تشيني ينتقد دعوة كيري شن حرب «ذكية» على الإرهاب ويشدد على «إطاحة» الإرهابيين

استطلاعات الرأي تظهر أن غالبية العرب الأميركيين سيصوتون للمرشح الديمقراطي

TT

انتقد نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني بشدة دعوة المرشح الديمقراطي للرئاسة جون كيري الى تعاون دولي وحرب «ذكية» ضد الإرهاب. ورد الحزب الديمقراطي على الفور متهما الرئيس الاميركي جورج بوش بإثارة غضب بعض الحلفاء ومؤكدا ان «الصلف ليس فضيلة». وفيما ذكرت مصادر واستطلاعات رأي ان العرب الاميركيين الغاضبين من سياسات الإدارة الحالية في الشرق الاوسط والإجراءات ضد المسلمين في اميركا سيصوتون في غالبيهم لصالح المرشح الديمقراطي، أوضح آخر استطلاع للرأي العام الاميركي ان كيري يواصل تقدمه علي بوش في ملفي الاقتصاد والعراق وهما من أهم ملفات الانتخابات الرئاسية، كما اظهر الاستطلاع ان الاميركيين قلقين من ارتفاع أسعار البترول أكثر من قلقهم من احتمال هجوم إرهابي جديد او الوضع في العراق. وأوضحت مصادر اميركية ان العرب الاميركيين الذين لهم حق التصويت والذي يبلغ عددهم 3.5 مليون شخص وصوت أكثر من نصفهم في انتخابات 2000 لصالح بوش، يعتزمون خلال هذه الانتخابات التصويت لكيري بسبب سياسات بوش. ويعتقد المحللون ان تحول أصوات العرب الاميركيين لصالح كيري يمكن ان يؤثر كثيرا في مسار الانتخابات، خاصة في ولايات حاسمة مثل بنسلفانيا وأوهايو وفلوريدا وميتشغان. غير ان المحللين أوضحوا ان الدعم الذي أظهره كيري لإسرائيل يمكن ان يلعب دورا في إعطاء بعض العرب أصواتهم الى المرشح المستقل رالف نادر. وأظهر استطلاع للرأي اجري في يوليو (تموز) الماضي ان 30% من العرب الاميركيين الذين يصوتون عادة للحزب الجمهوري يميلون هذا العام الى التصويت لصالح كيري مما يعني ان غالبية العرب الاميركيين سيصوتون لصالح المرشح الديمقراطي، اذ اظهر آخر الاستطلاعات ان 54% من العرب الاميركيين يعتزمون التصويت لكيري. وقال جيمس زغبي رئيس «مركز زغبي لاستطلاعات الرأي» الذي اجري الاستطلاع ان نتائجه تظهر تغير آراء العرب الاميركيين بنسبة 180 درجة. وأضاف ان نتائج الاستطلاع تظهر أيضا ان السياسات الاميركية في الشرق الأوسط لعبت دورا رئيسيا في تحول آراء العرب الاميركيين غير ان موضوع الحريات المدنية لعب أيضا دورا بارزا في التحولات، مشيرا الى ان العرب الاميركيين أضيروا بشدة خلال الأعوام الأربعة الماضية بسبب القوانين التي انتهكت الحريات الشخصية وطبقتها الإدارة خصوصا ضد العرب والمسلمين. إلى ذلك، أثار تشيني سخط الحزب الديموقراطي عندما انتقد أقوال كيري الذي دعا الأربعاء الماضي الى حرب «أكثر فعالية ورزانة واستراتيجية» والى تعاون دولي. وقال تشيني في اجتماع في أوهايو بشمال الولايات المتحدة الاميركية ان «حربا ذكية لن تطيح بالمجرمين الذين قتلوا 3000 شخص في اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 وصنعوا أسلحة لقتل مئات الآلاف الآخرين». وأضاف ان «الأشخاص الذين قطعوا رأس الصحافي في وول ستريت دانيال بيرل والمهندس بول جونسون لن يتأثروا بذكائنا». وتابع تشيني وهو احد أهم مؤيدي الحرب على العراق ان الولايات المتحدة تحارب من اجل «المحافظة على حريتنا وطريقة عيشنا ولا جدوى من التعامل مع من يهددنا ويقتل الأبرياء في العالم بذكاء بل يجب الإطاحة بهم». وأضاف ان «دور الرئيس حسب أقوال كيري هو استخدام القوات العسكرية للرد على الهجمات لكن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) برهنت لنا انه علينا العمل ضد المخاطر وعدم انتظار الهجمات». وردا علي انتقادات تشيني، اتهم فريق حملة كيري نائب الرئيس بشن «هجمات خادعة ويائسة». وقال العضو الديمقراطي في مجلس الشيوخ فرانك لاوتنبرغ ان «سياسة الرئيس بوش المتعجرفة لم تنجح. يجدر بنائب الرئيس تشيني ان يمضي وقتا اقل في مهاجمة كيري والمزيد من الوقت لمحاولة إصلاح الأضرار التي تسببت بها إدارة بوش في العراق».

إلى ذلك، أشاد الرئيس بوش بالخدمة العسكرية لمنافسه الديمقراطي كيري ووصفها بأنها شرف، لكنه امتنع عن التنديد بإعلانات محاربين قدماء في فيتنام شككوا في السجل العسكري لعضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس. وقال بوش في برنامج «لاري كينغ لايف» بشبكة تلفزيون سي. إن. إن الإخبارية الاميركية أول من أمس ان «السناتور كيري فخور بسجله في فيتنام عن حق ويجب ان يكون كذلك». وأشار الى خدمة كيري في فيتنام على انها «خدمة نبيلة». واتهمت إحدى جماعات المحاربين القدماء كيري بإساءة تمثيل سجل حرب فيتنام. ونشرت الجماعة إعلانا وكتابا يهاجم مرشح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة. وتتناقض اتهاماتهم مع الصورة المتوهجة لكيري التي رسمها محاربون قدماء خدموا معه في فيتنام عندما كان قائدا لأحد الزوارق السريعة التابعة للبحرية. وحصل كيري على وسام النجمة الفضية والنجمة البرونزية وثلاثة قلوب أقحوانية.

