ثلاثة أميركيين يمثلون أمام محكمة أفغانية بتهمة إدارة عملية «شخصية» للحرب على الإرهاب

مكتب المباحث الفيدرالي احتجز طيلة عشرين يوما وثائق مهمة حول سجنهم السري في منزل بكابل

TT

مثل امس ثلاثة اميركيين متهمين بأنهم لاحقوا خارجين عن القانون للحصول على مكافأة خصصت للقبض عليهم وقاموا بـ«إدارة عملية شخصية لإرهاب مضاد» في أفغانستان، أمام هيئة المحكمة التي وجهت لهم تهمة سجن وتعذيب ثمانية أفغان.

ومثل جوناثان ايديما مع زميله برنت بينيت ببزة عسكرية بينما حضر الاميركي الثالث ادوارد كارابالو باللباس الأفغاني التقليدي. وقال اديما انه ورفيقيه وأربعة مواطنين افغان، كانوا يعملون بمعرفة وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد التامة لملاحقة إرهابيين في افغانستان. لكن الحكومتين الاميركية والأفغانية نفتا وجود اي علاقة لأي منها بأي من الأميركيين الثلاثة.

وفي تطور مثير أمس اتضح ان «مكتب المباحث الفيدرالي» الأميركي (اف. بي. آي) طوال اكثر من عشرين يوما وثائق ضبطتها اجهزة الاستخبارات الافغانية لدى اعتقال الاميركيين الثلاثة ولم تتم اعادتها الى القضاء الافغاني سوى امس.

ولدى افتتاح جلسة المحاكمة اشتكى زعيم المجموعة جوناثان ايديما من تسليم اجهزة الاستخبارات الافغانية الى «اف بي آي» 500 صفحة من الوثائق ومائتي شريط فيديو وما لا يقل عن 400 صورة ضبطت لدى اعتقالهم، الامر الذي لم يمكنه من اعداد دفاعه. وقال ان من شأن بعض هذه الوثائق اثبات علاقاته بوزارة الدفاع الاميركية.

وبعد تعليق الجلسة لساعتين بعيد الظهر اقر المدعي العام، محمد نعيم الدواري، بأن هذه الوثائق «كانت بحوزة اف. بي. آي طيلة عشرين يوما ولم تسلم للقضاء الافغاني الا قبيل افتتاح الجلسة». وقال: «حصلنا على الوثائق قبل عشر دقائق» لكن «هذه الادلة لن تسهل دفاعهم».

وطلب احد محامي جوناثان ايديما حينها تأجيل المحاكمة لسبعة ايام للتمكن من دراسة الوثائق التي تم التحفظ عليها. واعتبر التأخر في تسليم الوثائق «اهانة للقضاء الافغاني». ووافق القاضي على تأجيل المحاكمة، موضحا ان اجهزته ستحتاج ايضا الى بعض الوقت لدراسة الوثائق.

وقد ألقت القضية الضوء على العالم الغامض للأمن والإرهاب في بلد تبقى فيه القوات المتحالفة بقيادة الولايات المتحدة وإفراد قوات حفظ السلام الدولية قريبة من قواعدها، تاركة مسائل مهمة تتعلق بالأمن لشركات خاصة.

ومنذ مثول ايديما أمام المحكمة للمرة الاولى في 21 يوليو (تموز) الماضي، اقرت قوات التحالف بوجود اتصالات لها مع مجموعته. وكان ايديما تحدث في تلك الجلسة عن علاقته بوزير الدفاع الاميركي. كما اقرت القوات الاميركية بعد ايام من مثول المتهمين امام المحكمة، انها تسلمت شخصا يشتبه في انه ارهابي اعتقله ايديما، وذلك على الرغم من تشديداتها المتكررة في وقت سابق على غياب اي اتصالات لها مع هذا الاخير. وتم اطلاق سراح ذلك الشخص بعد ان توصلت القوات الاميركية الى انه ليس ضمن افراد الميليشيا المطلوبين.

ويأتي الاعتراف الاميركي بعد كشف النقاب في وقت سابق من الشهر الماضي عن ان قوات حفظ السلام الدولية بقيادة حلف شمال الاطلسي قامت بتزويد ايديما بخدمات تتعلق بتفكيك القنابل خلال غارات على مجمعات ومنازل لاشخاص قال ايديما انهم ارهابيون. وقالت قوات التحالف وحفظ السلام انها خدعت بمساعدة فريق ايديما، الذي ارتدى اعضاؤه زيا عسكريا اميركيا وانها اعتقدت ان فريق ايديما يضم افرادا من القوات الخاصة الاميركية النظامية. وقال القاضي، عبد الباسط بختياري، في وقت سابق ان «ايديما رجل شجاع. انه موجود في أفغانستان منذ فترة طويلة، لكنه لم يكن شخصا يحمل معه فكرة محددة او خطة». وقال بختياري ان ايديما «وجد في افغانستان بلدا لا يوجد فيه قانون ومكانا جيدا للخداع والقيام بنشاطات غير مسؤولة».

وأوضح القاضي انه سيبذل قصارى جهده لضمان ان يمنح ايديما محاكمة عادلة. وقال ان السلطات الاميركية لم تتدخل في الاجراءات القضائية، وانها طلبت فقط حضور جلسات المحكمة بصفة مراقب.

ولم يدل مايكل سكيبي محامي الدفاع عن كارابالو بأي تفاصيل تتعلق بالمصاعب المرتبطة بتحضير دفاع في افغانستان. ويذكر ان كارابالو مصور اميركي سابق قال انه موجود في أفغانستان لتصوير فيلم وثائقي عن خلية ايديما المناهضة الإرهاب.

واكتفى سكيبي بالقول ان المتهمين الثلاثة سيكونون في المحكمة الاثنين «لكن من المستحيل التكهن بالفترة التي ستستغرقها المحاكمة». وكانت الجلسة التي عقدت الشهر الماضي قد رفعت أسبوعين لإفساح المجال أمام الاميركيين الثلاثة ورفاقهم الأفغان الاربعة للحصول على دفاع أفضل ولإيجاد عدد كاف من المترجمين. وفي حال إدانتهم، يواجه الرجال السبعة عقوبة السجن لفترات تتراوح بين 16 عاما وعشرين عاما.

وذكرت صحف اميركية ان ايديما كان يعمل في ملاحقة المطلوبين الخارجين عن القانون للحصول على المكافآت التي تم رصدها لاعتقالهم وانه أمضى فترة من حياته في السجن بتهمة الاحتيال. وأضافت ان ايديما شارك في الماضي مع قوات تحالف الشمال في أفغانستان وربما كان يلاحق قيادات في تنظيم «القاعدة» على امل المطالبة بالمكافآت المالية الكبيرة التي تم رصدها.

وتتعرض القوات الاميركية في أفغانستان لانتقادات منظمات حقوق الإنسان لإساءتها معاملة المحتجزين في أفغانستان والذين توفي احدهم أثناء الاحتجاز.