الرجوب لـ«الشرق الأوسط»: لا أدري لماذا كل هذا الضجيج الإعلامي حول ما يقوله وما يفعله دحلان

مستشار عرفات للأمن القومي يستخف مما يشاع عن قلق الرئيس من الوزير السابق مؤكدا انه كلام غير واقعي

TT

عبر العميد جبريل الرجوب مستشار الرئيس الفلسطيني لشؤون الأمن القومي عن استغرابه للضجيج الذي يثار حول ما يصدر من تصريحات عن الوزير السابق محمد دحلان وحقيبة وزارية في حكومة احمد قريع. وقال «حقيقة لا أدري لماذا كل هذا الضجيج الاعلامي. فدحلان فرد من الشعب الفلسطيني له طموحاته وصندوق الاقتراع مفتوح أمامه ومن حقه أن يعبر عن رأيه وان يرى في نفسه ما يشاء».

وتابع القول، ان مسألة لقاء «دحلان بالرئيس عرفات ليست قضية، لان الرئيس يستقبل الجميع بأجندته الوطنية وبرنامجه الوطني الذي له علاقة بأطر فتح وبمؤسسات السلطة والمنظمة».

وعما يشاع عن امكانية دخول دحلان الحكومة اذا ما جرى اي تعديل وزاري، اوضح ان توزيع الحقائب تقرره اللجنة المركزية لفتح.

واستخف الرجوب من القول، ان عرفات قلق من دحلان. وقال ان هذا «كلام غير واقعي». موضحا ان قلق عرفات مصدره فقط مصلحة الشعب الفلسطيني في انهاء الاحتلال واقامة الدولة.

ورفض الرجوب الخوض في تفاصيل محاولة اغتيال الوزير السابق نبيل عمرو. وقال «لا أريد أن أردد تصريحات قد تحرف سير التحقيق»، معتبرا ان اعلان نتيجته مسألة وقت.

واعتبر حوادث خطف الجبالي والفرنسيين وحرق المؤسسات في قطاع غزة، عارا على جبين كل من قام بذلك. ودعا لاستخلاص العبر وتجاوز ذلك على قاعدة ألا يتكرر، واصفا معظم من شارك في هذه الاحداث «شخصيات طيبة لا غبار عليها» لكنه تحدث عن «اجندات شخصية» لدى البعض ممن سماهم «اصحاب النوايا السيئة» الذين يستغلون الظرف الذي تعيشه السلطة، لافتا الى صعوبة المحاسبة في ظل الحصار والاغلاق والعدوان الاسرائيلي. وحذر ان «من يستغل عجز السلطة عن محاسبته، يصب في خانة الاحتلال، ويخطئ من يظن ان نسينا فذاكرته ضعيفة».

وأكد الرجوب استحالة اجراء انتخابات في فتح. وقال «ان فتح حركة كبيرة، لها اعضاء في الداخل والخارج يجب ان يشاركوا. ولا نستطيع عقد مؤتمر لجزء من أبناء الحركة» وتأكيدا للصعوبة اشار الرجوب الى ان المجلس الثوري للحركة اجتمع في فبراير(شباط) الماضي بعد تدخل مصري واطراف أخرى، ورغم ذلك تعرض المقر اثناء الاجتماع لحصار جيش الاحتلال واخضع اعضاؤه للتفتيش.

واعتبر الرجوب ان الظروف الذاتية والموضوعية في ظل التصعيد الاسرائيلي أصبحت عنصرا ضاغطا في اتجاه الاتفاق على أجندة وطنية لا فصائلية.

وقال الرجوب في مقابلة مع «الشرق الاوسط» انه لا خيار أمام الجميع إلا التوصل الى اتفاق، موضحا ان الحوار وصل الى مرحلة متقدمة، لافتا الى ان الحوار في الداخل لم يتوقف وسيتواصل بالتوازي مع الجهد الذي تبذله مصر لتتويجه بحوار فلسطيني شامل في القاهرة.

ونفى الرجوب ما يتردد عن وجود خلافات حول شكل المقاومة، مؤكدا ان لا خلاف حول مشروعية المقاومة كوسيلة وليس هدفا، على ان تكون التكتيكات النظرية مدركة للمتطلبات الاقليمية والدولية وعنصر قوة في المشروع التحرري وتؤدي الى اقرار اقليمي ودولي بمشروعيتها. واكد الرجوب وجود رؤية متقاربة مع حركة حماس حول هذه القضية. وقال «حسب ما علمت من الاخوة المصريين، هناك تجاوب عال ومسؤول من حماس»، مشيرا الى انها أظهرت حالة من الشعور بالمسؤولية والنضج في الفترة الأخيرة، لافتا الى ان ذلك سيشكل أداة للاتفاق مع حركة فتح ومؤسسة السلطة.

وحول ما اذا كان موقف حماس هذا يعتبر تراجعا بسبب سياسة الاغتيالات التي تنتهجها اسرائيل أجاب «ان سياسة الاغتيالات والمطاردة لا يمكن ان تتسبب في الحد من قوة شكيمة وعزيمة الشعب الفلسطيني واصراره على انهاء الاحتلال، وأضاف بل اعتقد ان كسر الارادة السياسية الفلسطينية هو من رابع المستحيلات، سواء كان ذلك بوسائل عسكرية أو غيرها»، مشددا على ان انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وحل عادل لقضية اللاجئين هو فقط ما يمكن ان يحقق السلام والاستقرار الدائم للفلسطينيين والاسرائيليين معا بل وللمنطقة ككل.

