اجتماع القاهرة الطارئ يرفض استخدام القوة والتهديد بالعقوبات لحل أزمة دارفور

الخرطوم والمتمردون يتفقون على التفاوض في أبوجا والأمم المتحدة تؤكد الحاجة لدعم عربي وافريقي

TT

في الوقت الذي رفض فيه وزراء الخارجية العرب باجتماعهم الطارئ بالقاهرة أمس أي تلويح بالتدخل العسكري في اقليم دارفور أو محاولات فرض عقوبات على السودان لحل أزمته، أعلن الاتحاد الافريقي أن الحكومة السودانية وجماعتين متمردتين تقاتلان في دارفور اتفقوا على إجراء محادثات في أبوجا عاصمة نيجيريا يوم 23 أغسطس (آب) الجاري. في حين أكدت الأمم المتحدة أهمية الدعم العربي والأفريقي لحل الأزمة. ويدعو الوزراء العرب في مشروع قرار يصدر عن اجتماعهم المجتمع الدولي الى «اتاحة الاطار الزمني المناسب للحكومة السودانية حتى تتمكن من تنفيذ تعهداتها والتزاماتها» امام الامم المتحدة من اجل حل الازمة.

ويدعو المشروع العالم «لتقديم الدعم اللازم لعودة اللاجئين والنازحين الى مساكنهم بعيدا عن اي ضغوط او محاولات لفرض عقوبات» على السودان. كما يدعو الدول العربية الى «تقديم الدعم الكامل لجهود الاتحاد الافريقي في قيادة الجهود الرامية لحل الازمة في دارفور» ويطلب خصوصا من الدول العربية الاعضاء في الاتحاد الافريقي المشاركة بفعالية في فريق مراقبي وقف اطلاق النار وقوات حمايته.

ويؤكد مشروع القرار استعداد الجامعة العربية «للمشاركة في جهود الوساطة التي تتم تحت راية الاتحاد الافريقي بين الحكومة السودانية وحركتي التمرد»، ويطالب بـ «تقديم دعم مالي عاجل الى الحكومة السودانية لتعضيد جهودها الرامية الى استعادة الامن والاستقرار في دارفور».

وقبيل بدء أعمال الاجتماع، اتهم وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل ما وصفه بـ «أصابع إسرائيلية» بالوقوف وراء تضخيم الأحداث في دارفور ودعمها لبعض المتمردين.

وفي تصريحات صحافية عقب وصوله إلى القاهرة أمس قال عثمان اسماعيل إن الأيام سوف تثبت صدق كلامه حول علاقة إسرائيل بأزمة دارفور الذي دلل عليه بأن «الجالية اليهودية في أميركا وزعت منشورا على كل الجاليات اليهودية في اميركا وأوروبا حول مشكلة دارفور واعتبرتها مشكلة تخص اليهود والغرب ويجب الاهتمام بها».

وقال إن القيادات المنشقة «أكدت أن قيادة الحركة تقوم بزيارات منتظمة لإسرائيل».

وفي المقابل، نفى بحر إدريس أبو جرادا الأمين العام للحركة اتهامات عثمان، وقال إنه ليس للحركة أية علاقة بإسرائيل. وقال في تصريحات لوكالة رويترز إن الحكومة السودانية تسعى حثيثا لتضليل وإثارة الرأي العام العربي والإسلامي. وشدد وزير خارجية السودان على ضرورة معالجة المشكلة في الاطار الاقليمي والعربي وعلى انها مشكلة محلية، وبعيدا عن شبح التدخل الأجنبي الذي من شأنه افساد الجهود المبذولة لحلها. وأشار إلى أن الحكومة السودانية ترى أن هناك امكانية للحل السياسي لهذه المشكلة من خلال الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في نيفاشا في كينيا بشأن التوزيع العادل للسلطة والثروة والتنمية المتوازنة لكل مناطق السودان.

وأكد عثمان اسماعيل أن لديه تفويضا كاملا لمعالجة هذه القضايا ودون أي شروط مسبقة في مباحثات أبوجا. وكشف عن أن حكومته ستقدم ورقة تعكس رؤيتها لمعالجة هذه القضية السياسية، كما انها سوف تتعاون بأقصى ما تستطيع لانجاح هذه المباحثات وألا تفشل كما حدث مع جولة سابقة لها في أديس أبابا.

