المفتي قباني والشيخ قبلان ينفيان وجود «أيد خفية» وراء حذف فقرة من بيانهما تتعلق «باحترام الدستور»

الحريري يزور صفير ويحافظ على صمته حيال الموضوع الرئاسي في لبنان

TT

أخذ الجدل الدائر في لبنان حول استحقاق انتخابات الرئاسة واحتمال تمديد او تجديد ولاية الرئيس اميل لحود التي تنتهي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، زخماً جديداً امس في ضوء تطور لافت تمثل بدعوة مفتوحة وجهها نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي الى رئيس الجمهورية والقيادات اللبنانية الى قبول فكرة التمديد كأحد الخيارات المطروحة وما تضمن هذه الدعوة من اشارات تشيد بأداء لحود، فيما كان اجتماع رئيس الحكومة رفيق الحريري والبطريرك الماروني نصر الله صفير قبلة انظار الاعلاميين الذين فشلوا في الحصول على موقف جديد من الحريري ازاء الاستحقاق الرئاسي، وبدا من خلاله ان الاخير مصر على التزام سياسة الصمت التي اتبعها منذ عودته من اجازته قبل نحو اسبوعين.

اما بيان مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، الذي حذف منه مقطع يتعلق بالدعوة الى «احترام الدستور«، فقد حظي بالكثير من التعليقات السياسية حوله.

وقد رفض الحريري التحدث في بداية لقائه البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله صفير وكذلك في نهايته، مكتفياً بالقول: «ان كل من يزور البطريرك صفير يرتاح».

وكان الحريري قد زار الديمان (المقر الصيفي للبطريركية المارونية) ظهراً والتقى صفير لمدة خمسين دقيقة وتناول بعدها طعام الغداء الى مائدته. وقد وصل رئيس الحكومة الى مقر البطريركية الصيفي في الديمان يقود سيارته بنفسه واستقبله البطريرك في صالون المقر وبعد السلام والاسئلة عن الطقس والصحة وتعب الطريق انتقل البطريرك صفير والحريري الى الجناح الجانبي وعقدا خلوة دامت خمسين دقيقة تبعها غداء شارك فيه مع الرئيس الحريري مستشاره داود الصايغ وعدد من المطارنة والكهنة.

وفي الصالون الكبير وردا على تعليق احد الصحافيين قال الرئيس الحريري: «انا وعدتكم ان لا اتحدث لا في بداية اللقاء ولا في نهايته». وتعليقاً على بيان اجتماع دار الفتوى اول من امس قال الحريري: «لكل شيخ طريقه». وبعد مغادرته الديمان، سئل البطريرك صفير عن اجواء الزيارة فاكتفى بالقول: «لا يوجد عندي شيء أقوله».

هذا وكان نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي قد عقد امس مؤتمراً صحافياً لاحظ فيه ان مقاربة الاستحقاق تجري على ثلاثة مستويات دستورية وسياسية واستراتيجية، معتبراً ان «صدقية المقاربة الدستورية ضعيفة، سواء من دعاة تعديل الدستور بداعي حل المعضلة التاريخية للمادة 49، بينما هم يفعلون ذلك وفي ذهنهم بقاء الرئيس اميل لحود في سدة الرئاسة او من دعاة رفض تعديل الدستور بداعي قدسيته، بينما هم يفعلون ذلك وفي ذهنهم ابعاد الرئيس لحود عن سدة الرئاسة، وقد فعل معظمهم العكس عندما قادته حساباته او مصالحه الى ذلك، وباستثناء موقف صاحب النيافة البطريرك نصر الله صفير، يدعونا اصحاب المقاربة للمستوى الدستوري الى مناقشتهم بالمستوى الآخر الحقيقي لخيارهم بقاء او ابعاد الرئيس اميل لحود عن سدة الرئاسة». ورأى ان معارضي التمديد والتجديد «استندوا الى اعلان حرب مفتوحة على الرئيس اميل لحود، حتى اعتقد اللبنانيون ان رحيله ايذاناً ببدء الرخاء والرفاه، او انه العقبة امام كل حلول، او ان منتقديه هم الذين حرروا الجنوب وقادوا مسيرة الامن والاستقرار»، معتبراً انهم يتهربون من كشف خيارهم الاستراتيجي، الذي اختصره دبلوماسي في دولة كبرى بقوله: «نحن ضد التجديد او التمديد للرئيس اميل لحود، انه وقف مع حزب الله ويتمسك بالشراكة مع سورية». واضاف آخر، «ويرفض التوطين بقوة».

