إسرائيل تشن حربا نفسية ضد الأسرى بشي اللحم في ساحات السجون والفلسطينيون يهددون بالامتناع عن شرب الماء تصعيدا للإضراب

عرفات يترأس غدا اجتماعا للمجلس التشريعي يدعو فيه لإضراب تضامني عن الطعام في مقره وأبو علاء يمنع الفطاير والمشروبات عن الوزراء في اجتماع الحكومة

TT

تشتد الحرب بين الفلسطينيين لا سيما الاسرى المضربين منهم وسلطات الاحتلال الاسرائيلي في اليوم الثاني على الإضراب المفتوح عن الطعام الذي اعلنه الف و700 اسير في 3 سجون، وسينضم اليهم غدا اكثر من الف آخرين. ويحاول كل طرف في هذه الحرب كسر ارادة الطرف الآخر، مستخدما ما يتوفر لديه من السلاح.

فالاسرائيليون من جانبهم وبعد سلسلة من الاجراءات القمعية التي اتخذتها سلطات السجون عقابا وانتقاما، منها سحب اجهزة التلفزيون والراديو، جرى تشكيل لجنة خاصة من كبار السجانين وعلماء النفس لوضع تفاصيل الحرب النفسية التي تخطط سلطات الاحتلال لشنها بهدف كسر ارادة المضربين تبعا لأوامر وزير الأمن الداخلي تساحي هنغبي. وبدأت أمس في تنفيذ حربها النفسية باللجوء الى شي اللحم في ساحات السجون المضربة. فقد سمحت للسجانين بشي اللحم في الساحات المقبلة لزنازين المضربين حتى تترك رائحة الللحوم المشوية آثارها النفسية والمعنوية على المضربين وتجعلهم يحسون اكثر بألم الجوع. وقال بعض الأسرى إن إدارة السجون في سجن نفحة في صحراء النقب أحضرت 50 سجينا جنائيا يهوديا إلى أحد الأقسام وسلمتهم مطبخ السجن وراحوا يشوون اللحوم بشكل مقصود لإثارة واستفزاز الأسرى المضربين، حسب بيان لنادي الاسير الفلسطيني.

وأمر المفوض العام المسؤول عن سلطة السجون الإسرائيلية، يعقوب غانوت، صباح امس، بتعزيز حالة التأهب في جميع السجون الإسرائيلية، وانتشرت وحدات أمنية خاصة في العديد من السجون. ووزعت سلطات السجون منشورا طبيا على كل المعتقلين يشرح الاضرار التي تلحق باجهزة الجسم المختلفة اذا ما امتنع عن الطعام لفترة طويلة. واوضح المنشور ان بعض هذه الاضرار ستكون مستديمة. وتهدف الاشاعات الى دق الاسافين بين المضربين منها ان احد قادة الاضراب تناول الغداء مع مدير مصلحة السجون، وان قائدا آخر كسر الاضراب بناء على تعليمات من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وان مروان البرغوثي امين سر اللجنة الحركية العليا لتنظيم فتح في الضفة الغربية لم يشارك في الإضراب. اما الاسرى انفسهم فانهم هددوا بتصعيد الاضراب بالامتناع عن شرب الماء ايضا حسب ما جاء في بيان لنادي الاسير الفلسطيني تلقت «الشرق الاوسط» نسخة عنه. كما هدد الاسرى المرضى بالانضمام الى الاضراب بالامتناع عن تناول الدواء. اما على الصعيد الرسمي والشعبي فقد تواصلت مظاهرات الاحتجاج والاضرابات وأقيمت خيم التضامن في كل المدن، تعبيرا عن التضامن مع الأسرى. وسينضم الى المضربين الرئيس عرفات وكذلك اعضاء الحكومة ابتداء من غد. وسيعلن الاضراب الرئيس بعد اجتماع المجلس التشريعي الذي سيعقد في مقره غدا في رام الله.

ومن المقرر ان يلقي الرئيس عرفات خطابا يرد فيه على تساؤلات ومطالب اللجنة الخاصة المنبثقة عن المجلس التشريعي. ويفترض ان يتركز الخطاب حول الاوضاع الداخلية وبرنامج الإصلاحات ومختلف القضايا المطروحة.