ومن ناحيته أكد وزير الخارجية المصري أن هناك تحسنا قد حدث في الوضع بإقليم دارفور. وقال إن هناك إشارات من المجتمع الدولي على أن الوضع الانساني الصعب في الاقليم بدأ يتراجع تدريجيا.

وقال في تصريح صحافي، عقب لقائه مع عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، إن هناك أيضا ملامح لوضوح السيطرة الأمنية من قبل الحكومة السودانية على مناطق المعسكرات أو المخيمات التي يقيم فيها النازحون. وطالب بالتحرك تدريجيا للسيطرة على الموقف توطئة لبدء مفاوضات بين الحكومة والمتمردين تقود الى تحقيق الاستقرار والسلام في الاقليم. وأوضح أبو الغيط ان المفاوضات ستستغرق بعض الوقت ولكن يجب أن يكون المناخ مناسبا لكي تتم هذه المفاوضات بأبوجا.

وقال الوزير المصري إن «أي دولة حتى لو كانت الولايات المتحدة لن تستطيع معالجة هذه الأزمة خلال ثلاثين يوما، لكن علينا أن نبدأ باجراءات تثبت المصداقية لكي يستمر التقدم في الموقف والسيطرة على الأرض بتأمين الوضع الانساني في دارفور حتى تستمر عملية الاطار الزمني وتمتد أكثر من ثلاثين يوما لتصل الى 90 يوما ومائة وعشرين يوما طالما بقيت المصداقية».

وأعرب أبو الغيط عن ثقته في أن مجلس الأمن سيصل لهذه النتيجة وفي اللحظة المناسبة عند اجتماعه مرة أخرى لتناول الموضوع.

في الوقت نفسه، طالب الدكتور اسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري في تصريحات للصحافيين أمس، الدول المجاورة للسودان بالعمل مع مصر وان تعي جيدا المصلحة الواحدة في الحفاظ على وحدة أراضي السودان وأمن شعبه. وقال الباز «نحن ننزه الشعب السوداني على ان يقع في حفرة المنازعات العرقية والتي لا تعود بالخير على أحد وتعطي صورة سيئة عن الجميع ولا يستفيد منها الا تجار الحروب».

في غضون ذلك، أعلن يان برونك الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان أن المنظمة الدولية بحاجة إلى دعم الدول العربية والافريقية لمساندة برنامج العمل المتفق عليه مع السودان بشأن دارفور.

وأكد برونك للصحافيين في مقر الجامعة العربية «نحن بحاجة لدعم عربي وافريقي لمساندة خطة العمل المتفق عليها مع الحكومة السودانية ولرفع تقرير في نهاية الشهر إلى مجلس الأمن الدولي يشير إلى تقدم ملموس بشأن الوضع الأمني» في دارفور.

وأضاف أن «المفتاح هو الامن وعلينا ضمان هذا الأمن ليتمكن النازحون من العودة إلى ديارهم بأمان».

وتابع أن الأمن «لن يتحقق بمساعي الحكومة (السودانية) وحدها بل بمساعي كافة الأسرة الدولية بتقديم دعم مالي وإنساني عبر وجود مراقبين دوليين عرب وأفارقة خصوصا».

من جهة أخرى أكد برونك أن «المساعدات الإنسانية (التي أرسلت إلى دارفور) لا تغطي حاليا سوى خمسين في المائة من احتياجات المنكوبين وأقل من خمسين في المائة من احتياجاتهم للمياه والتجهيزات الصحية».

وكانت الخرطوم والأمم المتحدة قد اتفقتا يوم الأربعاء الماضي على اتخاذ تدابير مفصلة خلال الأيام الثلاثين المقبلة للبدء بنزع أسلحة ميليشيا الجنجويد العربية وتحسين الأوضاع الأمنية في منطقة دارفور ومواجهة الأزمة الإنسانية.

وفي أديس أبابا، أعلن آدم ثيام المتحدث باسم الاتحاد الافريقي ان رئيس الاتحاد الحالي الرئيس النيجيري اولوسيجون اوباسانجو سيتوسط في المحادثات بين الحكومة السودانية من جهة وحركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان من جهة اخرى في عاصمة بلاده.

الا ان بحر الدين ادريس الامين العام لحركة العدل المساواة قال لرويترز ان ايا من الحركتين لم تبلغ بهذا الموعد وان من المقرر ان يحضر زعماء المتمردين مؤتمرا في المانيا يوم 23 الشهر الحالي.