وزير لبناني يطالب بتعديل الدستور للتمديد لرئيس الجمهورية بشكل دائم والمرشحون يواصلون جولاتهم لعرض برامجهم

TT

تواصلت امس المواقف من الاستحقاق الرئاسي في لبنان في ظل قلة الوضوح بالنسبة الى ما سيرسو عليه هذا الاستحقاق، وان كان التمديد للرئيس اميل لحود ما زال الاكثر رجحاناً انطلاقاً من المعطيات المتوافرة حتى الآن. كذلك استمرت تحركات بعض المرشحين لرئاسة الجمهورية وجولاتهم على القيادات والفاعليات اللبنانية، الا ان ابرز المواقف امس كان لوزير الدولة عبد الرحيم مراد الذي طالب بتعديل المادة 49 من الدستور المتعلقة بالتمديد لرئيس الجمهورية بشكل دائم.

الوزير مراد قال خلال رعايته احتفالا تكريميا لعدد من الطلاب الفائزين في حزب الاتحاد الذي يرأسه: «ان من حق الرئيس العماد اميل لحود علينا ان نطالب بتعديل المادة 49، وان نسعى لتعديلها ليس لمرة واحدة فقط بل بشكل دائم، أي ان تكون لأي رئيس جمهورية قادم طالما انها اثارت الكثير الكثير من المشاكل عند كل استحقاق». واضاف: «اذا ما عدلت هذه المادة بشكل دائم لتصبح عددا من السنوات للدورة الأولى وعددا من السنوات للدورة الثانية، أي اربع او خمس سنوات للدورة الأولى، واذا كان هناك رضى عن هذا الرئيس، واذا طبقنا ذلك هذه المرة، يمكن للرئيس لحود ان يترشح لدورة ثانية للمرة المقبلة بالتنافس مع المرشحين». ولفت الى «ان كل الاحتمالات واردة في موضوع الاستحقاق الرئاسي، والموقف السوري الذي اعلن انه مع لبننة هذا الاستحقاق يجري تنفيذه مع بدء الرئيس بشار الأسد بالاستشارات، حيث يستمع الى الكثير من الآراء ربما المعارضة وربما المؤيدة لمثل هذه الطروحات». وقال: «لا ندري تماما ما هو الموقف الحقيقي او النهائي الذي سينتج عن هذه المحادثات، لكننا كما تجري المحادثات هناك نبدي رأينا هنا، آملين ان نسمع قريبا عن نتائج هذه المحادثات في دمشق، وان تلتقي مع وجهة نظرنا». وإذ أشاد الوزير مراد بمزايا وصفات الرئيس لحود على كافة المستويات ولا سيما على مستوى قيادته وبنائه لمؤسسة الجيش ومسيرته في رئاسة الجمهورية، قال: «عندما نتطلع الى الاستحقاق الرئاسي الجديد، نتطلع الى الرئيس الذي يستطيع ان يستمر متمسكا بهذه المبادئ الوطنية والقومية، وبهذا النهج الذي تكرس باحتضانه المقاومة التي انجزت انتصارا عظيما ليس للبنان فحسب، بل للأمة العربية جمعاء او سواء من خلال رفضه للعدوان الاميركي على العراق ونصرته للشعب الفلسطيني ورفضه للتوطين».

وعلى صعيد حركة المرشحين لرئاسة الجمهورية، التقى النائب مخايل ضاهر امس رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزيف طربيه واعضاء الجمعية لعرض برنامجه. وقد نوه ضاهر بعد اللقاء بدور القطاع المصرفي، واعتبره «الركيزة الاساسية للاقتصاد الوطني واهم مقومات صمود لبنان طوال سنوات المحنة». وقال: «ان القطاع المصرفي اللبناني اكتسب ثقة كبيرة بفضل ادارته الحكيمة والواعية في ظل تشريعات مشجعة ضامنة لنموه وسلامته ولا سيما قانون السرية المصرفية، كما بفضل التعاون المتواصل مع مصرف لبنان الذي سعى جاهداً طوال السنوات الاخيرة للحفاظ على الاستقرار النقدي».

