القربي : أميركا أبلغتنا بوجود 106 معتقلين يمنيين في غوانتانامو ستسلمنا بعضهم

وزير الخارجية اليمني لـ«الشرق الأوسط»: الحوثي يجب أن يحاكم وحزب الله نفى علاقته به

TT

كشف أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني النقاب عن أن الولايات المتحدة أبلغت اليمن بوجود 106 يمنيين معتقلين في معسكر غوانتانامو. وقال إن واشنطن ستسلم عددا، لم يحدده، من هؤلاء لليمن. وتعهد بإقامة حوار مع العائدين بغية ايضاح أفكارهم الخاطئة. وفي مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط» في أعقاب الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب لبحث قضية دارفور، أكد القربي أن أحدا لا يستطيع منع الدول العربية من دعم السودان إذا أرادت حقيقة أن تقوم بذلك. وحذر من امكانية أن يحدث للسودان ما حدث في العراق. وقال إن السؤال هو: من بعد السودان؟

وأكد القربي أيضا عدم وجود أية صلة بين حزب الله اللبناني ومجموعة الحوثي باليمن، موضحا ان الحوثي أراد أن يستغل تعاطف الرأي العام العربي مع حزب الله الذي نفى أي صلة لها بالحوثي.

* ما مصير اليمنيين المعتقلين في غوانتانامو، وهل ستطالبون بهم؟

ـ السلطات الاميركية قسمت معتقلي غوانتانامو من العرب إلى ثلاث مجموعات، مجموعة لديها أدلة لمحاكمتهم في الولايات المتحدة الاميركية. وهناك من بدأت بالفعل في محاكمتهم، ومنهم يمنيان. وهناك مجموعة يعتبرها الاميركيون خطرا على الولايات المتحدة رغم عدم وجود أدلة واضحة وملموسة تدينهم، وتريد من دولهم تسليمهم إليها، ولكن بوسائل محددة لضمان متابعتهم لعدم اعطائهم الفرصة للقيام بأعمال إرهابية. وهناك مجموعة ثالثة ممن ليست لديهم سوابق وليست عليهم أية أدلة أو شبهات، وهؤلاء يمكن أن يسلموا ويمنحوا الحرية المطلقة، فنحن لا نعرف العدد الحقيقي لليمنيين المحتجزين في غوانتانامو، خاصة ان هناك حالات كثيرة من جوازات السفر اليمنية المزورة من جماعات القاعدة التي كانت في أفغانستان، ولكن بعد أن نتحقق من هويتهم اليمنية سنطالب بهم على أساس حقهم في أن يسلموا للحكومة اليمنية، وستعاملهم الحكومة بعد ذلك وفقا لما ستقدمه الحكومة الاميركية من أدلة على مدى تورطهم في الأعمال الإرهابية، وماهية هذه الأعمال. والقائمة التي سلمت لنا عن اليمنيين في غوانتانامو تؤكد وجود حوالي 106 مواطنين يمنيين، والسلطات الاميركية لديها الاستعداد لتسليم بعضهم، والآخرون الذين توجد أدلة كافية على تورطهم في أعمال ضد الولايات المتحدة سيحاكمون في أميركا.

* حوار لتصحيح الفكر

* كيف تتعاملون مع الذين ستتم عودتهم الى اليمن؟

ـ سنفتح باب الحوار معهم على اعتبار أن أعدادا كبيرة من الذين انضموا لتنظيم القاعدة غرر بهم، وسنعمل على إظهار الخطأ في الفكر الذي تلقوه في أفغانستان، ومدى خطورة مدرسة التشدد الديني التي جلبت لهم ولبلادهم الكوارث. باختصار، سنساعدهم باعتبارهم مواطنين يمنيين حتى يستعيدوا فكرهم الصحيح ويعودوا عناصر فاعلة في المجتمع اليمني. ثم إن كثيرا من العرب الذين قبض عليهم يقومون بأعمال بعيدة تماما عن نشاطات القاعدة ولا ينتمون إليها، وبعضهم كان يقوم بأعمال خيرية والبعض كان يمتهن التدريس، لكن الذي حدث أن الاميركيين ألقوا القبض على معظم الأفغان ذوي الأصول العربية.

* ما هي في تصوركم أهم النتائج التي توصل إليها وزراء الخارجية العرب على صعيد قضية دارفور؟

