وزير الثقافة العراقي يندد بـ«الأعمال التخريبية المتعمدة» للقوات الأميركية في بابل

مفيد الجزائري: شركة إنشاءات تقوم بأعمال مريبة داخل المدينة الآثارية

TT

اعتبر وزير الثقافة العراقي مفيد الجزائري الاعمال التي تقوم بها قوة أميركية تتخذ من مدينة بابل التاريخية معسكرا بانها «تخريبية وتسيء الى وضع المدينة الاثارية».

وتتخذ قوة (ألفا) التابعة للقوات الاميركية من مدينة بابل التاريخية معسكرا لها منذ دخول القوات الاميركية الى العراق. وكانت«الشرق الاوسط» قد أثارت في وقت سابق موضوع وجود هذه القوات في موقع آثاري مهم دوليا، كما كان الحاكم المدني الاميركي السابق بول بريمر قد أوصى قبل انتهاء مهامه في الثامن والعشرين من يونيو (حزيران) الماضي بضرورة سحب هذه القوات من مدينة بابل التاريخية وإيقاف اعمال شركة اميركية إنشائية في داخل المدينة «الا ان توجيهاته وأوامره لم تنفذ كون الموضوع بيد القيادة العسكرية» حسب ما أفاد الجزائري.

وقال الجزائري في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد أول من أمس «نحن قلقون مما يجري من اعمال إنشائية في داخل المدينة التاريخية سواء كانت بناء او حفرا او تغييرا لمعالم المدينة، ونعتبر ذلك تخريبا متعمدا لآثار بابل لا سيما وان المعلومات المتوفرة لدينا تؤكد سقوط بعض الاسوار وسقف في قصر الملك نبوخذنصر الذي بنى وعمر بابل بعد الملك حمورابي».

وشكا الجزائري من مشكلة عدم السماح لأي شخص بالوصول الى المواقع التي تعسكر فيها القوات الاميركية داخل المدينة التاريخية وقال «للوزارة مكتب داخل مدينة بابل الآثارية وكان عدد من الموظفين يعملون فيه قبل دخول القوات الاميركية، والآن سمحوا لبعض الموظفين بالعمل في المكتب لكنهم حددوا حركتهم وقيدوهم بما لا يسمح لهم بالوصول الى الموقع العسكري، وبالتالي فنحن لا نعرف بدقة حجم الدمار الذي تخلفه اعمالهم في الموقع الآثاري».

وأشار الى ان «مديرية الاثار في محافظة بابل كانت قد زارت الموقع مع ممثلين عن القوات الاميركية للإطلاع على حجم الخراب لكنها لم تتمكن من الوصول الى داخل المعسكر الاميركي، وبالتالي فنحن لا نستطيع تقدير حجم الخراب بدقة»، وقال «نحن نعتبر أي اعمال بناء او حفر هي اعمال تخريبية وتساهم في تشويه الموقع وتغيير معالمه».

واستبعد الجزائري ان تكون هناك اعمال سرقة منظمة للاثار «اذ من السهل اليوم الكشف عن مثل هذه العمليات ولا يمكن التستر عليها ولكن ربما يقوم بعض الجنود بسرقة بعض القطع الآثارية الصغيرة وحملها بجيوبهم الى خارج الموقع»، مضيفا «في الحقيقة نحن لا ندري ماذا يجري هناك وهذه مسألة خطيرة للغاية».

وكشف وزير الثقافة العراقي عن عمليات تخريب وسرقة لمواقع آثارية أخرى في العراق وخاصة موقع أور الآثاري في محافظة ذي قار، وقال «الإشكال الذي يواجهنا في المواقع الاثارية في محافظة ذي قار ونينوى انها افتقدت الحماية وأصبحت عرضة للتخريب والسرقة من قبل عصابات سرقة الآثار المنظمة وتهريبها والمتاجرة فيها». وأشار الى ان غالبية المواقع الآثارية في العراق افتقدت للحماية وبالتالي تعرضت للنهب «وهذا ما يشغل بالنا حول المواقع الآثارية في ذي قار والقادسية والمثنى وبدرجة اقل نينوى».

وأوضح الجزائري ان وزارته تعمل الآن على «تشكيل قوة حماية مسلحة للمواقع الاثارية وتابعة لمديرية الآثار والتراث وقد هيأنا المئات من العناصر العاملين في هذا المجال ونحن في انتظار تهيئة وسائط النقل والاتصالات والاسلحة حتى يباشروا عملهم ويحموا المواقع الآثارية ويقطعوا دابر النهب».

وقال الجزائري ان الاثار العراقية المسروقة تسربت وتتسرب الى جميع الدول المجاورة حيث يستطيع المهرب نقلها والحدود مفتوحة امامهم، وقال «لمسنا تعاونا من بعض الدول لكشفها عن عصابات السرقة والتهريب واحتفاظها بالقطع الآثارية المسروقة لإعادتها الى العراق وخاصة الأردن حيث اخبرتنا الجهات المختصة هناك ان لديهم اكثر من الف قطعة آثارية، وفي سورية توجد حوالي 200 قطعة، وكذلك هناك قطع آثارية في السعودية والكويت وتركيا ونحن لسنا على عجلة لاستعادتها الان ونحتفظ بالتفاصيل لنعيدها في أي وقت». وأضاف «نتوقع ان تكون هناك قطع كثيرة في ايران وهناك قطع آثارية في بريطانيا وغيرها من الدول الاوروبية وحكومات هذه الدول على استعداد لاعادة هذه الآثار الى العراق». وأشاد الجزائري بتعاون الشرطة الدولية (الإنتربول) في مجال تعقب اللصوص واسترجاع الاثار المسروقة».