جلسة «ايجابية جداً» لمجلس الوزراء اللبناني خرقها انتقاد بري لإقرار مشروع قانون ضمان الشيخوخة

TT

اجتاز مشروع قانون ضمان الشيخوخة امتحاناً صعباً امس باقراره في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت برئاسة رئيس الجمهورية اميل لحود وحضور رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري، بعد مناقشات مستفيضة ومداخلات انتهت الى ادخال تعديلات عليه والاتفاق على انشاء جهاز خاص لادارته بناء على اقتراح الرئيس لحود.

الا ان الامتحان الاصعب الذي يواجه المشروع ستكون ساحته مجلس النواب بعد ان فاجأ رئيس المجلس نبيه بري الحكومة، فور اعلان اقرار المشروع، باصدار بيان عبر مكتبه الاعلامي وصفته مصادر سياسية انه «ضربة موجعة» للمشروع، اذ اعتبر أنه «لا ضمان لقيام نظام ضمان الشيخوخة»، مؤكداً «ان الاستفادة منه ستؤدي الى تخريب احد فروع صندوق الضمان الاجتماعي وزيادة الاعباء على الخزينة وهو امر غير مقبول»، لافتاً الى «ان الضمان اصبح الآن في حالة شيخوخة»، واصفاً الخطوة التي اقدم عليها مجلس الوزراء بانها «جاءت نتيجة «التنتيع» الاعلامي وليس لمصلحة البلد». ويشار الى ان مشروع قانون ضمان الشيخوخة هذا لن يصبح نافذاً الا بعد مناقشته واقراره في مجلس النواب.

هذا وينص المشروع على ان يوضع موضع التنفيذ خلال مهلة سنتين من تاريخ اقراره لان هذا الامر يحتاج الى ترتيبات جديدة، باعتبار انه ينقل المضمومين من نظام نهاية الخدمة الذي هو نظام مبلغ مقطوع يعطي للمضمون بالاستناد الى اجره الاخير وسنوات الخدمة وبين نظام يضمن له تقاعده عندما يترك العمل (بعد بلوغه الرابعة والستين من العمر) ويضمن له ضمانه الصحي خلال فترة حياته المرتقبة مع من هم على عاتقه.

واعرب الحريري لدى مغادرته مقر مجلس الوزراء عن ارتياحه لاقرار مشروع ضمان الشيخوخة. وقال رداً على اسئلة الصحافيين «انه تم الاخذ بالملاحظات التي وضعت من اجل تحسين وتحصين المشروع». ورداً على سؤال قال: «انه كان مع مبدأ انشاء مؤسسة عامة لادارته»، لافتاً الى «ان الملاحظات طرحت خلال اجتماعات السراي الحكومي وقد رفعها الخبير الى رئيس الجمهورية الذي وافق عليها». وهنا تدخل الوزير علي حسن خليل (ممثل حركة «امل» التي يتزعمها بري) قائلاً: «لاحظنا توافقاً مميزاً بين رئيسي الجمهورية والحكومة حول المشروع».

ولخص وزير الدولة عاصم قانصوه اجواء الجلسة فقال ممازحاً الصحافيين: «ان الجلسة خيبت آمال الذين راهنوا على انها ستكون جلسة مخابطة». ووصف اجواء الجلسة بـ «الايجابية جداً» معتبراً انها «تؤسس لمرحلة ايجابية. وهكذا يمكننا الذهاب في اجازة مرتاحين».

وجاء في المعلومات الرسمية ان مجلس الوزراء درس مشروع مرسوم يرمي الى انشاء المجلس الوطني لسياسة الاسعار، واقره وأقر من خلاله ان تمثل الوزارات والادارات على مستوى المديرين العامين.

كما درس مجلس الوزراء موضوع المقالع والكسارات، واقر تعديل الخريطة رقم واحد من المرسوم 8803 الذي ينظم المقالع والكسارات ومحافر الرمل وفق مخطط لا مركزي مبني على مبادئ الحفاظ على الابتعاد عن الاماكن السكنية وموارد المياه الطبيعية ومجاري الانهر والمواقع الاثرية والمناطق الزراعية ومناطق الاحراج المعمّرة والمحميات الطبيعية ووفقاً للمواصفات الجيولوجية المطلوبة لسلامة البناء والمشاريع الانشائية.

