«القاعدة » خططت لهجوم على مطار هيثرو في لندن

اسكوتلنديارد تواصل استجواب «بلال» رجل ابن لادن في بريطانيا .. وخان المعتقل في باكستان زار لندن ست مرات للترتيب لعمليات إرهابية

TT

فيما واصل المحققون البريطانيون امس استجواب 12 رجلا اعتقلوا في سلسلة من المداهمات عبر انجلترا بتهمة تورطهم في الانتساب لجماعات إرهابية متشددة، ذات صلات مع «القاعدة» التي يتزعمها اسامة بن لادن، تكشفت معلومات جديدة نقلا عن مصادر الاجهزة الامنية البريطانية بخصوص شخصية «بلال» زعيم «القاعدة» في بريطانيا الباكستاني الاصل والذي يستجوب حاليا في مركز شرطة بادنجتون غرين بوسط لندن. واكدت مصادر الشرطة البريطانية امس أن حملة الاعتقالات التي شملت الـ 12 شخصا مرتبطة باعتقال محمد نعيم خان المكنى بـ« ابو طلحة» الذي اعتقلته السلطات الباكستانية في الأسبوع الماضي، وهو خبير في مهمات الكومبيوتر، وقالت المعلومات إنه زار بريطانيا ست مرات في وقت سابق في السنوات الاخيرة للترتيب لهجمات تشن على المطارات البريطانية منها غاتويك ومانشستر وبرمنجهام، وأنه أجرى اتصالات مع شخصيات من تنظيم «القاعدة» بشأن الهجوم على مطار هيثرو نهاية الشهر الجاري. وقالت المصادر البريطانية إن خططا لتنفيذ عمليات إرهابية وجدت على جهاز الكومبيوتر الخاص بنعيم نور خان مهندس اتصالات «القاعدة»، 25 عاما ، وهو مهندس كومبيوتر اعتقلته المخابرات الباكستانية في 13 يوليو (تموز) الماضي من بينها صور لمطار هيثرو. واشارت الى ان زعيم «القاعدة» في بريطانيا يستخدم عدة كنيات منها «بلال» و«ابو موسى الهندي» و«ابو عيسى الهندي». واشارت المصادر المطلعة في لندن ان قيادي «القاعدة» نعيم نور خان كشف للمحققين الباكستانيين ان خطة مهاجمة مطار هيثرو النهائية كانت قد ارسلت الى «بلال» للترتيب لتنفيذها.

ويعتقد مسؤولون أن نعيم نور خان ربما يكون مسؤولا عن اتصالات تنظيم «القاعدة» عبر الرسائل الإلكترونية.

ومن جهتها أكدت صحيفة «التايمز» اللندنية امس ان الشرطة البريطانية اعتقلت ناشطا في تنظيم «القاعدة» في بريطانيا للاشتباه بانه وصل الى المرحلة النهائية من اعداد اعتداء ارهابي في مطار هيثرو اللندني. وقالت الصحيفة ان المشتبه فيه اعتقل بعد معلومات قدمتها اجهزة المخابرات الباكستانية ومفادها ان الرجل الذي يعتبر بمثابة المسؤول عن عمليات «القاعدة» في بريطانيا، يتلقى اوامره مباشرة من بن لادن. وذكر مسؤولون باكستانيون ان تفاصيل تتعلق بالاعتداء على مطار هيثرو وجدت في كومبيوتر أحد ناشطي «القاعدة» كان اعتقل الشهر الماضي في باكستان وكان عمله يقتصر على ارسال رسائل مشفرة الى عملاء تنظيم بن لادن. ونقلت الصحف البريطانية امس عن مسؤول باكستاني قوله ان المشتبه فيه «كان يعد هجوما في بريطانيا وان اعتقاله يثبت ان المعلومات التي حصلت عليها اجهزة المخابرات من ناشطين في تنظيم القاعدة هنا (في باكستان) قد اثمرت». واضافت ان الشرطة لم تكن تريد الافصاح عن ان هذا المشتبه فيه كان بين الاشخاص الـ 12 الذين اعتقلوا الثلاثاء الماضي خلال عملية واسعة جرت في لندن وفي مدن بريطانية اخرى بموجب قانون مكافحة الارهاب الصادر عام 2000. ورفضت شرطة اسكوتلنديارد التعليق على المعلومات.

