ليالي القصف في النجف تقلق الكبار وتفزع الصغار وأصوات الانفجارات تشرد حتى حمام الزاجل

TT

النجف ـ رويترز: دفعت شراسة القصف الجوي الذي قامت به طائرات أميركية الليلة الماضية ضد مقاتلي «جيش المهدي» الموالي لمقتدى الصدر حتى حمام الزاجل الى عدم العودة للمدينة العراقية المقدسة.

وقال محمود علي، 17 عاما «كان لدي 50 حمامة على السطح. قضيت وقتا طويلا في تدريبها. انه تقليد عائلي منذ عهد جدي». وأضاف «كان هناك قصف كثيف حتى انها جميعها لاذت بالفرار. لقد ذهبت جميعها». وكان يصدر عن الطائرات الأميركية من طراز إيه سي ـ 130 المزودة بمدفع وبندقية من عيار 40 مليمترا ومدفع رشاش عيار 24 مليمترا سريع الطلقات يمكنه إطلاق 1800 طلقة في الدقيقة، ومضات برتقالية وهي تطلق نيرانها أثناء الليل. وارتجت المنازل على بعد أربعة كيلومترات من منطقة القصف. وقال عزيز حسن، 40 عاما، «لم يكن هناك سبيل للنوم. كان هناك ضرب... ضرب طوال الليل. العديد من المحال أغلقت. أنا أعيش على تناول الخبز».

واختبأ سكان البيوت المتهالكة في البلدة القديمة داخل الأقبية. وهرب اخررن خشية وقوع الأسوأ لاماكن أكثر أمنا بعد تجاهل رجل الدين الشيعي مقتدي الصدر مطالب الحكومة بإلقاء السلاح وتفكيك جيش المهدي التابع له.

ولم تنفذ الحكومة بعد تهديدا بشن هجوم موسع لطرد الصدر ورجاله من مرقد الإمام علي الذي يتحصنون بداخله. وتستعد مدينة النجف الأشرف المقدسة لدى ملايين الشيعة في كل أنحاء العالم لليلة اخرى محتملة من دوى المدافع وقوة النيران المرعبة لطائرات ايه سي ـ 130. وقال ناصر زخاوي، 23 عاما، وهو يحمل طفلته البالغة من العمر ثلاث سنوات بينما وقف جيران قلقون في ظلال بوابات المنازل «بناتي كن يبكين طوال الليل. وقلت لهم انه لن يحدث شيء لكنهن استمررن في البكاء». وغادرت العديد من النساء والأطفال البلدة القديمة بالفعل وبقي الرجال لحراسة المنازل من اللصوص الذين يستغلون فوضى المعارك للسرقة. واذا كان الغرض من الهجوم هو كسر إرادة مقاتلي «جيش المهدي» فانه أدى الى العكس في رأي مقاتل متوسط العمر جاء توا من الجبهة للبحث عن أطفاله. وقال أبو سفيان كاظم، 42 عاما، وهو أب لستة أطفال «نعم انا من جيش المهدي. سأقاتل وأقاتل. وسوف اقتل». وتزايد غضب المقاتل عندما وجد نحو 30 ثقبا ناجما عن الرصاص في الحائط الخارجي لمنزله المبني من الطوب. وقال جيران له ان عائلته فرت قبل ان يطلق جندي أميركي النار من مدفع رشاش على دبابة ويهز المنطقة بطلقات نارية سريعة. وأضاف وهو يبسط معطفا فضفاضا «لترون هذه.. انها ملابسي القتالية. كنت أقاتل طوال الليل وسأعود ثانية. حتى اذا قتلوا كل أطفالي فسوف أقاتل طوال الليل». وبعد ان مضي المقاتل بعيدا قال بعض الصبية الصغار انهم غير مهتمين بالانضمام لجيش المهدي. لكنهم سرعان ما غيروا لهجتهم وقالوا ان كل الشباب يتبعون «جيش المهدي» عندما حدق فيهم احد أنصار الصدر. وخيم هدوء مشوب بالحذر على الضاحية. وكانت هناك أصوات متقطعة لطلقات نارية او قذائف مورتر ويبدو ان القناصة يأخذون قسطا من الراحة.

وعلى أولئك الذين بقوا في المدينة ان يقطعوا مسافة طويلة للغاية لمجرد الحصول على طعام. وتسير هداية حسين وهي امرأة في العقد الخامس من العمر ترتدي حجابا اسود لمدة ساعة يوميا تحت حرارة الجو اللافحة متجاوزة نقاط القناصة لشراء خضروات لان السوق المجاور احرق تماما من جراء القتال. وقالت «لا يمكننا مغادرة المنطقة. زوجي عاجز». ودفعت أعمال العنف والإحباط عديدين للاعتقاد بان ايا من الطرفين المتحاربين سيفعل اى شيء لينتصر. وقال احد سكان المدينة «هل تعلمون ان القناصة يطلقون النار على الحمير لتخويفنا. الرائحة أصبحت سيئة جدا بعد قتل 25 وقمنا بجمعها ووضعناها جميعا في مقبرة واحدة في الشارع... انه تحذير».