وأشاد بالاضراب الرئيس عرفات الذي يعتبر هو نفسه سجينا بمحاصرته داخل مقره في رام الله بالضفة الغربية. وذكر مصدر فلسطيني لـ«الشرق الاوسط» ان رئيس الوزراء احمد قريع (ابو علاء) منع في اجتماع الحكومة تعبيرا عن التضامن مع الاسرى، تقديم الفطاير والمشروبات مثل الماء والقهوة والشاي، التي تقدم عادة في اجتماعات مجلس الوزراء.

من جانبه، اكد عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو المجلس التشريعي في تصريح لمركز الإعلام والمعلومات امس أن القيادة الفلسطينية ستبدأ غدا إضرابا مفتوحا عن الطعام تضامناً مع الأسرى. وقال إن هناك «اتصالات على كل المستويات والهيئات الحكومية وغير الحكومية وحقوق الإنسان لإبراز الجريمة الإسرائيلية ضد الأسرى خلف القضبان»، مشيراً إلى أن القيادة تسعى لأن «يكون هذا الحدث شاملا لكل الشرفاء في هذا الوطن وكل أنصار قضيتنا ليكون عبارة عن فعالية تتسع على أكثر مدى مطلوب يصحبه تضامن شعبي واسع في المحافظات وأماكن وجود البعثات الأجنبية».

وعلى الصعيد الشعبي، عمت المظاهرات والإضرابات وخيم التضامن مع مدن الضفة الغربية وقطاع غزة. فتظاهر آلاف الفلسطينيين في مدينة غزة بدعوة من القوى الوطنية والاسلامية. وانطلقت المظاهرة من امام مقر اللجنة الدولية للصليب الاحمر بغزة الى مقر الامم المتحدة حيث سلموا مذكرة لمكتب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان تطالبه بالتدخل الفوري للضغط على اسرائيل في قضية الاسرى.

ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «نعم للجوع لا للركوع» و«اين العالم من قضية الاسرى؟» و«نطالب بتطبيق ميثاق جنيف الرابع على الاسرى الفلسطينيين». كما رفعوا صورا للاسرى من بينهم صورة اللبناني سمير القنطار. ورددوا هتافات «يا عالم اين العدل والضمير؟» و«قولوا لكوفي انان اين حقوق الانسان؟» و«لا سلام ولا هدوء الا بالافراج عن الاسرى في كل السجون» و«يا شارون يا جزار مهما عملت ومهما صار السجين هو العنوان».

وعم الإضراب الشامل جميع مناحي الحياة في مدينة الخليل حيث أغلقت المحلات التجارية أبوابها ولم يتوجه العمال في المدينة إلى أماكن عملهم وشوهدت الشوارع خالية تماما وذلك تضامناً مع الأسرى في إضرابهم المفتوح عن الطعام.

وكانت الفعاليات الوطنية الإسلامية قد أقامت مهرجانا خطابيا في خيمة الاعتصام التي أقيمت أمام مقر الصليب الأحمر الدولي في الخليل حيث خطب العديد من الشخصيات الوطنية في جموع الحاضرين الذين توافدوا إلى الخيمة معربين عن تضامنهم مع الأسرى.

وأقامت القوى الوطنية والإسلامية في محافظة جنين خيمة اعتصام وسط المدينة تضامنا ضمن مسلسل الفعاليات التي أقرتها لجنة القوى الفصائلية لدعم معركة الأمعاء الخاوية التي يقودها المعتقلون. وأمّ خيمة الاعتصام مئات الفلسطينيين حيث احتشد عدد من ذوي الأسرى مطالبين المؤسسات الدولية بالوقوف إلى جانب أبنائهم في حقوقهم المشروعة.

وتوافد على خيمة الاعتصام، المقامة في ساحة مبنى بلدية طوباس في الضفة الغربية، مئات المواطنين إضافة إلى ممثلي الأجهزة الأمنية ومسؤولي المؤسسات الرسمية والشعبية وشيوخ ووجهاء العشائر في المنطقة. وقال محمود عيسى، مدير نادي الأسير الفلسطيني في طوباس، إن هذه الفعاليات التضامنية، تعتبر تاريخية، ولا سابق لها من حيث أن تشهد المنطقة حركة شعبية ورسمية واسعة لمساندة الأسرى في إضرابهم المفتوح عن الطعام. وطالب المعتصمون، دول العالم بالخروج عن صمتها ومساندة قضية الأسرى وتحريرهم من الظلم الاسرائيلي. وعبرت بعض اللوحات والرسومات، التي أحضرها أبناء الأسرى وبناتهم، عن مدى ما ألحقه الاحتلال الصهيوني من ضرر بالغ بنفوسهم التواقة إلى الحرية.