وذكرت صحيفة «الصن» في عددها امس ان خان قدم الى بريطانيا ست مرات على الاقل خلال السنوات الماضية وانه هو الذي كشف ان زعيم «القاعدة» في بريطانيا يعرف بلقب «بلال».

واوضحت «التايمز» ان المسؤولين اشاروا الى كون خان كان على «اتصال مباشر» مع بلال في المهمة التي كانت ستنفذ في هيثرو ولكن بلال وحده يعرف هوية الاشخاص الاخرين الموجودين في بريطانيا والذين كانوا سيشاركون في عملية هيثرو. واضافت ان مصادرها لدى اجهزة الاستخبارات الباكستانية لم تشأ الكشف عن تفاصيل تتعلق بالتاريخ المقرر لشن الاعتداء على مطار هيثرو ولا حول الطريقة التي كانت ستتبع.

ولم ينقل أي من تقارير الصحف عن مصدر بعينه بالاسم واختلفت جميعها اختلافا جوهريا في التفاصيل الا أن غالبيتها يربط الاعتقالات في لندن بعمليات الاعتقال في الآونة الاخيرة في باكستان والتحذير الامني الذي صدر هذا الاسبوع في نيويورك وواشنطن.

وقالت شبكة «سي.ان.ان» امس ان الهندي كان على اتصال بخان. ويذكر أنه في فبراير (شباط) من العام الماضي أرسلت بريطانيا دبابات وجنودا الى مطار هيثرو بعد تقارير عن أن «القاعدة» تخطط لشن هجوم صاروخي على طائرة، وفي وقت سابق من هذا العام ألغت الخطوط الجوية البريطانية رحلات الى واشنطن والسعودية بعد مخاوف أمنية.

ويحتجز المشتبه فيهم الاثني عشر في مركز شرطة «بادنغجتون غرين» بوسط لندن، والذي فرضت عليه حراسة مشددة بعد اعتقالهم يوم الثلاثاء الماضي وقبض على أغلبهم في حملات صباحية واعتقل أحدهم بعد مطاردة مثيرة بالسيارات.

وقالت شرطة اسكوتلنديارد إن الرجال، وتتراوح أعمارهم بين 19 و 32 عاما، :« يشتبه في تورطهم في التكليف بعمليات إرهابية أو الإعداد لها والتحريض عليها». وتقول الأنباء إن جميع المعتقلين من أصول آسيوية، إلا انه لم يعرف بعد عدد الحاملين للجنسية البريطانية بينهم. الا ان مصادر الاصوليين في لندن اشارت الى ان جميع المعتقلين الاثني عشر من اصول باكستانية.

ووفقا لقانون مكافحة الإرهاب يمكن للشرطة احتجاز المعتقلين من دون تهمة حتى مساء امس، وعندما تنتهي المهلة على الشرطة أن توجه لهم اتهامات أو تطلق سراحهم، أو ان تتقدم بطلب إلى القاضي بتمديد فترة الاعتقال لمدة قد تصل إلى 14 يوما. وقالت صحيفة «التايمز» ان هذا مؤشر على أن الحملات تمت بشكل عاجل أكثر من الحملات المماثلة التي وقعت في الماضي والتي تنفذ في العادة قبيل الفجر وهو الوقت الذي من المرجح أن يكون فيه المشتبه فيهم في منازلهم. وأضافت أن الاعتقالات تمت بهذا الشكل العاجل بسبب الاجراءات التي اتخذتها اميركا والتي لم تكن الشرطة البريطانية تتوقعها.

واذا صحت التقارير فان هذا قد يساعد في اقناع المتشككين في الولايات المتحدة الذين ارتابوا في التبرير المقدم لحالة التأهب الامني هذا الاسبوع التي أدت الى اكثر الاجراءات الامنية تشددا منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) عام 2001.

