اتهامات في واشنطن لإسرائيل باستغلال الانتخابات لتوسيع الاستيطان

حي يهودي جديد في القدس الشرقية وقلق من زيادة نسبة التكاثر بين الفلسطينيين

TT

ازاء الاستهتار الاسرائيلي المكشوف بالبيانات وبالتصريحات الاميركية المعارضة لتوسيع الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة، اتهمت مصادر اميركية في واشنطن، امس، بشكل مباشر الحكومة الاسرائيلية ورئيسها ارييل شارون باستغلال انشغال الادارة في الانتخابات لتعمل على توسيع وتعزيز الاستيطان. واوضحت المصادر ان التصرفات الاسرائيليية بدأت تزعزع الثقة بين ادارة الرئيس جورج بوش وبين «صديقه شارون». وان هذه الادارة تدرس امكانية ارسال رسالة خطية الى شارون تبلغه فيها عن عدم رضاها على امتناع الالتزام بغالبية الوعود التي قطعها على نفسه في ابريل (نيسان) الماضي، خصوصا الوعد بازالة السور الاستيطانية التي اصبحت من دون ترخيص حكومي، وبتجميد البناء الاستيطاني. وستطلب منه بحزم ان يفي بوعوده.

وجاء تسريب هذا الموقف الاميركي مترافقا مع زيارة اليوت ابرامز، رئيس دائرة الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي الاميركي، والتي رغم انها «زيارة خاصة» فقد اشتملت على عده لقاءات سياسية بينها اللقاءان أمس مع شارون ونظيره، الفلسطيني احمد قريع (ابو علاء)، وقد تناولت لقاءات ابرامز موضوع خطة الفصل والانسحاب من قطاع غزة ومن شمال الضفة الغربية، اضافة الى التزامات الطرفين بمبادئ «خريطة الطريق».

وبدا ان هذا التسريب جاء في وقته ومحله. اذ ان الاسرائيليين يتمادون في عمليات توسيع الاستيطان ويتحدون الاميركيين والفلسطينيين والعرب والقوانين. وفقط بعد يوم واحد من كشف مخطط بناء 600 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «معاليه ادوميم» شرق القدس ومخطط لمضاعفة سكانها من 30 الى 60 ألفا خلال 3 سنوات، يكشف النقاب عن مخطط آخر يجري تنفيذه بسرية مطلقة، لبناء حي سكني يهودي جديد في المدينة المحتلة يقام على 15 ألف دونم من اراضي القدس العربية التي تمت مصادرتها وتسجيلها باسم دولة اسرائيل ويمتد ما بين طريق القدس اريحا شرقاً الى العيساوية غربا، ومن عناتا شمالا وحتى الشارع الفاصل بين القدس وبين أبو ديس. والهدف من اقامة هذا الحي ليس تهويد القدس فحسب، بل ايضا منع امكانية تقسيمها من هذه المنطقة، التي تعتبر احدى المناطق النادرة البرية في المدينة. وتبين ان هذا المخطط قائم منذ حكومة اسحق رابين سنة 1993، ولكنه قام بتجميده، بسبب مقتضيات السلام. ومثله فعل كل رؤساء حكومات اسرائيل اللاحقين (شمعون بيريس وبنيامين نتنياهو وايهود باراك). لكن الحكومة الحالية اقرته بسرية. ووقع على مرسوم اقامته شارون نفسه. وتعاون معه على دفعه الى الامام وزير الاسكان السابق، ايفي ايتام، من اليمين المتطرف ( وهو الذي قام بتوفير العمل المباشر في بناء البنى التحتية) ونتنياهو، وزير المالية الذي رصد لهذه العمليات حوالي 5 ملايين دولار، وشاؤول موفاز، وزير الدفاع، الذي وفر المصادقات الامنية.

وبوشر باعمال الحفر والتأسيس في هذا الحي منذ اكثر من شهر، لكن احدا لم ينتبه واعتقدوا ان الحديث يدور عن شق شارع جديد. وتقرر ان يجري العمل بكثافة لفرض الامر الواقع. ثم التوجه الى الإدارة الاميركية، وهي في شهر الانتخابات الرئاسية، لطلب موافقتها. وحسب مصادر في مكتب شارون فان هناك احتمالات كبيرة لان توافقه واشنطن او تغض الطرف بدعوى ان القدس تدخل في نطاق المناطق الاستيطانية التي ستظل في اطار التسوية النهائية بضمن الاراضي الاسرائيلية.

وزعمت ان هذا البناء جاء ليسد حاجة اسرائيل الى التكاثر الطبيعي، وهو التعبير الذي ابدت الولايات المتحدة تفهما له. بيد ان الاميركيين يقولون ان هناك التزاما من شارون شخصيا بتجميد كل بناء الاستيطان، بما في ذلك الذي يسمى «سد حاجات التكاثر السكاني»، وفقا للمرحلة الاولى من «خريطة الطريق».

من جهة ثانية، كشف مصدر اسرائيلي عن وثيقة يجري اعدادها حاليا في القدس، هي عبارة عن مذكرة تشرح فيها اسرائيل للولايات المتحدة عن الضائقة السكنية في عدد من المناطق الاستيطانية بهدف توسيعها. وتطلب فيها من الادارة الاميركية ان لا تعترض على ذلك. وان اعترضت، فان ذلك يبقى في اطار عمليات الاحتجاج الكلامي وحسب. وكانت اوساط اسرائيلية اعربت، في هذا السياق، عن قلقها مما يسمى «مخطط فلسطيني للعودة الى القدس». وقالت ان سكان القدس الشرقية الذين يعيشون في الضواحي البعيدة للمدينة يتركون الفيلات ويعودون للسكن في القدس الشرقية داخل بيوت صغيرة حتى لا يفقدوا مواطنتهم الاسرائيلية لدى بناء الجدار. واعتبرت هذا الانتقال خطرا ديمغرافيا على القدس ويهوديتها!!