أمين الحزب الحاكم في السودان: قرنق يريد إظهار نفسه كأنه «المنقذ» للسودان بتصريحاته حول دارفور

إبراهيم عمر لـ«الشرق الأوسط»: ما تحقق في محادثات نيروبي يبشر بأن اتفاق السلام النهائي سيوقع في موعده

TT

أعلن الأمين العام للمؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) في السودان البروفيسور ابراهيم احمد عمر ان ما تحقق من نجاح في مفاوضات «ترتيبات وقف اطلاق النار الدائم» حول جنوب السودان، الجارية حاليا في نيروبي، يبشر بأن اتفاق السلام النهائي يمكن ان يوقع في الوقت المحدد. ووصف تصرفات وتصريحات الحركة الشعبية بالنسبة لاحداث دارفور بأنها «سالبة». وقال ان قرنق اراد اظهار نفسه وكأنه المخلص او المنقذ للسودان «وكان غير موفق».

وقال عمر لـ«الشرق الأوسط»، ان قيام حكومة ذات قاعدة عريضة، يمكن ان يتحقق باستكمال اللقاءات والحوارات مع القوى السياسية للوصول الى البرنامج القومي. وقال ان الحكومة بصدد تكوين وفد للتفاوض مع وفد التجمع الوطني المعارض، وان النائب الاول علي عثمان طه سيرأسه. ونفى وجود حوار بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي المعارض الذي يقوده الدكتور حسن الترابي.

وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف تفسرون التطور المتصاعد لأزمة دارفور؟

ـ التطور والتصعيد المتسارعان في مشكلة دارفور جاءا على مرحلتين. عندما نشبت مشكلة دارفور في الاشهر الاخيرة فانها جاءت نتاجا لإشغال بعض الشباب المقاتلين في الميدان، وكانت مطالبهم محدودة، جزء منها يتعلق بتنمية دارفور، وجزء آخر يتعلق بتطلعات شخصية، ولكن عندما وجدت هذه المجموعة دعما من داخل وخارج السودان، قام بعض السياسيين من ابناء دارفور بتبني هذه القضية واظهروها باعتبارها سياسية في اطار السودان، وسموها قضية «تهميش دارفور» ثم «المناطق المهمشة»، واصبحت هناك حركة تحرير دارفور ثم تطورت الى حركة تحرير السودان، واصبح الذي يدير هذه المعركة هم بعض السياسيين الذين ينتمون الى دارفور وليس الشباب الذين اشعلوا الاحداث في بادئ الامر. وتوسعت قضية دارفور وتصاعدت، ثم جاء بعد ذلك دور دول الحكومات الغربية وجماعة الضغط في تلك الدول، او مراكز الدراسات او الجماعات الفكرية في تلك الدول، ولكن تكاتف عمل كل هذه المجموعات ادى في النهاية الى تبني هذه الدول التصعيد السياسي والاعلامي بقضية دارفور وان تتجه الى منصة مجلس الامن الدولي.

* وهل ستؤثر هذه الازمة في عملية السلام في الجنوب؟

ـ رغم كل هذا التصعيد وعلى كافة المستويات فان عملية السلام في الجنوب لم تتوقف، ولكن احداث دارفور سحبت عنها الضوء وانشغل الاعلام بالكامل بقضية دارفور.

* هل تحقق تقدم في ترتيبات وقف اطلاق النار الدائم بالنسبة للجنوب والجارية حاليا في نيروبي؟

ـ في هذه الفترة التي تصاعدت فيها قضية دارفور سياسيا واعلاميا، كانت اللجان الفنية المشتركة تتباحث في كينيا حول الوضع النهائي لوقف اطلاق النار، وهو من اهم اعمال اتفاقية السلام. وقد احرز فيه المتفاوضون تقدما كبيرا، ولكن الاعلام لم يهتم بذلك.

* هل تم التداول حول وضع القوات العسكرية المشتركة؟

ـ نعم، لقد اجتمع الطرفان، الحكومة والحركة الشعبية، وناقشا قضية القوات في المرحلة القادمة، وكيفية التعامل مع القوات المشتركة، ومسؤولية القوات المشتركة ومسألة التوزيع، وكيفية التعامل مع قوات الحركة الشعبية ووضع القوات المسلحة في الفترة المقبلة في الجنوب، وحدث في هذه القضايا تقدم كبير، وهي تشكل واحدة من اخطر القضايا.

* هل يؤثر موقف الحركة الشعبية من احداث دارفور في التوقيع النهائي لاتفاق السلام؟

ـ الذي تحقق بالنسبة لترتيبات وقف اطلاق النار ووضع وتوزيع ومسؤوليات القوات المشتركة في الفترة الانتقالية، يبشر بأن اتفاقية السلام يمكن ان توقع في الوقت المتفق عليه رغم التصرفات والتصريحات السلبية لجون قرنق، وموقفه غير الواضح في قضية دارفور، ومحاولاته غير الموفقة لاظهار نفسه وكأنه المخلص للسودان، وكأن الحكومة هي التي تعيق مسيرة السلام في السودان.

* هل تؤدي هذه التفاعلات الى وقف عملية الشراكة بين الحكومة او المؤتمر الوطني والحركة الشعبية؟

ـ رغم كل هذه الأسباب السلبية من جانب الحركة الشعبية، فنحن نعتبر أنها تأتي من باب المزايدات السياسية التي يجوز لطرف من اطراف الاتفاق تعاطيها، لأن الاتفاق النهائي لم يبرم حتى الآن، ولكن يجب الا تستمر مثل هذه المزايدات لدى ابرام اتفاق السلام النهائي. وإلا ستكون الشراكة ليست شراكة مسؤولية بل تعايش انتهازي.

