قوات المارينز تقتحم منزل الصدر وتحاصر عناصره في ضريح الإمام علي والمقبرة القديمة في النجف

TT

شن مشاة البحرية الأميركية (المارينز) الذين تعززهم الطائرات والدبابات هجوما كبيرا في مدينة النجف لسحق التمرد الذي بدأته منذ أسبوع ميليشيا «جيش المهدي» التابعة للزعيم الشيعي المتشدد مقتدى الصدر، وأقر أحد المتحدثين باسم الصدر بان المارينز اقتحمت منزل الصدر في المدينة لكنه كان خاليا.

وقصفت طائرات حربية وطائرات هليكوبتر من طراز «اباتشي» مواقع الميليشيا في مقبرة قديمة قريبة من ضريح الإمام علي وهو من أهم المزارات الشيعية المقدسة.

وتصاعد دخان أسود كثيف الى السماء بينما قامت طائرات الهليكوبتر بمسح اسقف المباني والبيوت في وسط المدينة.

وقال شهود عيان ان طائرات حربية أميركية قصفت أهدافا قرب منزل الصدر في المدينة، وفي وقت لاحق، قال شهود ان القوات الاميركية اقتحمت منزل الصدر في وسط المدينة بعد ان قصفت طائرات حربية اهدافا على مقربة واشتبكت مع الميليشيا الموالية له. وأقر الشيخ احمد الشيباني المتحدث باسم الصدر باقتحام المنزل الذي قال ان الصدر لم يكن فيه.

ويعتقد ان الصدر موجود في ضريح الإمام على مسافة كيلومترين تقريبا من المنزل. وكان حريق ما زال مستعرا في الشارع عندما وصلت عربات «همفي» الاميركية الى المنزل.

وكان شهود عيان قد افادوا بان القوات الأميركية سيطرت على وسط المدينة بعد الظهر ومنعت الدخول الى ضريح الإمام علي. واكد مراسلون ذلك وقالوا ان المارينز سدوا الطرق المؤدية الى الضريح. وقد انتشر جنود مشاة البحرية في دبابات وعربات «همفي» في نقاط تفتيش في المنطقة بينما انسحب عناصر ميليشيا الصدر الى داخل الضريح والمقبرة التي استمرت فيها الاشتباكات.

ورد رجال الميليشيا على الهجوم الأميركي في النجف باطلاق قذائف صاروخية وقذائف مورتر. وقال شهود عيان ان الاف المدنيين فروا من المنطقة المحيطة بضريح الامام علي بأي وسيلة توفرت لهم. وفر بعضهم على عربات تجرها الحمير، وبحلول الظهر كانت شوارع عديدة مهجورة.

وتم نشر نحو 2000 جندي أميركي و1800 رجل أمن عراقي حول النجف التي يبلغ عدد سكانها نحو 600 الف نسمة.

وقال الجيش الأميركي انه لا يعتزم اقتحام ضريح الامام علي. وكان مشاة البحرية الأميركية قد أوضحوا نواياهم في وقت سابق واذاعوا رسالة بالعربية من عربات «همفي» قالت «الى أهالي المدينة.. قوات التحالف تقوم بتطهير المدينة من جيش المهدي».

واضاف البيان الذي اذاعه ايضا البريغادير جنرال ايرف ليسل المتحدث الرئيسي باسم الجيش الأميركي في العراق في بيان «عمليات التطهير الحالية التي تقوم بها قوات الامن العراقية والقوات المتعددة الجنسيات في الكوفة والنجف تركز على مناطق في المدينتين ولكنها لا تشمل مسجد الإمام علي ولا مسجد الكوفة».

وقال «عمليات اليوم تهدف الى تقييد حركة قوات الصدر في الكوفة والنجف وعزلها في هذه المساجد التي تستخدمها كقاعدة لعملياتها». وتابع «لجوء الميليشيا للاحتماء بهذه المزارات قد يلحق الضرر بهذه الاماكن المقدسة». ومضى قائلا: ان العملية «تتفق تماما مع توجيهات رئيس الوزراء (العراقي اياد علاوي) لحماية هذه الاماكن المقدسة ومنع إلحاق أي ضرر بها وكذلك حماية مواطني العراق ومستقبله».

وحث علاوي ميليشيا الصدرعلى القاء اسلحتها ودعاها للانضمام الى العملية السياسية في البلاد. وتعهدت ميليشيا الصدر من جانبها بالدفاع عن مواقعها. وقال أحمد الشيباني المتحدث باسم الصدر في المدينة في تصريحات لرويترز ان الصدر يقود بنفسه عملية الدفاع بالمدينة. وقال «مقتدى يشرف على العمليات العسكرية والسياسية. انه قائدنا. ومعنويات المقاتلين مرتفعة جدا».

وأضاف «نحن نقاتل القوات الأميركية منذ ثمانية أيام وسنواصل قتالها لثمانية أيام أخرى. نحن مستعدون تماما لصد أي هجوم على مواقعنا». ونفى ان تكون القوات الأميركية قد حققت أي تقدم كبير.

ودعا أحد مساعدي المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني الى احترام قدسية النجف وعتباتها المقدسة. وقال مرتضى الكشميري وكيل السيستاني في تصريحات لرويترز «ندعو الى احترام هذه العتبة المقدسة وهذا التراب المقدس». وأضاف في حديث هاتفي من لندن حيث يعالج السيستاني من مشاكل بالقلب «سماحة الإمام السيستاني متألم جدا وحزين جدا للأوضاع في النجف». وصرح بأن حالة السيستاني الصحية مستقرة الى حد كبير لكنه قال انه منزعج للغاية من القتال الدائر في النجف. وفي وقت سابق امس طالب ممثل آخر للسيستاني القوات الأميركية بالخروج من النجف وحل الخلافات بالطرق السلمية. وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي في مقره بكربلاء في تصريح لرويترز «فتح باب الحوار البناء والانساني وتفهم الآراء.. كفيل بتجنيب البلاد ويلات الحرب وإراقة الدماء».

وطالب الكربلائي القوات الأميركية بمغادرة النجف «وحل الأمور بالطرق السلمية وعدم اراقة الدماء العراقية وتجاوز العتبات المقدسة واماكن العبادة لانها تشكل جانبا مهما من حياة العراقيين». واضاف ان السيستاني يرفض اي عمل من شأنه ايذاء المسلمين. وعندما وصلت انباء الهجوم على النجف خرج آلاف من انصار الصدر الى الشوارع في البصرة وفي أحد احياء بغداد للاحتجاج على الهجوم. وأخذ آلاف المحتجين في البصرة يرددون عبارات «يعيش الصدر. أميركا وعلاوي كفار»، ونظم احتجاج مماثل في حي الكاظمية الشيعي في بغداد.

وعلى صعيد ضحايا القتال في النجف والمدن الاخرى، افيد بمقتل 165 شخصا على الاقل واصابة 594 آخرين بجروح خلال 24 ساعة. وقالت مي عبد الكريم مسؤولة الاعلام في وزارة الصحة العراقية امس ان «165 عراقيا قتلوا واصيب 594 آخرون بجروح في المصادمات العسكرية التي حصلت خلال الساعات الـ24 الماضية في بغداد وبقية مدن الجنوب العراقية».