ـ أهم ما خرجنا به هو وحدة الصف العربي، ولقد تم نفي الادعاءات بأن هناك عنصرية عربية ضد الأفارقة كما تدعي بعض الجهات في دارفور، وأكدنا على وجود أخطاء ارتكبتها جميع الأطراف سواء كانت المتمردين أو الميليشيات أو الحكومة السودانية، لذلك فان الموضوع لا يتعلق فقط بالحكومة السودانية، ويجب الضغط على جميع الاطراف وبالذات على المتمردين الذين يتلقون دعما خارجيا وهم في الأساس السبب في تصعيد الأمور في دارفور مع تقصير الحكومة في مواجهة سريعة للحد من هذه التصرفات. لكن بيان وزراء الخارجية أكد بشكل عام على نقطة مهمة وهي أن السودان لا يمكنه بمفرده أن يحقق ما هو مطلوب، فإمكانيات الحكومة السودانية محدودة. ورغم أن قواتها منتشرة في مناطق كثيرة إلا أنها تحتاج إلى دعم لوجستي ومادي كبير، ومساحة دارفور ربما تزيد من مساحة فرنسا وسكانها خمسة ملايين، وفيها ثمانون قبيلة، فإذا كانت الولايات المتحدة الاميركية بامكاناتها الهائلة لم تتمكن حتى الآن من السيطرة على الأوضاع في العراق، فكيف يمكن أن نتوقع من السودان وحده أن يحقق ذلك في دارفور؟ لذلك هناك مسؤولية كبيرة على المجتمع الدولي وعلى الأمم المتحدة بصفة خاصة أن تتحمل كافة أشكال الدعم للحكومة السودانية حتى نستطيع في النهاية أن نقيس أداء الحكومة وحتى لا تطلب منها طلبات، يدرك الجميع مسبقا أنها غير قادرة على تنفيذها. وأدعو الأمم المتحدة أيضا لأن تتخذ الخطوات اللازمة مع الأطراف الخارجية التي تغذي الصراع في السودان لمساعدته في السيطرة على الأوضاع. ولا يجب توجيه اللوم للخرطوم لأن السبب الحقيقي في التصعيد والفوضى أطراف خارجية، لكن على الحكومة السودانية التي تتحمل جزءا مما يجري في دارفور وأن تغير من مواقفها، وهذا مطلب عربي تم الاجماع عليه.

* قضية إنسانية

* البعض يعتبر الدور العربي غير واضح أو ملموس في قضية دارفور وليس هناك دعم عربي حقيقي باستثناء دعم مصر؟ ـ البيان الذي صدر يوجد به التزام من الدول العربية لدعم جهود الحكومة السودانية التي ستبدأ العمل مع الامم المتحدة لوضع برنامج يهدف لإعادة الأمن لمنطقة دارفور وعودة اللاجئين ولتحدد أيضا مطالبها من الامم المتحدة، وأعتقد أن مجلس الأمن والأمم المتحدة قادران على توفير الدعم الكثير للسودان. نحن لا نطلب من الأمم المتحدة إرسال قوات حفظ سلام، لأن الجيش السوداني نشر 50 ألف جندي في دارفور وقادر على إعادة الأمن إذا توافرت له كافة سبل الدعم، وسيأتي الدور العربي والأفريقي بالتنسيق مع الأمم المتحدة، ويمكن للمنظمة الدولية الآن تخصيص 100 مليون أو 200 مليون دولار لدارفور حتى لو أدى ذلك الى تقليص بعض البرامج الأخرى التي تقوم بها، خاصة ان حوالي عشرين مليون شخص يتعرضون للمجاعة والأمراض، فهذه قضية انسانية، ولا يفيد أن تتخذ الأمم المتحدة قرارات وتهديدات ثم لا تتخذ الاجراءات الكفيلة بمساعدة السودان. وبرأيي يجب أن يحدد السودان بوضوح ماذا يريد من الدول العربية وماذا يريد من الأمم المتحدة.

* من بعد السودان؟

* ما صحة ماتردد عن وجود ضغوط خارجية على الدول العربية تحول دون دعم عربي حقيقي لوجستي ومادي للسودان؟

ـ لا يستطيع أحد أن يمنع الدول العربية من أن تتحرك وتقدم الدعم، والقضية ليست مسألة ضغوط، لكن الواقع هو أننا أمام مشكلتين ونرى ان ما حدث في العراق يمكن أن يتكرر في السودان، وخطورة هذا الوضع واضحة وجلية للدول العربية، والسؤال الذي يطرح هو: ومن بعد السودان؟ ثم أن مجلس الأمن تحول من مؤسسة دورها حماية الأمن والاستقرار إلى أداة لتهديد أمن واستقرار الدول نتيجة للسياسات المفروضة على مجلس الأمن سواء من اميركا أو من اوروبا في قضية السودان.

* وماذا عن الطرح العربي بإرسال قوات اسلامية لدارفور، لماذا تم رفضه سودانيا؟

ـ لأن السودان قادر على توفير هذه القوات وأقدر على التعامل، والتركيبة الاجتماعية لدارفور لا تقبل إرسال قوات، وما نريد أن نضمنه الآن هو أن تكون الحكومة السودانية قادرة وجادة في إعادة الأمور إلى طبيعتها في دارفور. هم بحاجة للجانب الانساني، وبحاجة لمراقبين للتأكيد على أن الحكومة السودانية تقوم بواجبها وأنها قادرة على السيطرة. ونحن جميعا كعرب رفضنا مهلة الثلاثين يوما أو حتى الثلاثة أشهر الضيقة، ورفضنا تدويل قضية دارفور. وكارثة دارفور جعلتنا نعيد النظر في العلاقات العربية ـ الافريقية، ونريد أن نؤسسها على أرضية أمتن وعلى مصالح مشتركة وأن تسهم الدول العربية القادرة في حل المشاكل التي يواجهها الافارقة سواء في قضية الفقر أو الايدز أو التنمية الاقتصادية. هذا فقط هو الكفيل بطمأنة الأفارقة على أن العرب يريدون خلق شراكة حقيقية، وهذا الأمر تطرقنا له في محادثاتنا في جامعة الدول العربية وأكدنا ضرورة إعادة النظر في العلاقات العربية ـ الافريقية.