وبعد انتهاء الجلسة تحدث وزير الاعلام ميشال سماحة الى الصحافيين فقال رداً على سؤال حول وجود تحفظ لدى وزراء حركة «امل» وصدور بيان عنيف عن المكتب الاعلامي للرئيس نبيه بري حول موضوع انشاء مؤسسة عامة لموضوع ضمان الشيخوخة يعتبرون فيه المشروع خطوة لتغطية العجز في الضمان وتفريغ الضمان: «الموضوعان مختلفان. كان هناك رأي لمعالي الوزراء ممثلي حركة «امل» في هذا الموضوع، ولكن اقر تقرير اللجنة مع بعض التعديلات الاساسية بشبه اجماع في الجلسة. واستطيع التأكيد بما دار من نقاش في الداخل ان ما اقر من شأنه تطوير محتويات وأداء وخدمات الضمان الاجتماعي، بإضافة خدمة جديدة، وبالذهاب الى العصرنة في موضوع ادارة صناديق التعويضات المناطة بالدولة فيما يتعلق بالخدمات المقدمة الى جميع انواع المضمونين في الدولة».

وسئل سماحة: الوزير علي حسن خليل يقول ان الدولة اذا كانت غير قادرة على اصلاح وضع الضمان فكيف بمقدورها انشاء هيئة جديدة لضمان الشيخوخة؟ فأجاب: «الدولة لم تعلن عجزها خلال المناقشات عن الاصلاح، الا انه حتى الخبراء الذين كانوا موجودين في الجلسة وابدوا رأيهم اوصوا بأن ما تدخل من خلاله في موضوع ضمان الشيخوخة هو موضوع دقيق جداً وخاص جداً. ويدخل بشكل اساسي في تقنيات جديدة في موضوع الادارة. اوصوا بأن يكون لهذا الصندوق نوعية ادارة جديدة تكون متكاملة مع ما هو موجود من الادارات التي يجب ان تطور».

وحول بيان مجلس المطارنة الموارنة الذي صدر اول من امس وانتقد فيه اداء المسؤولين وتطرق الى الاستحقاق الرئاسي، معتبراً القرار بشأنه غير لبناني قال وزير الاعلام اللبناني، قال «هذا رأي مجلس المطارنة، وليس من هذا المنبر اقول رأيي الشخصي، وانا امثل دولة رئيس مجلس الوزراء. الذي اود قوله في هذا الموضوع ان جلسة مجلس الوزراء اليوم (امس) التي استمرت حوالي خمس ساعات، كانت مثمرة جداً ومنتجة جداً. والجو الذي سادها في النقاش جو مسؤول جداً وانتجت اقرار مجموعة من مشاريع القوانين والمراسيم المهم».

واكد سماحة انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في التاسع عشر من الشهر الحالي وكذلك في الاسبوع الذي يلي هذا التاريخ.

وكان وزير الزراعة علي حسن خليل الذي خرج من قاعة مجلس الوزراء قبل انتهاء الجلسة، قد حضر الى قاعة الصحافيين وادلى بتصريح جاء فيه: «وافقنا على نظام الشيخوخة باعتباره مطلباً مزمناً. كان من الواجب اقراره قبل الآن بكثير. وهذا مطلب شكل عنواناً لتحركنا كحركة سياسية وككتلة خلال الفترة الماضية. لكن هذا الامر يجب الا يكون مناسبة لضرب واحدة من اهم المؤسسات الضامنة في لبنان، الضامنة للاستقرار الاجتماعي في لبنان وهي الضمان الاجتماعي». من جهته، وصف وزير العمل اسعد حردان مشروع قانون ضمان الشيخوخة بانه «الاهم في البلد لانه يحقق حلم اللبنانيين»، موضحاً «انه يتفق مع وزراء حركة «امل» لجهة الابقاء على جهاز ادارة قطاع ضمان الشيخوخة ضمن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي».