«صدمة» سحب القوات الأميركية تقض مضجع وزير الدفاع الألماني

TT

عاود وزير الدفاع الألماني بيتر شتروك، 61 عاما، العمل في وزارته بعد شهرين من الاستراحة التي استحقها نتيجة «أزمة صحية» ألمت به في يونيو (حزيران) الماضي. وكان الخبر الأول الذي تلقاه في يوم عمله الأول أمس «صدمة» نظيره الاميركي دونالد رامسفيلد الذي أعلن نية بلاده سحب جزء كبير من قواتها المتمركزة في ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وكان سيد «البنتناغون» قد أعلن مساء اول من امس ما سبق أن وصفته دوائر الخارجية الألمانية بـ«تكهنات صحافية» حول نقل القوات الاميركية من قواعدها الألمانية. وأكد رامسفيلد رغبة بلاده في نقل معظم قواتها من أوربا، وخصوصا ألمانيا، في إطار عملية اعادة بنية قوات الولايات المتحدة في الخارج. وقال الوزير الأميركي إن ألمانيا «ستكون موقعا كبيرا لاعادة تشكيل القوات»، وان الولايات المتحدة ستحتفظ ببعض القواعد الدائمة فيها.

ورغم أن واشنطن لا تزمع نقل قواتها في الحال من ألمانيا، وإنما خلال جدول زمني يمتد من اربعة الى ثمانية اعوام حسب اعلان رامسفيلد، فإن ذلك لن يجنب شتروك والمستشار غيرهارد شرودر الصداع الناجم عن تفاقم الحركة الاحتجاجية ضد برنامج الاصلاح الاجتماعي الذي تنتهجه الحكومة.

ذلك أن آخر ما ينتظره المستشار شرودر هو أن تصب قضية القواعد الاميركية الزيت على نار البطالة المتفاقمة. فسحب القوات الاميركية من ألمانيا، وهي قوات يبلغ تعدادها 70 ألفا إضافة إلى اكثر من 100 ألف من عوائلهم، سيكون له تأثير بالغ على اقتصاد المدن التي تضم قواعدهم. وهذا عدا عن تأثير ذلك على 100 ألف ألماني مدني يعتمد في معيشته على الأعمال التي توفرها هذه القواعد مثل الترجمة والبناء والخدمات. ونظرا لمعدلات البطالة المتصاعدة في البلاد، فالمتوقع أن يضيف نقل القوات الاميركية من ألمانيا عشرات آلاف العاطلين الجدد إلى جيش البطالة شبه الدائم.

وبهدف وضع حد للشائعات عن علاقة هذه التحركات العسكرية بما يجري في نقاط ساخنة في العالم، قال رامسفيلد إن اعادة بنية القوات الاميركية في الخارج «لا علاقة له بما يجري في العراق وأفغانستان». ونفى الوزير إمكانية نقل بعض هذه القوات إلى روسيا، لكنه أشار إلى إمكان نقل القواعد إلى بعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.

وكانت مجلة «دير شبيغل» قد اشارت العام الماضي إلى رغبة الولايات المتحدة في اعادة نشر قواتها في الخارج، وتكهنت بشمول القواعد الاميركية في ألمانيا بهذه الحركات. واعتبرت المجلة نقل القوات الاميركية من ألمانيا «عقوبة تفرضها الولايات المتحدة على معارضي الحرب الأوروبيين ضد العراق ومكافأة للدول المشاركة في التحالف ضد العراق مثل المجر وبولندا ورومانيا»، وهي الدول الأولى المرشحة لاستقبال القواعد الاميركية المنقولة.

وفي غضون ذلك، قرر الوزير الألماني المتوعك التخلي عن عطلته الصيفية العام الحالي، مفضلا القيام بجولة بين قواعد الجيش الألماني، ربما بدافع الرغبة في رد الشائعات التي تحدثت عن إصابته بسكتة دماغية قد تعيقه عن مواصلة العمل.

وسبق للصحف الألمانية أن تحدثت عن احتمال تخلي الوزير عن منصبه مع نهاية الدورة الحالية لحكومة المستشار شرودر عام 2006. وتوقعت صحيفة «راينشه بوست» الواسعة الانتشار أن يجد شتروك بين الجنود بعضا من الخلاص من «الأزمة الصحية» و«الصدمة الأميركية»، بالنظر لما يتمتع به من شعبية بينهم.

ولم تستبعد الصحيفة أن يضع الوزير، وهو لاعب كرة قدم وقائد دراجات نارية سابق، نظارة سوداء ويلبس بدلة سوداء ويغني (كما فعل ذلك في كوسوفو قبل عام) مع الجنود اغنية البوب «لا تقلق وكن سعيدا!».