رحيل أونري كارتييه أشهر مصور رصد أحداث القرن العشرين

TT

توفي عن 95 عاما أونري كارتييه ـ بريسون، احد اشهر المصورين الفوتوغرافيين في القرن العشرين، والرجل الذي جعل من التصوير بالأبيض والأسود فنا قائما بذاته.

وقد دفن كارتييه ـ بريسون، الذي اشتهر بكراهيته الشديدة لالتقاط صورته بنفس درجة حماسته لالتقاط صور الاخرين، في جنازة خاصة تم الكشف عنها بعدما جرت. وكان كارتييه ـ بريسون قد مات يوم الاثنين في منطقة ليل سور لا سورغ في جنوب فرنسا ودفن في مراسم خاصة ولم ينشر خبرها في الصحف الفرنسية إلا بعد الانتهاء منها.

وبالاضافة الى كونه رساما تشكيليا، يعتبر كارتييه ـ بريسون واحدا من اعظم المصورين الفوتوغرافيين في القرن الماضي، وضمن موقعه في التاريخ كرائد للتصوير الصحافي. كما شارك كلا من روبرت كابا ودافيد سيمور في تأسيس «وكالة ماغنوم» الشهيرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وكان كارتييه ـ بريسون يستخدم كاميرا من طراز «لايكا» الألمانية الصنع ويعتمد على الفيلم الأبيض والأسود فقط ويتجنب «الفلاش». وقال إنه قضى وقته «يتجول في الشوارع مصمما على محاصرة الحياة والحفاظ عليها خلال فعل التعايش». ومن المؤكد انه كان يتمتع بموهبة الوجود في المكان المناسب في الوقت المناسب. فبعد ان سجنه الألمان في الأربعينات، تمكن من الفرار بعد ثلاث سنوات، وكان موجودا مع كاميرا خاصة به يوم تحرير باريس عام 1944. وكان موجودا في الصين عندما استولى الشيوعيون على السلطة، وفي الهند عندما اغتيل المهاتما غاندي، وفي إسبانيا أيام حربها الأهلية.

واشتمل معرض اقيم له في الآونة الاخيرة في باريس على صور مشهورة لسجينة تدين بشدة مرشدة للغستابو عام 1945 واطفال يلعبون بالقرب من جدار برلين عام 1962. وقال في وقت سابق انه «قضى وقته يتجول في الشوارع، عازما على الإيقاع بالحياة». وتعتبر صور الشخصيات التي رسمها قطعاً فنية بارزة مثل جان بول سارتر وكارسن ماكولرز وباربرا هيبورث وهنري ماتيس وإديث بياف ودوق ودوقة وينزر. درس كارتييه ـ بريسون، المتحدر من اسرة تنتمى الى الطبقة الوسطى الباريسية، الفنون بعد ظهور الحركة السيريالية في عقد العشرينات من القرن الماضي قبل ان يتجه الى الاهتمام بالتصوير. ودرس التصوير في الثلاثينات بعد دراسته للفنون. وبعد متابعته للحركة السيريالية في باريس خلال العشرينات، ترك كل شي عام 1931 وقرر ان يقضي عاما كصائد في افريقيا حيث التقط صوره الاولى. إلا أن المتبقي من هذه الاعمال المبكرة عدد محدود من الصور.

وفي عام 1966، فاجأ الجميع بإعلانه التخلي عن التصوير والعودة الى الرسم والتشكيل مرة اخرى. وافتتح العام الماضي معرضا له في باريس ضم ما يزيد على 1000 عمل فني أصلي وأفلام ونصوص ومراسلات. وقد نعى الرئيس الفرنسي جاك شيراك كارتييه ـ بريسون ليلة اول من امس، وقال: «بفقده تكون فرنسا قد فقدت مصورا عبقريا وواحدا من اكثر الفنانين الموهوبين في جيله والأكثر احتراما حول العالم». وقال فيليب بروكمان، رئيس قسم الصور الفوتوغرافية والفنون الإعلامية بصالة كونكوران الفنية، ان كل الصور الفوتوغرافية التي تلتقط اليوم، سواء كانت مباشرة او غير مباشرة لا بد ان تكون متأثرة بشكل او آخر بكارتييه ـ بريسون.

* «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»