وصول التسربات الإشعاعية الإسرائيلية إلى شمال السعودية يبقى خطراً غير مؤكد.. وشبح انفجار «ديمونا» يهدد المنطقة بأسرها

TT

أكدّت المتحدثة باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ميليسا فليمينغ لـ«الشرق الأوسط» أن الوكالة «لم تتلق أي طلب مساعدة من البلدان العربية المجاورة لإسرائيل» في إشارة إلى البلدان المعرضة لخطر التسربات الإشعاعية المفترضة من مفاعل ديمونا الإسرائيلي، الذي يقع في قلب صحراء النقب في مثلث بين الأردن والسعودية وفلسطين ومصر. وجاء تأكيد فليمينغ بعد أكثر من أسبوع على تصريح مدير الوكالة الدكتور محمد البرادعي بأنّ «الوكالة مستعدة لارسال بعثات لرصد الإشعاع على المناطق الحدودية المصرية والأردنية مع إسرائيل»، وذلك عقب ما وصفه بـ«تردد أنباء عن حدوث تسرب نووي من مفاعل ديمونا وتوزيع إسرائيل مواد وقائية على مواطنيها». لكن البرادعي رهن إرسال هذه البعثات بطلبٍ من البلدان القريبة من المفاعل. وامتنعت وزارة الصحة السعودية عن التعليق على الخطر المحتمل ومدى صحته والإجراءات التي تنوي تنفيذها بهذا الصدد. وعن مدى الخطورة المترتبة على حدوث أي تسرب نووي إشعاعي أوضح الدكتور عاصم الراضي المدير السابق لـ«السجل الوطني للأورام» في شمال وغرب السعودية أنّ الخطورة تعتمد على نسبة التسرب ومدّة تعرض الأشخاص إلى المادة المشعة. وأضاف أن «أفضل طريقة للتأكد من حدوث التسربات هي قياس كمية هذه الاشعاعات في المواقع المفترض تلوثها». واشار إلى أنّ عملية القياس هذه لا يمكن اجراؤها سوى بمعدات خاصة وأنّ «الجهة التي تملك هذه المعدات والقدرات على مثل هذه الإجراءات هي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية». وحاولت «الشرق الأوسط» الحصول على توضيحات في هذا الشأن من مدينة الملك عبد العزيز التي تضم وحدتي «معهد بحوث الطاقة الذرية» و«مركز الحماية من الإشعاع»، لكن القسم الإعلامي في المدينة لم يبد أي تجاوب مع المحاولات المتكررة. ومن المعلوم أن التلوث الإشعاعي النووي يتسبب في اصابة سكان المنطقة المتضررة بمختلف أنواع مرض السرطان، وخصوصاً سرطانات الدم والرئة والغدة الدرقية والثدي. وحول ذلك، أشار الدكتور راضي إلى أنه «لم تسجل أية زيادة ملحوظة في حالات السرطان في شمال السعودية» طوال فترة عمله في السجل التي امتدت بين عام 1994 إلى 2000. لكنه يشير إلى أنّ «الكثير من المصابين بالسرطان في المناطق الشمالية يتجهون للعلاج إلى الأردن» لكونها أقرب إليهم من المراكز الطبيّة في المدن السعودية الكبرى، الأمر الذي قد يتسبب في وجود إصابات غير مسجلة رسمياً. في المقابل يلفت استشاري الأمراض الباطنية والدم والأورام الدكتور عبد الرحيم قاري إلى أنّ الأرقام المدوّنة في السجل الوطني قد تكون «غير دقيقة». ويعتبر أنّ بعض المناطق قد «تحظى بتوثيق أفضل من مناطق أخرى»، وبالتالي فإنّ اظهار السجل بأنّ العاصمة الرياض هي أكثر المدن تعرضاً للسرطان «لا يعني ذلك بالضرورة» بل يعني بحسب رأي الدكتور بأنها «خضعت لعملية توثيق أفضل».

وفيما تبقى حقيقة التسربات الإسرائيلية عالقة بين التأكيد والنفي، يظل مفاعل «ديمونا» أشبه بقنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت، خصوصاً في ظلّ التقارير الإعلاميّة الصادرة منذ عام 1999، والتي تحدثت عن «انتهاء العمر الافتراضي» للمفاعل الذي يعاني من «تصدعات» و«أضرار جسيمة». وهناك ايضاً تحذيرات الخبير النووي الإسرائيلي موردخاي فعنونو ولم يستبعد تكرار كارثة انفجار مفاعل «تشيرنوبيل» عام 1986 في «ديمونا».

وتحدث كذلك عن انتاج المفاعل الإسرائيلي لبلوتونيوم القنابل النووية الذي ينتج عنه «تلوث إشعاعي يضر بكل المناطق المحيطة بالمفاعل».

ويعود الدكتور قـــاري ليوضّح أنّ الآثار في حال وقوع تلوث في منطقة ما لا تقتصر على إصابة سكانها بالسرطان. ويستحضر قاري الات التشوه الخلقي عقب القاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناكازاكي، وانفجار «تشيرونبيل» ومفاعل «ثري مايلز آيلاند» في بنسلفانيا عام .1979 يذكر أن موضوع التسربات النووية الإسرائيلية لا يزال يثير جدلاً كبيراً، خصوصاً في الأردن بين نفي الحكومة وتأكيدات هيئات مستقلة تستند إلى تحذيرات فعنونو ودراسات خاصة. وكانت وكالة الأنباء السعودية (واس) نقلت مؤخراً بياناً عن الهيئة العامة للمهندسين الأردنيين دعا المنظمة الدولية للطاقة الذرية ودول المنطقة بالتحرك السريع لإيقاف الكارثة النووية المحتملة بانفجار «ديمونا» الذي أنشئ آواخر الخمسينات من القرن الماضي.