سائق بن لادن أمام القضاء العسكري في غوانتانامو ومحاميه يروي لـ«الشرق الاوسط» ملابسات قضيته

اليمني «المرح» يتندر على نفسه بأنه طالما حلم بالهجرة إلى أميركا وقد وصلها في رحلة مجانية

TT

اعترف اليمني سالم أحمد حمدان أمام محكمة عسكرية في غوانتانامو بأنه عمل سائقا شخصيا لزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، لكنه أنكر اشتراكه في أي نشاط إرهابي أو مخططات دموية أو حتى عضوية تنظيم «القاعدة». وحمدان، 34 سنة، هو اول معتقل مثل امس امام محكمة عسكرية، وظهر غير مكتوف اليدين، مرتديا شالا يمنيا وملابس عادية.

والتقت «الشرق الأوسط» باللفتنانت تشارلز سويفت، محامي حمدان، قبيل توجهه إلى غوانتانامو لحضور جلسة الاستماع الأولى أمس. وكشف المحامي المعين من قبل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنه قام برحلة لليمن بصحبة مترجم أميركي لزيارة أسرة المتهم والتعرف على ظروفه الاجتماعية التي أدت لالتحاقة بالعمل مع أسامة بن لادن.

وقال المحامي إن موكله بدأ حياته سائقا لحافلة صغيرة يطلق عليها اليمنيون (دباب) في العاصمة اليمنية صنعاء، وأنه لم يكن يجيد أي شي آخر غير قيادة السيارات. وأضاف انه عندما اشتد به الحال وضاقت به الظروف الاقتصادية جراء تزايد أعداد حافلات الأجرة وأعداد السائقين العاطلين عن العمل في بلاده، قرر الهجرة ورمت به الأقدار إلى قندهار في أفغانستان بحثا عن عمل. وأكد المحامي لـ«الشرق الأوسط» أن موكله لم ينظم إلى «القاعدة» ولم يكن من المتشددين دينيا بل إنه فوجئ عندما صادرت حركة طالبان من حقائبه بعض الصور التي تظهر فيها نساء من أسرته. وتابع سويفت قائلا إن موكله تعرف في قندهار على أشخاص لهم صلة بأسامة بن لادن ولبوا طلبه في إيجاد عمل له في وقت كان يظن أن بن لادن يهتم بالبناء والإعمار وليس الإرهاب والتدمير.

وقال إنه انضم إلى مجموعة سائقين يعملون مع بن لادن وأنه قاد فيما بعد سيارة بن لادن الذي كان يتحرك ضمن موكب كبير بين المناطق القبلية الأفغانية. ومقابل عمله هذا كان حمدان يتقاضى ما يقارب المئتي دولار أميركي استطاع أن يوفر منها ما أعانه على العودة إلى اليمن والزواج فيها، ومن ثم إحضار زوجته معه إلى أفغانستان فيما بعد. وقد رزق حمدان من زوجته اليمنية بطفلتين الكبرى سماها فاطمة وعمرها الآن خمس سنوات والصغرى سلمى ولدت وهو في السجن وعمرها الآن سنتان. وروى حمدان في إفادته أمام المحققين كيفية إلقاء القبض عليه قائلا إنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001، قرر العودة مع زوجته وابنته فاطمة إلى اليمن وانه اضطر لاستعارة سيارة من أصدقاء أفغان نقل بها أسرته إلى الحدود الباكستانية، وعند محاولته إعادة السيارة إلى أصحابها ألقى عناصر من تحالف الشمال القبض عليه وسلموه للأميركيين أو «باعوه»، حسب تعبيره وقبضوا ثمنه. وقد تمكنت زوجته الحامل في شهورها الأخيرة من العودة إلى اليمن بمساعدة عائدين آخرين ووضعت ابنتها الصغرى في صنعاء وهي التي لم يشاهدها والدها حتى الآن.

وقد حاول المحامي ترتيب مكالمات هاتفية بين موكله وأسرته في اليمن وبين موكله و«الشرق الأوسط»، ولكنه لم ينجح في ذلك، ولم يسمح له حتى بنشر صورة حديثة للمتهم. وأشار المحامي إلى أن حمدان يتميز بروح مرحة وأنه تمكن من إقامة صداقات مع حراس السجن في غوانتانامو، الأمر الذي خفف عنه مأساة عزله في زنزانة انفرادية. ويتندر حمدان على نفسه بأنه طالما حلم بالهجرة إلى أميركا وقد تحقق حلمه بالوصول إليها في رحلة مجانية.

وعن قصة زيارة المحامي لأسرة موكله في اليمن، قال إنه استقبل من قبل الأسرة بحفاوة بالغة، وأنه تحدث مع زوجة المعتقل وبناته بهدف أن يوضح للمحكمة أن العمل مع أسامة بن لادن عام 1996 لم يكن أمرا مستغربا في اليمن، وأن موكله كان يعاني من ظروف اجتماعية تدفعه للبحث عن عمل في أي مكان في سبيل تحقيق حلمه ببناء أسرة.

وقال المحامي إنه التقى كذلك بعديل المتهم واسمه الأول ناصر، الذي رافق حمدان في رحلته إلى أفغانستان وتمكن من العودة إلى اليمن وأفرجت عنه السلطات اليمنية في عفو عام عقب الحوار بين الحكومة والمتطرفين. وأكد ناصر للمحامي أن حمدان لم ينظم إلى شبكة مقاتلي «القاعدة» ولم يشترك في أي من أنشطتها القتالية. والتقى المحامي كذلك بالقاضي حمود الهتار الذي تولى تنسيق الحوار مع المتطرفين «التائبين» في سبيل منحهم العفو.

ولم توجه الحكومة الأميركية الى حمدان أية تهمة تتعلق بحمل السلاح أو القتال مع تنظيم «القاعدة» واكتفت بتوجيه تهمة الاشتراك في التآمر ضد الولايات المتحدة، وهي التهمة التي ينفيها حمدان نفيا قاطعا. والى جانب حمدان، سيمثل امام نفس المحكمة العسكرية اليوم الاسترالي ديفيد هيكس، يليه الحارسان الشخصيان المفترضان لاسامة بن لادن، اليمني علي حمزة البهلول، والسوداني إبراهيم أحمد القوصي.

وتتابع السفارة اليمنية في واشنطن تطورات قضية المواطنين اليمنيين. وقالت مصادر في السفارة إن اتصالات تجري مع الجانب الأميركي من أجل الإفراج عن المعتقلين اليمنيين الآخرين الذين لم يحالوا للمحاكمة، وبالذات أولئك الذين لم يثبت تورطهم في أعمال إرهابية ولا يشكلون خطراً على الأمن الأميركي.