تحد لغوي في ترجمة أوكسفورد الجديدة لمعاني القرآن الكريم

البروفسور محمد عبد الحليم يتبنى إنجليزية القرن الـ 21 من دون التصرف في النص

TT

لندن ـ أ.ب: عندما كان محمد عبد الحليم طالبا صغيرا في مصر كان يطلب منهم أن يحفظوا القرآن عن ظهر قلب، كما كانوا يجلسون للامتحان كل عام للتأكد من حفظهم له. وقال استاذ الدراسات الإسلامية بجامعة لندن، إنه يحفظ عهدا قطعه لوالده عندما كان صغيرا، وهو أن يقرأ القرآن يوميا، وإنه لا يحتاج إلى الرجوع إلى المصحف نسبة لتدريبه السابق في المدرسة.

وأضاف «إنني أستطيع أن أقرأ القرآن في كل وقت، إذا كنت راجلا أو راكبا أو في القطار تحت الأرض».

وقد وظف عبد الحليم دراسته المبكرة توظيفا جيدا لأنه انصرف خلال الأعوام السبعة الماضية إلى إنجاز ترجمة جديدة للقرآن صدرت الشهر الماضي بعنوان «القرآن» عن دار جامعة أكسفورد للنشر. وقد ثار جدل حاد في الماضي حول صواب ترجمة القرآن إلى اية لغة أخرى. وقد أصدر الترجمات الأولى للقرآن باحثون من غير المسلمين وصدرت الأولى منها عام 1649. ولم يقدم أي مسلم على ترجمة القرآن إلا في القرن العشرين. أما الآن فإن المسلمين المتشددين أنفسهم يشجعون ترجمة القرآن لأغراض الدعوة الى الإسلام.

وقال عبد الحليم إن ترجمة القرآن مهمة، حتى يتمكن المسلمون في الغرب، ومن ضمنهم أبناؤه وأحفاده، من معرفة دينهم. وتقول إيفون حداد من جامعة جورج تاون، إن أغلب أبناء المسلمين في الدول الغربية «لا يستطيعون قراءة القرآن باللغة العربية. ربما يستطيعون ترتيله ولكنهم لا يفهمون معانيه».

ومثلما للإنجيل عدة ترجمات، هناك كذلك عدة ترجمات للقرآن في سوق الكتب حاليا، مع أن بعض الخبراء يقولون إن هذه الترجمات تنطوي على كثير من النقائص. ومع أن هذه الترجمات تتبنى إنجليزية قديمة، إلا أن ترجمة عبد الحليم تتبنى إنجليزية القرن الحادي والعشرين. وقد قال معلق لمجلة الإيكونوميست البريطانية إن عبد الحليم نقل النص العربي «إلى إنجليزية حديثة، سهلة على الأفهام، ودون التصرف في النص القرآني».

النص الأكثر تداولا من ترجمات القرآن، هو ترجمة الهندي عبد الله يوسف علي، 1934، والذي روجع عام 1989 من قبل المعهد العالمي للدراسات الإسلامية بهيرندون، بفيرجينيا، وذلك بفضل الدعم السعودي. اللغة التي استخدمها عبد الله يوسف علي لغة قديمة، وهذا ما يتفاداه عبد الحليم في ترجمته الجديدة.

ولم يقيم عبد العزيز ساكدينا من جامعة فرجينيا، والذي فضل ترجمة أي. جي. أربيري من جامعة كمبريدج عام 1955، الترجمة التي قام بها عبد الحليم ولكنه يعتقد انها «يمكن أن تكون هامة جدا بالنسبة لغير المسلمين وكذلك بالنسبة للمسلمين». ويقول عبد الحليم ان معنى الكلمات يمكن أن يختلف بين العربية الكلاسيكية والعربية المعاصرة.

وهذه ليست سوى بداية المصاعب. وتقول امير بوتوروفيتش من جامعة يورك بتورونتو ان القرآن «من الغنى والتعقيد بحيث أنه حتى بالنسبة للمستعربين ونقاد الأدب يعتبر تحديا محسوسا»، جاعلا من اية ترجمة «اشكالية الى حد كبير».

ان طبعة يوسف علي مؤثرة بشكل خاص بسبب تعليقاتها وشروحها الواسعة. ويقول ساكدينا وحداد ان طبعة 1989 أجرت تغييرات لا مبرر لها في ترجمة يوسف علي.

وعلى خلاف يوسف علي لا يوفر عبد الحليم سوى مقدمات موجزة للفصول ويقصر الهوامش على الأمور الأكثر أساسية. ولكن هذه المقدمة تشدد على أن القرآن يجب ان يفهم في سياق الكلمات التي كانت سائدة في عصر النبي محمد، خاصة في ما يتعلق بالنصوص الواردة حول المشركين والدفاع عن النفس.

ويعتقد عبد الحليم انه في كثير من الأمثلة شوه المتطرفون المسلمون والخصوم الخارجيون للاسلام، على نحو خطير، معنى الوحي الالهي.