واكد ضاهر: «ان استقلالية القضاء وابعاده عن التدخلات السياسية وشفافية الحكم ونزاهة الحكام تؤثر كلها على سمعة البلاد وتعزز ثقة المستثمرين المقيمين والمغتربين، اللبنانيين والعرب والاجانب». وقال: «يتعين على اي حكم في لبنان ان يلتزم احترام الدستور نصاً وروحاً، وان يعتمد التعاون والتضامن بين مختلف السلطات ضمن الصلاحيات المحددة في الدستور بحيث تتاح للبلاد فرصة حقيقية للنهوض من كبوتها الاقتصادية الحالية، ويعود لبنان الجاذب الاكبر للثروات اللبنانية والعربية من اجل اعادة توظيفها في الاقتصادين الوطني والاقليمي».

وكان المرشح الرئاسي الآخر النائب بطرس حرب قد اعلن عقب زيارته رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري مساء اول من امس انه اودعه بيان ترشيحه لرئاسة الجمهورية. وقال: «كانت مناسبة للتداول بمشاكل البلاد، وجلسة مصارحة مفيدة لمحاولة إرساء قواسم مشتركة لعمل نقوم به لإنقاذ البلاد».

واكد حرب انه مستمر في الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية (التي يفترض دستورياً ان تجرى بين 24 سبتمبر (ايلول) و24 اكتوبر (تشرين الاول) المقبلين). وقال: «ان ما يجري (في اشارة الى الاستشارات التي يجريها الرئيس السوري بشار الاسد حول الاستحقاق الرئاسي مع شخصيات لبنانية) يلتقي او يتفق مع المبادئ التي اعلنتها. ولا اعتبر نفسي معنياً بالاتصالات الجارية. وما زلت اقول ان انتخابات رئاسة الجمهورية هي شأن لبناني يعود للبنانيين ان يقرروه، آخذين في الاعتبار الظروف الاقليمية والتطورات الدولية». وافاد ان «ليس في برنامجي (كمرشح رئاسي) ان ازور سورية». الا انه قال رداً على سؤال: «اذا دعيت لزيارة دمشق في اطار البحث في العلاقة اللبنانية ـ السورية طبعاً لن اتردد. وانما اذا دعيت للبحث في موضوع رئاسة الجمهورية فطبعاً للموضوع بحث آخر». ثم اعرب حرب عن اعتقاده بان المشاورات الجارية في دمشق حول الاستحقاق الرئاسي في لبنان «لم تحسم شيئاً» قائلاً: «آمل الا تكون هي التي ستحسم، وان يفسح في المجال لأن يكون اختيار الرئيس المقبل مبنياً على قاعدة من تتوافر لديه من المرشحين اللبنانيين الكفاءة والخبرة لاعادة بناء الدولة اللبنانية».

وامس التقى المرشح الرئاسي، النائب روبير غانم، نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس، في اطار جولاته لشرح توجهاته كمرشح لرئاسة الجمهورية.

إلى ذلك، دعا الرئيس السابق للحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص الى «ضرورة العمل بموجب الدستور ومراعاة الرأي العام اللبناني في ما يتم تقريره على هذا الصعيد، مع احترام القواعد الديمقراطية في عملية الانتخاب».

وعلى صعيد المواقف من الاستحقاق الرئاسي، قال النائب ناصر قنديل، في محاضرة القاها في مدينة طرابلس (شمال لبنان) امس: «اننا نريد رئيساً للجمهورية يجسد اعلى مستويات الثقة في سورية، ولا يمر الهواء بينه وبين المقاومة». ولاحظ «ان ثمة محاولات لاستغلال الاستحقاق الرئاسي بهدف زرع شرخ بين لبنان وسورية».