* اعلن التجمع الوطني المعارض عن تشكيل وفده للتفاوض مع الحكومة فهل تم تكوينه؟

ـ مسيرة الوفاق مع التجمع الوطني تقف الآن عند مرحلة تكوين الوفد الحكومي، وهذا أمر بيد الحكومة، وقد دعوناها الى ان تقوم بهذا التشكيل ليتم اللقاء في اقرب وقت، وأن هذا سيتم قريبا.

وبالنسبة لمستوى تكوين الوفد فانه ما دام وفد التجمع سيكون بقيادة محمد عثمان الميرغني كما جاء في التقارير الصحافية، فوفد الحكومة سيكون برئاسة النائب الأول علي عثمان محمد طه، ولكن هذا الأمر لم يبت فيه بصورة نهائية.

* هل الوفاق الوطني بين الحكومة والقوى السياسية حقق تقدما ملموسا؟

ـ أولا: قضية الوفاق الوطني كما سميت في مرحلة من المراحل، او قضية السلام كما سميت بالنسبة للمجموعات المقاتلة بالجنوب شكلت بالنسبة لنا قضية اساسية، والجهود والمحاولات التي بذلت في اتجاه التقدم في مسيرة الوفاق او السلام تعتبر من الأشياء المهمة، ومهما تعددت الجهات المشاركة فهذا يشكل في نهاية الأمر التقدم الحقيقي نحو استقرار السودان تماما، كما نعتبر ذلك اعترافا من قبل الجهات والأطراف المختلفة بالحقائق في السودان والتعامل معها بجدية.

وعندما تم التوصل الى الاتفاق الاطاري في ماشاكوس في 20 يوليو (تموز) 2002، واعترفت الأطراف، وكذلك المراقبون بحق اهل الشمال في السودان بتطبيق الشريعة، اعتبرنا ان هذا الأمر يشكل بدوره تقدما حقيقيا نحو استقرار السودان، ولذلك فان اللقاءات التي يجريها رئيس الجمهورية او النائب الأول او الأمانة العامة او رئيس لجنة التنسيق في المؤتمر الوطني مع الفعاليات السياسية كلها تصب في اتجاه تثبيت الوفاق الوطني والسلام.

* هل هذه اللقاءات تهدف لتوسيع قاعدة الحكم في البلاد؟

ـ توسيع قاعدة الحكم يتم استنادا الى الاعتراف بالحقائق، ومن هذه المنطلقات يؤدي للاستقرار، وحتى نكون اكثر وضوحا في هذه النقطة التي عندما يتعامل معها الاخرون باعتراف يؤدي ذلك الى استقرار الحكم والدولة، وهو اعتراف الأطراف الأخرى بقيادة الحكومة القائمة والمؤتمر الوطني بقيادة الساحة السياسية في هذه الفترة، لأن انكار هذا الأمر الماثل من قبل بعض قوى المعارضة وتصوير الوضع وكأنه لا توجد قيادة سياسية وتنفيذية في البلد، لا يساعد على تحقيق وفاق او سلام. وافتراض بعض القوى السياسية ان السودان في عام 2004 هو نفس سودان عام 1989 من حيث الولاء السياسي للاحزاب، او من حيث الطروحات السياسية المطلوبة لقضايا الوطن ومن حيث جماهيرية الأحزاب، لا يساعد على التقدم والاستقرار وهو ضرب من الأوهام.

* كيف يتحقق قيام حكومة ذات قاعدة عريضة لمواجهة الاخطار المحيطة بالسودان؟

ـ الاتجاه ان يتفق الناس، او القوى السياسية، على برنامج قومي مؤسس على الاتفاقيات التي ابرمت او التي سيكتمل ابرامها في الاطار السياسي، هذا البرنامج يمكن ان تكون هنالك حكومة ذات قاعدة عريضة تقوم بتنفيذه.

* هل تعني حكومة تشارك فيها كل القوى السياسية؟

ـ أتصور ان هذا البرنامج هو برنامج تعددي ديمقراطي شوري، وأتصور ان تكون هناك احزاب او قوى سياسية غير مشاركة فيه، لأن النظام الديمقراطي يستند الى وجود حكومة ومعارضة، وافتراض ان تكون كل الاحزاب ممثلة في الحكومة، ولا تكون هنالك معارضة، افتراض بعيد عن النهج العام للديمقراطية.

* هل تم اطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وبوجه خاص من المؤتمر الشعبي؟

ـ حسب معلوماتي فان الأجهزة المسؤولة عن هذه الاعتقالات قامت باطلاق سراح كل المعتقلين من المؤتمر الشعبي، وان الاتجاه لدى هذه الأجهزة ان لا يكون هنالك اعتقال، وان يقدم المعتقلون الى محاكمة عادلة، ونحن في المؤتمر الوطني لا نقوم بتصنيف هؤلاء الناس، فهذا عمل الأجهزة المختصة، ولكن يهمنا ان لا يظل في المعتقل احد إلا اذا كانت ضده قضية حقيقية تستدعي تقديمه للمحاكمة، وهذا كله من اختصاص الأجهزة. والمؤتمر الوطني يدعو الى ان يكون في السودان نظام ديمقراطي فيه كل الحريات ولكل الفعــالــيات الــسياسية؟

* هل تم التجاوب من جانب المؤتمر الوطني مع طرح المؤتمر الشعبي المعارض قضية الحوار؟

ـ لم يطرح علينا كمؤتمر وطني فتح هذا الحوار، ربما كانت هناك اتصالات بين البعض من المؤتمر الشعبي وقيادات اجهزة على ضوء اطلاق سراحهم، نحن في المؤتمر الوطني لم نتصل بالمؤتمر الشعبي لاجراء حوار.