وأوضح الرجوب انه سيكون هناك اعادة نظر في مجمل التكتيكات النضالية سواء في غزة أو خارجها في حال كانت هناك جدية اسرائيلية في قضية الانسحاب من غزة، مشيرا الى وجود متطلبات أمنية لأي انسحاب اسرائيلي. وقال: اذا توفرت الضمانات لان يكون الانسحاب من غزة بداية لنهاية الاحتلال للضفة والقدس الشرقية، فبالتأكيد سيكون هناك مرونة حقيقية من الجانب الفلسطيني بكل قواه وأطيافه السياسية، لافتا الى ان الكرة الآن في الملعب الاسرائيلي والاميركي الذي يدعم الاحتلال ويرعاه.

وقال لا يمكن للأميركيين والاسرائيليين معا املاء شروطهم على الشعب الفلسطيني رغم الجهود الاسرائيلية الحثيثة على مدى أربع سنوات لكسر ارادته السياسية والالتفاف على الاستحقاقات المطلوبة على الصعد الاسرائيلية والاقليمية والدولية ببالونات اختبار ومبادرات هنا وهناك قد لا يكون لها علاقة بالواقع وبالشرعية الدولية.

وعبر الرجوب عن مخاوفه تجاه الطرح الشاروني (ارييل شارون) بالانسحاب من غزة، وقال «لا يوجد حتى الآن ما يؤكد ان الانسحاب سيتم»، لافتا الى ان شارون يتحدث عن اعادة انتشار وليس انسحابا، بغرض تكثيف الاستيطان في الضفة، مشيرا الى جهود تبذلها مصر وجهود دولية لان يكون الانسحاب كاملا ويليه انسحاب من الضفة كجزء من خريطة الطريق.

ووصف الرجوب شارون بالشخص الدموي الفاشي. وقال «ليس في وجدانه شيء اسمه شعب فلسطيني أو كيان فلسطيني»، مشددا على ان محاولة الالتفاف على الشرعية الدولية لن تحقق الامن أو السلام للاسرائيليين، الذين يعيشون في مأزق سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي، مما يحتم على الحكومة الاسرائيلية والاميركيين اعادة النظر في أن يكون الحل سياسيا، وليس عسكريا، باعتبار ان الحل العسكري لن يحقق الامن للاسرائيليين أو الاستقرار الاقليمي للاميركيين. واعتبر الاحتلال الاسرائيلي مفرخة للإرهاب ومصدر معاناة الجميع.

وأوضح الرجوب ان مصر تسعى حاليا لعقد قمة دولية لها علاقة بمشاركة الفلسطينيين واطراف أخرى، مشيرا الى ان هذه المبادرة المصرية تدفع للعودة الى مسار التفاوض ومسار تنفيذ خريطة الطريق التي يجب ان تقود الى انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية.

وحول الشروط المصرية التي لها صلة بالانسحاب من غزة قال «مصر تشترط كي تشارك وتساهم بفعالية ان يكون الانسحاب من غزة كاملا، وجزءا من خريطة الطريق، وباتجاه الضفة الغربية بالاضافة لوقف جميع أشكال العدوان من اغتيالات ومطاردة واجتياحات».

وأوضح الرجوب ان جميع المسؤولين المصريين الذين التقاهم، بدءا من رئيس المخابرات ووزير الخارجية والمستشار السياسي للرئيس المصري أكدوا «على ثلاث قضايا، وهي التزام مصر الكامل بشرعية قيادة ياسر عرفات باعتبار انه المرجعية وعنصر الوحدة والفعل السياسي في الساحة الفلسطينية»، مشددين على «ان هذا التزام قومي مصري غير قابل للنقاش»، حسب قوله.

وحول الموقف الفلسطيني من التصريحات التي أدلى بها العاهل الاردني، متهما القيادة الفلسطينية بتقديم تنازلات كانت في الماضي ترتقي الى درجة الخيانة، أجاب الرجوب «لو اننا بالفعل تنازلنا عن الثوابت لما حوصرنا ولما عاش الرئيس عرفات محاصرا وعلى مدى ثلاث سنوات في ظروف معيشية صعبة». وقال «وما يتردد من كلام عن تنازلاتنا ليس لها علاقة بالواقع أو التاريخ».

واستطرد قائلا «ان هناك خصوصية تربط فلسطين بالاردن باعتبار انها البوابة الشرقية لنا، والاخوة الاردنيون أكدوا لنا ان الدولة الفلسطينية المستقلة هي مصلحة اردنية، وان العلاقات الخاصة تسير بعد اقامة الدولة، وهي شرط بحث العلاقة الثنائية فيما بيننا».

وحول الخلافات الحالية داخل حركة فتح قال «يجب على فتح ان تؤقلم نفسها، مؤكدا على ضرورة اقرار برنامج سياسي تنظيمي له علاقة باحتواء التناقضات الداخلية كافة من موقع الالتزام بوحدة الحركة ومؤسساتها وقيادتها، بما يمكنها من الاستمرار في ادائها السياسي والتنظيمي برؤى استراتيجية واضحة تضمن بقاءها العمود الفقري ومحور الفعل والأداء السياسي النضالي الفلسطيني».