وتقول الشرطة ان الاعتقالات التي تمت في بريطانيا كانت نتيجة عملية تم التخطيط لها منذ وقت طويل وقادت اليها معلومات استخباراتية بدأت قبل الاعتقالات في الآونة الاخيرة في باكستان.

لكن الحكومة البريطانية قللت من شأن تقارير عن أن مطار هيثرو وهو واحد من أكثر مطارات العالم ازدحاما كان مستهدفا بعملية وشيكة.

ورفض وزير بريطاني امس فكرة وجود خطر ارهابي «محدد» يستهدف بريطانيا، مشيرا مع ذلك الى ان حملة الاعتقالات التي شنتها فرقة مكافحة الارهاب في سكوتلانديارد وشملت 12 شخصا «كانت على درجة كبيرة من الاهمية».

وقال بيتر هين وزير العلاقات مع البرلمان لاذاعة «البي.بي.سي» لو كان لدينا ادلة على وجود تهديد محدد لقلنا ذلك للجميع». واضاف «لم نصل الى هذه المرحلة لكن ذلك لا يعني ان نغمض اعيننا وننصرف الى شؤوننا كما لو كنا قبل 11 سبتمبر» مشددا على ضرورة «البقاء في حالة تأهب».

والى ذلك قال مسؤولون أميركيون ان اجهزة كومبيوتر خان تضمنت تقارير استكشافية عن مبان مالية في الولايات المتحدة يحتمل ان تكون اهدافا مما ادى الى فرض اجراءات امنية مشددة في نيويورك وواشنطن هذا الاسبوع.

وأقر مسؤولون أميركيون منذ ذلك الحين بأن غالبية المعلومات التي وجدت على اجهزة الكومبيوتر المصادرة قديمة منذ عدة سنوات.

ومن جهتها قالت صحيفة «واشنطن بوست» ان الاجهزة الامنية بدأت تلتفت الى زعيم «القاعدة» في بريطانيا منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي عقب اعتقال مسعود عروشي نجل شقيق خالد شيخ محمد منسق هجمات سبتمبر وابن عم رمزي احمد يوسف الذي ادين في تفجيرات نيويورك عام 1993، حيث كشف عروشي للمحققين عن هجمات متوقعة في بريطانيا واميركا.

وقال مسؤولون اميركيون: «ان احتجاز عروشي ادى الى اعتقال احمد خلفان جيلاني المتهم في تفجيرات سفارتي اميركا في شرق افريقيا، وكذلك اعتقال محمد نعيم نور خان في لاهور 13 يوليو (تموز) الماضي» الا انهم قالوا ان توقيت التحذير الامني مبرر لان معلومات استخباراتية اخرى تشير الى تزايد احتمال وقوع هجمات اثناء موسم حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية.

واعتقلت بريطانيا اكثر من 600 شخص بموجب قوانين مكافحة الارهاب منذ هجمات 11 من سبتمبر 2001، الا ان اقل من 100 شخص اتهموا بجريمة ما و15 شخصا فقط ادينوا.

وشكا مسلمون من أن الشرطة البريطانية كانت متحمسة بشكل مبالغ فيه في حملات مكافحة الارهاب في الماضي وعادة ما يكون ذلك من دون وجود دليل يمكن الاستناد اليه في المحاكم.

وأعرب حقوقيون في بريطانيا عن قلقهم بسبب توقيت هذه الغارات الذي جاء مباشرة بعد رفع حالة التأهب في الولايات المتحدة. ومن ناحيته قال ياسين رحمن رئيس امناء مجلس مساجد لوتن إن المسلمين في المدينة يشعرون بالاضطهاد بسبب حملة الاعتقالات الثانية ضد الإرهاب التي تشن في لوتن خلال أربعة اشهر فقط. وتأتي هذه الإجراءات في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ضغوطا متزايدة للإفصاح عن حجم التهديد الإرهابي الذي يواجه بريطانيا في أعقاب رفع حالة التأهب في أجزاء من الولايات المتحدة.