* المحاكمة أولا

* لماذا لم يتم حتى الآن إلقاء القبض على الداعية الشيعي اليمني المتشدد الحوثي؟

ـ هو موجود في منطقة جبلية ونحاول معرفة موقعه، وقد يكون مختفيا في كهف، لكن أجهزة الأمن تمشط المنطقة، وتأخر قوات الأمن في السيطرة كان بسبب محاولة لاقناعه بتسليم نفسه وإجراء حوار معه، فالحكومة اليمنية حريصة على دم كل فرد يمني حتى لو كان من المتمردين، فهو في نهاية الأمر مواطن يمني والغرض هو تقديمه للمحاكمة.

* لكنه اشترط ألا يحاكم كي يستسلم؟

ـ هذا شرطه هو، لكن هذا الشرط غير مقبول بالنسبة للحكومة اليمنية، فهو شخص متمرد يجب أن يقدم إلى المحاكمة، وله كل الحق في الدفاع عن نفسه. وفي النهاية المحاكمة هي التي ستقرر.

* هل يمكن أن يصدر الرئيس علي عبد الله صالح عفوا عاما عنه، خاصة أنه أصدر قبل ذلك مثل هذه القرارات حقنا للدماء؟

ـ الأمر يعود إلى الرئيس، لكنني أعتقد أن المحاكمة يجب أن تكون أولا، لأنه بحكم بعد المنطقة التي يوجد بها اتباع الحوثي، فهم لم يدركوا الاعمال التي كانوا يقومون بها من تحد للسلطات الامنية في منطقة الصعدة وأعمال التخريب التي ارتكبوها، فضلا عن ترويعهم للأهالي وتهديدهم لهم. لذلك عندما بدأت محاربتهم كانت كل هذه الأمور مجهولة بالنسبة للسلطات، وطرح هذا السؤال والمطالبة بالتحقيق في هذا الأمر.

* 300 قتيل فقط * ما هي الأفكار التي يدعو لها الحوثي؟

ـ نشاطاته الدينية تنحصر في إطار مدارس دينية وجوامع فقط، وفكره يعود الى ما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحصر الخلافة في بني هاشم أو قريش.. أمور تجاوزها الزمن، لذلك فالحكومة تعيد النظر في التدريس في المدارس الدينية، ليس فقط التابعة للحوثي وإنما المدارس الدينية التي أنشأتها العديد من المؤسسات، ولا يكمن أن يقبل اليمن بمدارس دينية تفرق بين أبناء الشعب اليمني. نريد تدريس الدين الاسلامي الحقيقي الذي يوحد بين أبناء الشعب الواحد، وأن نفهم الاختلافات الفقهية بين المذاهب. لكن هذا لا يعني أن تتحول هذه الاختلافات إلى صراعات بين المسلمين.

* ما حقيقة ما نشر حول وجود تقصير أمني في عملية إلقاء القبض على اتباع الحوثي نتج عنه حوالي ألف قتيل وجريح؟

ـ هذه مبالغة، فالقتلى في حدود المائتين إلى الثلاثمائة، وهناك مجموعة مصابين والسبب بصراحة صعوبة المنطقة المتحصنين بها.

* العلم الذي رفعه الحوثي هو علم حزب الله، فهل هناك صلة تربط بين حزب الله في لبنان والحوثي؟

ـ لا توجد علاقة على الإطلاق بين حزب الله ومجموعة الحوثي، والحكومة اللبنانية نفت أي علاقة لها بالحوثي، وحزب الله أيضا نفى ذلك، والحوثي لديه نفس الأفكار المتطرفة في ما يتعلق بالإمامة، لكنني أعتقد أن رفعه لعلم حزب الله كان بغرض الحصول على التعاطف وكسب مؤيدين، خاصة أن حزب الله له شعبية في الشارع العربي نتيجة مواقفه من إسرائيل ومساهمته في تحرير الجنوب اللبناني، وأراد الحوثي استغلال هذا الشيء، لكن هناك فرقا شاسعا ولا مجال للمقارنة بين حركة حزب الله التي تقاوم قوات الاحتلال مجموعة الحوثي الخارجة عن القانون.

* ما حقيقة وجود محققين أميركيين في قضية تفجير الناقلة الفرنسية في حضرموت؟

ـ لم يكن هناك محققون فرنسيون، جاء الينا خبراء وفنيون لمساعدة الأجهزة الأمنية لمعرفة الأسلوب الذي تم به التفجير، لكن المحققين الاميركيين شاركوا فقط بالتعاون مع المحققين اليمنيين في قضية تفجير الاسيسكو.