لبنان: «منحى سياسي» في قضية «المنار»

TT

وجه وزير الخارجية اللبناني جان عبيد كتاباً الى الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، مرفقاً برسالة «المجموعة اللبنانية للاعلام» التابعة لتلفزيون «المنار» حول ملابسات احالة الاخير الى مجلس الدولة الفرنسي بشأن التزام شركة «يوتلسات» الفرنسية وقف بث قناة «المنار» التي يشرف عليها «حزب الله» الى اوروبا.

وبينما طالب عبيد موسى بضم هذه الرسالة الى الوثائق التي سيستند اليها امين عام الجامعة في متابعة هذه القضية، اصدرت وزارة الخارجية اللبنانية بياناً اشارت فيه الى ان الدعوى ضد تلفزيون «المنار»، اتخذت منحى سياسياً وليس قضائياً. ولاحظت تحيزاً من قبل بعض السلطات الفرنسية في مجال المرئي والمسموع (...) فتتساهل مع المحطات التي تبث برامج معادية للاسلام والعرب.

وجاء في الرسالة التي تلقاها الوزير عبيد من «المجموعة اللبنانية للاعلام» التابعة لتلفزيون «المنار» وبعث بها الى موسى: ان احالة قناة المنار الى مجلس الدولة الفرنسي بناء على شكوى المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية ووزارة الخارجية الاسرائيلية يأتي في سياق محاولات منع الاعلام العربي من نقل الحقائق والوقائع المتعلقة بالصراع العربي ـ الاسرائيلي، خصوصاً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ومن المقرر ان يصدر قاض فرنسي حكمه في 19 اغسطس (آب) الحالي، استناداً الى طلب المجلس الاعلى للاعلام المرئي والمسموع الذي يلزم شركة «يوتلسات» الفرنسية بوقف بث قناة «المنار» الى اوروبا. وللعلم الشركة المذكورة ملتزمة باتفاق مع «عربسات» جرى بموجبه تأجير موجة لبث باقة عربية موحدة من عشر قنوات من بينها «المنار». ولا يحق لـ«يوتلسات» ايقاف بث «المنار» اذا اصر «عربسات» على الالتزام بالاتفاق، اذ بموجبه لا يستطيع القضاء الفرنسي الزام «عربسات» بايقاف بث قناة واحدة.

اما وزارة الخارجية فأوضحت في بيانها «ان البرامج التي تبثها محطة «المنار» تدين سياسة الحكومات الاسرائيلية وليست بأي شكل ذات طابع عنصري او منتقدة للديانة اليهودية والشعب اليهودي». ودعت الى «التمييز بشكل واضح بين مناهضة الصهيونية ومناهضة السامية، فالايديولوجيا والممارسات الصهيونية هي المدانة لانها في اساس النزاع الاسرائيلي ـ العربي ومصدر المأساة والظلم اللذين يعاني منهما الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين».

ونبهت الخارجية اللبنانية الى ان البرنامج التلفزيوني «الشتات» موضوع الاتهام الذي بثته المنار هو برنامج تاريخي، مستوحى من مراجع بيبلوغرافية عائدة بمعظمها لمؤلفين يهود وصهاينة، وانها (الخارجية اللبنانية) اذ ترفض بأي شكل من الاشكال التدخل بمجرى القضاء والامور الداخلية الفرنسية، تعتبر ان الدعوى ضد محطة المنار اتخذت منحى سياسياً وليس قضائياً، وان التحيز من قبل بعض السلطات الفرنسية في مجال المرئي والمسموع واضح. فهي متساهلة تجاه المحطات الفرنسية التي تبث برامج معادية للاسلام والعرب، في وقت رفض المجلس الاعلى للمرئي والمسموع حلاً بالتراضي عرضه عليه مسؤولو محطة «المنار». كما ان محطة فرنسية عرضت سنة 2001، فيلماً اعتبرته سلطات بعض البلدان العربية مهيناً وتابعت بث برامجها بعد ان قدمت اعتذاراً».

ولفتت الخارجية اللبنانية الى «ان الخطر كل الخطر يكمن في محاولة الحكومة الاسرائيلية تصوير كل سياسة منتقدة لها وكأنها تضحية بالشعب اليهودي ككل». واكدت الوزارة ان لبنان الذي لا يزال جزء من اراضيه محتلاً من قبل اسرائيل، يعتبر ان من اضعف حقوقه التعبير عن نقده للممارسات الاسرائيلية. ويود ان يظهر لفرنسا، بلد الحرية والعدالة والمساواة كما للمجموعة الدولية، العذاب والظلم اللذين يرهقان شعوب المنطقة. ان السياسات الرسمية للحكومة الاسرائيلية تجعل الحياة في ظل الاحتلال اسوأ من الموت. والرد على هذه السياسات اقل بكثير من الظلم الذي تولده. وانطلاقاً من هنا، تأتي قضية «المنار» في اطار الضغوط المتزايدة على حكومات لبنان والعرب. ففي كل مرة يسجل ظلم ارتكبته اسرائيل، تفسره الحكومة الاسرائيلية بهجوم ضد اليهود كشعب او ضد اليهودية كديانة. وهذا ما لم يتضمنه البرنامج التلفزيوني المدان.