مصدر بريطاني: «انتحاري» فلسطيني لجأ إلى لندن هربا من انتقام «حماس»

صحافيان يصوران 180 وثيقة في شقة اعتقلت الشرطة نزلاءها الأربعة ومعلقون عرب يشككون في سلامة الوثائق المفترضة

TT

أثار أمس تقرير عن «اكتشاف» غريب لأوراق سرية، موضوع وجود صلات مفترضة بين منظمات فلسطينية ومشبوهين بالتورط بـ«الإرهاب» الدولي، كما طرح تساؤلات حول الأسلوب الذي تتبعه أجهزة الأمن البريطانية في تفتيش بيوت المتهمين. وذكرت صحيفة «الصنداي تايمز» البريطانية أمس ان اثنين من محرريها وجدا في شقة كانت الشرطة قد داهمتها واعتقلت من فيها على ذمة التحقيق بشبهة الإرهاب، وثائق تشير الى ان اثنين من النزلاء قد تلقيا تدريبات لدى «حماس» و«سرايا القدس». ولفتت الى ان احد المقيمين في الشقة كان من قادة الصف الأول في شبكة «القاعدة». وعلمت «الشرق الأوسط» ان المحررين اطلعا على 180 وثيقة في البيت الذي دخلاه بإذن من صاحبته.

بيد أن مصادر بريطانية مطلعة اقرت بان «الاكتشاف» يتسم بالغرابة. واعرب مراقبون فلسطينيون عن دهشتهم البالغة لوجود رسالة مفترضة على ورقة رسمية لـ«سرايا القدس»، افيد بأنها كانت تحذيراً لعائلة أحد الفلسطينيين بمحاسبتها إذا أفشى ابنهم بعض اسرار المنظمة. ولم يستبعدوا ان تكون الوثائق مزورة. ونفت المصادر البريطانية ان تكون الصحيفة حاولت من خلال تقريرها الايحاء بان هاتين المنظمتين أرسلتا هذين الشابين الى بريطانيا لتنفيذ عمليات او لاقامة علاقات مع ناشطين من شبكة «القاعدة» أو غيرها. وقد نشرت «الصنداي تايمز» امس على صدر صفحتها الاولى صورة «الانتحاري» المزعوم وهو يحمل بندقية من طراز «آك ـ 47 ن» الى جانب تقريرها عن «الاكتشاف» الذي تم الأسبوع الماضي. وقالت إن رجال الامن والشرطة قد تركوا حقيبتين مليئتين بالأوراق بعد مداهمتهم الشقة الواقعة في شمال لندن واعتقال أربعة من نزلائها بينهم مشبوه بتبوؤ منصب قيادي في «القاعدة». وذكرت ان الوثائق تضم تصريحاً أرسله طالب لجوء في السابعة والعشرين من عمره لوزارة الداخلية البريطانية اعترف فيه صراحة بانه تلقى تدريبات على يد «حماس». وقال إنه هرب من بلاده التي لم تسمها الصحيفة، لانه رفض الاستجابة لاوامر «حماس» بالقيام بعملية انتحارية، الامر الذي دفع بناشطين الى اطلاق النار عليه. غير ان الوزارة رفضت طلبه معتبرة أن حججه «غير مقنعة»، وذلك في رسالة وجهتها اليه في يوليو (تموز) .2003 واشار التقرير الى وجود صورة كبيرة للعلم الفلسطيني وهو مسور بالاسلاك الشائكة على جدران احدى غرف الشقة التي تضم أربع حجرات.

وقالت مصادر بريطانية ذات صلة في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن التقرير لا يرمي الى الايحاء بان فلسطينيين يخططون لعمليات في بريطانيا. الا انها اعترفت بان نشره سيؤدي الى تجدد الحديث الذي راج بعد مقتل انتحاريين بريطانيين من أصول آسيوية في إسرائيل العام الماضي، عن علاقات مفترضة بين منظمات فلسطينية وأصوليين بريطانيين ربما كانوا على علاقة بشبكة «القاعدة». ولا بد ان يتعزز هذا الانطباع مع الكشف عن انهما كانا يقيمان مع «الهندي» قيادي القاعدة الذي اعتقل أخيراً أو يترددان عليه بانتظام. ولفتت المصادر نفسها الى ان الصحيفة اشارت الى «احتمال ان يكون المعتقلان، وهما فلسطينيان، طالبي لجوء بريئين من اي علاقة بالإرهاب وربما ضبطا بمحض الصدفة في اطار حملة المداهمات التي جرت الأسبوع الفائت». وذكرت ان التقرير لم يوضح تماماً ما إذا كان الفلسطينيان مقيمين في الشقة ام انهما ممن يزورونها بين وقت وآخر. واعتبرت المصادر أن ابقاء هذا الجانب غامضاً بعض الشيء جاء «لعدم التأكد مائة في المائة من احتمال عيش الاثنين بصورة دائمة في ذات الشقة التي قطنها قيادي «القاعدة» الملقب بـ«الهندي».

وأقرت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، ان ترك الحقيبتين بعد المداهمة كان امراً «غريباً جداً». غير انها رجحت ان تكون السلطات المعنية قامت بذلك «لسببين أساسيين، الأول عدم امكان استعمال هذه الوثائق كأدلة في اي محاكمة محتملة، والثاني هو ان الشرطة تعرف سلفاً بالعلاقات المزعومة بين الشخصين والمنظمتين الفلسطينيتين». وعلمت «الشرق الأوسط» ان محرري «الصنداي تايمز» مكثا في الشقة قرابة ساعة ونصف الساعة صورا خلالها 180 وثيقة. و افيد بأنهما دخلا المكان بموجب اذن من صاحبة الشقة التي كانت قد اجرتها للمعتقلين الأربعة «من ذوي الملامح الشرق الأوسطية والآسيوية». واشير الى ان صحافيين بريطانيين آخرين ترددوا على المكان وقرأوا بعض الوثائق. وفي هذه الأثناء شكك معلقون عرب بسلامة الوثائق المفترضة، مشيرين الى أن مسألة تزوير الوثائق الفلسطينية بهدف الحصول على اذن بالبقاء في بريطانيا شائعة وقديمة قدم تشديد لندن لإجراءات منح اللجوء. وقالوا إن من غير المألوف أن توجه «سرايا القدس»، وهي الجناح العسكري لـ«حركة الجهاد الإسلامي»، رسائل على أوراق رسمية تحمل اسمها كما لو كانت منظمة سياسية تعمل في مناخ آمن. ولفتوا الى ان صورة «الانتحاري» المزعوم تخلو من الشعار الذي تستعمله عادة «حماس» او «سرايا القدس».