلون بين «مسعدوف» و«مسخادوف»

TT

يقف الناخبون في الشيشان حيارى أمام مشكلة كتابة ونطق الأسماء والألقاب التي ثمة من يحاول إعادتها إلى أصولها العربية الإسلامية في الوقت الذي يتمسك فيه البعض بالطريقة التقليدية التي تعود في أساسها إلى تاريخ الامبراطورية الروسية.

وقد ظهرت هذه المشكلة في أعقاب إعلان ترشيح وزير الداخلية الشيشانية، علي الخانوف، لمنصب الرئيس في الانتخابات المرتقبة في نهاية اغسطس (آب) المقبل. فمن المعروف ان الخانوف ينادونه في الشيشان بـ«ألو» في الوقت الذي تسجل هويته الشخصية اسم «ألي» أو «علي» العربية نظرا لعدم وجود حرف العين في اللغتين الروسية والشيشانية.

وبهذا الصدد قال بويصري عرساخانوف، نائب رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات، إن اسم الخانوف سيسجل في القوائم الانتخابية «ألي» أو «علي»، في الوقت الذي تناديه الملصقات الدعائية الانتخابية «ألو»! وقال عبد القادر اسرائيلوف، رئيس أركان الحملة الانتخابية، لألخانوف ان كل الاسماء: ألي أو ايلا أو إلي مشتقة من الاسم العربي علي. وقال ان علي ألخانوف ولد في احدى القري القزقية التي جرى تهجير بعض الشيشان إليها في إطار حملة التهجير القسرية الستالينية لبعض شعوب شمال القوقاز في مطلع سنوات الحرب العالمية الثانية بسبب اتهامها بالتواطؤ مع الالمان النازيين. ولذا لم يكن من الطبيعي ان يشغل أحد نفسه في التفكير في هذه التفاصيل.

ونذكر أننا توقفنا خلال إحدى رحلاتنا إلى الشيشان في اعقاب انتهاء الحرب الشيشانية الأولى في بيت شقيقة القائد الميداني رئيس الشيشان الاسبق أصلان مسعدوف في بلدة بيرفومايسكويه في ضواحي غروزني. وهناك، بينما كنا في انتظار قدوم الرئيس الشيشاني، تبادلنا أطراف الحديث مع مائيربكوف سكرتيره الصحافي حول اصل اللقب «مسعدوف» الذي تتناقله كل وكالات الانباء العالمية والعربية مسخادوف. وبعد نقاش لم يستمر طويلا شارك فيه بعض أهل البيت، توصلنا إلى الاسم الأصلي وهو «مُسعد» الذي ينطقه أهل الشيشان «مُسحد» نظرا لعجزهم عن نطق حرف العين. ولذا فقد اصبح اللقب هو «مسحدوف» نظرا لأن الألقاب كانت في الامبراطورية الروسية وبموجب مرسوم إمبراطوري يعود تاريخه إلى عصر بطرس الاعظم في مطلع القرن السابع عشر حول إضافة الزائدة «وف» أو «يف» للقب تمييزا عن اسم الأب الذي يضاف إلى نهايته «فيتش». وهذا على ان تكون صيغة المناداة الرسمية هي الاسم مقرونا باسم الأب.

ولما كانت اللغة الروسية تفتقر أيضا إلى حرف الحاء، فقد تحول إلى الخاء ليصبح مسحدوف او مسحودوف الى «مسخدوف» الذي صار ينطق لاحقا مسخادوف. والغريب ان أصحاب الشأن يبدون حيارى أمام موضوع إعادة اسمائهم وألقابهم إلى أصولها مثل آخرين في العديد من الجمهوريات ذات الهوية الاسلامية في القوقاز وآسيا الوسطى. ونمضي في ذات الطريق لنشير إلى الجدل الذي طالما احتدم على صفحات «الشرق الاوسط» حول حقيقة لقب الزعيم الشيشاني ـ الروسي روسلان حسب اللاتوف، رئيس السوفيات الاعلى لروسيا الاتحادية السابق، الذي بلغت به خصومته مع الرئيس السابق بوريس يلتسين حد قصف مقر البرلمان بالدبابات وايداعه السجن.

فقد جنح البعض نحو تبني «خاص بولادوف» لقبا لحسب اللاتوف، وتفسير ذلك بأنه لقب تركي يعني «الفولاذ الخالص» وهو ما درجت الصحيفة على كتابته هكذا على مدى اشهر طوال احتكمنا خلالها إلى صاحب الشأن الذي افصح عن فخره بنسب لقبه إلى الله وانه «حسب الله» التي اضيفت اليها الزائدة «وف» على اعتبار ان الحرف الاخير من اللقب «ت» وليس «ه». وحين أصر البعض على عدم الاعتراف برغبته حرصنا في زيارة إلى لندن على اصطحابه إلى مقر الصحيفة ولقاء الزملاء الذين واجههم بحقيقة لقبه.

أما الزعيم الاذربيجاني الراحل حيدر علي فقد درجت الصحافة الروسية والاذربيجانية أيضا ـ بوصفها «سوفياتية التوجه» على تسميته جايدار علييف باضافة زائدة اللقب الروسية «يف» (بدلا من «وف» بسبب ان الحرف الاخير «ي» غير ساكن) إلى علي. وقد تناقلت الصحافة العربية ذلك من خلال تعريب الاسم وترك اللقب بزائدته السوفياتية فأصبح حيدر علييف. وهذا في الوقت الذي اصرت فيه على ترك نفس الاسم «حيدر» على طريقته الروسية «جايدار» في ما يتعلق بلقب رئيس الحكومة الروسية الاسبق يغور جايدار.

ولعل الكثيرين يدركون مدى فداحة الخطأ الشائع الذي أصاب نقل اسم الاديب العالمي الذائع الصيت، ليف تولستوي، الذي وقع مترجمه في خطأ ترجمة الاسم وليس نقله على اساس ان الاسماء لا تترجم. فكلمة ليف تعني بالروسية «الاسد» وهو ما جعل مترجمه إلى الانجليزية ينقله «ليون» بينما وقع مترجمه إلى الفرنسية في ذات الشرك ليصبح الاسم «ليو».