وقال النائب الدكتور محمد عبد الحميد بيضون في حديث اذاعي امس انه يدعم التجديد «اذا كان يخدم المسلمات الوطنية وخصوصاً العلاقات اللبنانية ـ السورية وحماية المقاومة». واضاف: «انا مع شعار ترك الخيارات مفتوحة اذا كان هذا الشعار يفيد لبنان ويفيد العلاقات اللبنانية ـ السورية بمعنى الموقع اللبناني ـ السوري على الخريطة الاقليمية».

ورأى النائب الدكتور قاسم هاشم (حزب البعث) ان «زيارة وزير الخارجية السوري فاروق الشرع لبيروت بداية الاسبوع، تأتي في اطار العلاقات الاستراتيجية الطبيعية للتشاور في كل القضايا التي تهم البلدين الشقيقين وعلى كل المستويات، في ظل استمرار الهجمة الاميركية ـ الاسرائيلية من فلسطين الى العراق». وقال امس: «ان اللبنانيين يدركون كيف يتعاطون مع قضاياهم وخصوصاً موضوع الاستحقاق الرئاسي. وهم يتمسكون بمواصفات تنطلق من الثوابت الوطنية والقومية والتي تتمحور حول التمسك بالمقاومة والعلاقات الاستراتيجية مع سورية وجبه مؤامرة التوطين وبناء دولة القانون والمؤسسات».

اما النائب وجيه البعريني فاعتبر «ان من الضروري تقديم موعد الاستحقاق الرئاسي، لأن اوضاع البلاد والملفات الساخنة باتت لا تحتمل التأجيل».

ورأى حزب «الوطنيين الاحرار» المعارض (قياداته من المعارضة المسيحية) في الاستشارات التي يجريها الرئيس السوري بشار الاسد بشأن رئاسة الجمهورية في لبنان «تدخلا في الشؤون اللبنانية». وتساءل، في بيان اصدره عقب اجتماع مجلسه الاعلى امس برئاسة رئيسه دوري شمعون: «من خوّل الرئيس السوري بشار الاسد حق اجراء استشارات كأنه في صدد تعيين محافظ عنده او اعضاء في حكومته؟ ولماذا الاصرار على الطابع العلني للاستدعاءات (لشخصيات لبنانية) التي نرى فيها امعاناً في التدخل السافر واستفزازاً لمشاعر شرائح عريضة من اللبنانيين وتأكيداً لاستمرار الهيمنة والاصرار على تهميش الارادة الوطنية وتحدي المراجع الدولية المؤتمنة على القوانين وعلى حسن التصرف في العلاقات بين الدول؟».

في هذه الأثناء، زار جبران تويني مدير عام صحيفة «النهار» وعضو «لقاء قرنة شهوان» المعارض امس البطريرك الماروني نصر الله صفير «من اجل الوقوف على رأيه في الاستحقاق الرئاسي واخذ التوجيهات». وقال تويني عقب اللقاء: «لسوء الحظ، البعض من الناس يرى ان الحملة التي نقوم بها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية تنال من سمعة ومقام رئاسة الجمهورية. وانني اعتبر ان البازار الذي يحصل اليوم هو الذي ينال من مقام رئاسة الجمهورية. وكان على رئيس الجمهورية ان يتخذ موقفاً اساسياً. هو اقسم على حماية الدستور ويقول انه ما يزال موجوداً لحماية هذا الدستور وليس لطعن الدستور او القبول بأي عملية انقلابية على الدستور. وهذه سابقة خطيرة جداً».

أما رئيس «حزب التضامن» اميل رحمة الذي زار بدوره البطريرك صفير، فقال: «ان تعديل الدستور لتجديد ولاية الرئيس لحود ضروري لكي يستوي الدستور في كل ابوابه وفصوله، وقد سبق وطالبنا بحق رئيس الجمهورية بإعادة انتخابه لولاية ثانية. وهذا من شأنه ان يعيد لبنان الى وضعه الطبيعي».