وبينما امتنع بوش عن التنديد بالإعلانات التي تهاجم كيري الا انه قال ان القضية الأشمل هي قضية الجماعات المستقلة المعروفة باسم «527» التي تخرج عن نطاق حدود قوانين تمويل الحملة الانتخابية ويمكنها ان تنفق كمية غير محدودة من الأموال على إعلانات الهجوم.

وقال بوش «قالوا بعض الأشياء السيئة عني. واعتقد أنهم يقولون أشياء سيئة عنه. وأنا اعتقد ان ما يجب ان نفعله هو عدم إذاعة إعلاناتهم». وخلال جولة الانتخابية في نيفادا في غرب البلاد برر الرئيس بوش مرة أخرى قرار شن الحرب على العراق، مؤكدا انه «على ضوء ما اعرفه اليوم أستطيع القول إنني كنت سأتخذ القرار نفسه» بالهجوم على العراق.

وقد حث السناتور جوم ماكين، وهو جمهوري عن ولاية أريزونا وخدم أيضا في فيتنام، البيت الأبيض على التنديد بالإعلانات التي تهاجم كيري. وماكين وكيري صديقان وان كان ماكين يؤيد حملة إعادة انتخاب بوش ورافقه في الحملة الانتخابية هذا الأسبوع.

وضم الديمقراطيون الى صفوفهم الجنرال المتقاعد والجنرال السابق البارز في سلاح الجو ميريل ماكبيك الذي أشاد بصلابة جون كيري الذي قاتل في حرب فيتنام. وقال ان كيري «تطوع لخدمة الجيش بينما الكثيرون من بينهم الرئيس بوش ونائب الرئيس تشيني وجدوا وسيلة للتهرب».

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) يحاول الجمهوريون التشكيك في قدرة جون كيري على مكافحة الإرهاب بعزم. اما السناتور عن ماساتشوسيتس فقد حاول البرهنة على عكس ذلك في المؤتمر الديمقراطي الذي عقد في أواخر يوليو في بوسطن.

وعلى الصعيد ذاته، حذر مسؤول في البيت الأبيض من ان انتخابات الرئاسة الاميريكية دخلت فترة الشهرين الأخيرين التي يمكن ان يزداد فيهما خطر شن «القاعدة» هجوما لتعطيل الانتخابات. ولم يشر المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه الى أدلة على قرب وقوع هجوم داخل الولايات المتحدة، ولكنه قال ان السلطات جمعت تفصيلات متزايدة عن تهديدات محتملة من خلال موجة من اعتقال أشخاص يشتبه في أنهم أعضاء في «القاعدة» في باكستان وبريطانيا خلال الشهر الماضي.

وقال المسؤول للصحافيين أول من أمس «انه ليس افتراضا نفرضه.. انه أمر واضح جدا يعتمد على معلومات المخابرات نفسها بان «القاعدة» تتطلع الى التأثير على الانتخابات، وبناء على معلومات الاستخبارات نشعر بقلق أكبر إزاء الفترة الزمنية من أغسطس الى سبتمبر»، وتعد هذه أول مرة تشير فيها الحكومة الى فترة محددة لازدياد الخطر على الانتخابات.

ولكن المسؤول اعترف بان احتمال وقوع هجوم متصل بالحملة الانتخابية سيستمر حتى الانتخابات التي تجري في الثاني من نوفمبر. وانقضت عدة تحذيرات سابقة عن احتمال وقوع أعمال إرهابية داخل الولايات المتحدة من دون حدوث أعمال عنف منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001. وكان المسؤولون قد بدأوا الحديث بصفة عامة عن احتمال وقوع هجوم له صلة بالانتخابات.

إلى ذلك، افاد استطلاع للرأي نشرت نتائجه أول من أمس ان كيري يتقدم علي بوش في ملفي الاقتصاد والعراق. وكشفت الدراسة التي اجراها معهد «بيو» بين الثالث والعاشر من أغسطس (آب) وشملت 1512 شخصا، ان بوش يلقى تقديرا اكبر من خصمه لقدرته على إدارة شؤون البلاد وحكمته ونزاهته. ويشير الاستطلاع الذي قدر هامش الخطأ فيه بنحو ثلاث نقاط الى تقدم طفيف لكيري (47%) امام بوش (45%) والمرشح المستقل رالف نادر (2%). ويعتبر 52% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع ان كيري مؤهل بشكل أفضل لإدارة الشؤون الاقتصادية التي يوليها الناخبون أولوية مقابل 37% لبوش. وزادت الهوة بين الرجلين على مر الأشهر من خمس نقاط في مارس (آذار) الى عشر نقاط في مايو (أيار). وأعرب 52% من الاميركيين في الاستطلاع عن استيائهم من إدارة بوش لشؤون الاقتصاد في حين اظهر النمو دلائل تراجع منذ مطلع الصيف.

كما أوضح الاستطلاع ان ارتفاع أسعار البنزين موضع قلق للاميركيين ويتابع 52% منهم عن كثب تطورها. وفي المقابل يخصص 39% الأهمية ذاتها للعراق و34% للإنذار الإرهابي.

وحول العراق يعتبر 46% ان كيري قادر على إيجاد حل للانتشار الاميركي في هذا البلد مقابل 44% يرون عكس ذلك.