وقال الفرزلي: «لقد توصلت الى قناعة راسخة، بالحاجة من موقع ما امثل سياسياً ونيابياً ودستورياً الى اطلاق الدعوة لحملة نيابية وسياسية واعلامية تهدف الى ابقاء جميع الخيارات الرئاسية مفتوحة عبر حوار جامع يضع في حسابه امكانية انتخاب رئيس جديد كما امكانية بقاء الرئيس اميل لحود في سدة الرئاسة تمديداً او تجديداً... ان التنازل عن الرئيس لحود سيشكل اسقاطاً طوعياً لاول خط دفاع امام هذه الهجمة، او اشتراكاً مباشراً او غير مباشر بانقلاب دستوري على المستوى الاستراتيجي وتداعياته، من دون ان يعني ذلك انتقاصاً من اهلية وتقدير اي من المرشحين، وكلهم اصدقاء والخيارات لا تزال مفتوحة». وتوجه بالدعوة الى الرئيس اميل لحود لـ«قبول التداول علناً باحتمال بقائه في سدة الرئاسة كرأس حربة لحماية خياراتنا الاستراتيجية اذا اقتضت الضرورة الاستراتيجية ذلك والانفتاح على اي خيار رئاسي آخر يحمي هذه الثوابت عبر مناقشة صريحة وجريئة لاسباب فشل مشروع بناء الدولة خلال السنوات الماضية، وممارسة نقد ذاتي بناء وجريء لتفادي الاحباط والخيبات التي تكاد تدفع اللبنانيين الى حافة اليأس وهم يعانون ازمة اقتصادية ومعيشية خانقة، ويرون الفساد والفاسدين يحاصرونهم من كل صوب، ويسمعون الاحاديث عن التدخلات في القضاء والاعلام والادارة». ودعا ايضاً «القادة الذين سجلوا تحفظاتهم على المستوى السياسي، وحسموا خيارهم الاستراتيجي، واختاروا عنواناً لهم، ضد التمديد والتجديد، الى اعلان الانحياز الى خيارهم الاستراتيجي اولاً، ومناقشة التحفظات السياسية تحت سقفه، وأخص بالذكر الزعيمين (رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي) وليد جنبلاط ووزير الصحة سليمان فرنجية، ومعهما آخرون كثيرون، الى الاشتراك في حوار جامع يحصن المشروع الرئاسي الذي يمثله الرئيس اميل لحود، او من ينتمي الى ذات الخيار الاستراتيجي». كما دعا ايضاً «القيمة الاستراتيجية التي تمثلها المقاومة في لبنان وما يشكله «حزب الله» وأمينه العام (الشيخ حسن نصر الله)، الى قول كلمة الفصل في هذا السياق ووضع جهوده في خدمة حماية وتحصين هذا الخيار الاستراتيجي الذي يمثله الرئيس اميل لحود او سواه بالسعي لبلورة ما يسمح بجعل السنوات المقبلة سنوات وعد ببناء الدولة، نستفيد من تجربة السنوات الماضية من دون اي استعداد لفتح الثغرات في جدار الصمود والممانعة والمقاومة». كذلك دعا «المرجعيتين الدستوريتين (رئيس مجلس النواب) نبيه بري و(رئيس الحكومة) رفيق الحريري، الى الانفتاح بايجابية على هذه الدعوة والتفاعل معها، لان موقعهما السياسي والشعبي والدستوري يجعل كلمة كل منهما قيمة بذاتها».

كذلك دعا الفرزلي البطريرك نصر الله صفير، الى «فتح الباب لحوار يطمئن الهواجس التي اثارها بصدد الخوف من تعديلات تغير طبيعة النظام». وفي ما يتعلق بالبيان الصادر اول من امس عن المفتي قباني والشيخ قبلان اوضح الاول لـ «الشرق الأوسط» انه لم يطلع على البيان كاملاً قبل صدوره بل على ابرز عناوينه، ولفت الى انه سارع الى طلب سحبه عندما لاحظ انه مختلف عن روحية الاجتماع وما جرى فيه، مشيراً الى انه لم يتم التطرق الى موضوع الاستحقاق بالتفصيل في الاجتماع.

من جهته، اوضح الشيخ عبد الامير قبلان في حديث ادلى به امس، ما اثير حول اسباب حذف الفقرة السابعة من بيان دار الفتوى واشارة البعض الى «ان ايد خفية تدخلت لحذف هذه الفقرة»، فقال: «الواقع انه لم يكن هناك ايد خفية، ولكن هناك فهماً كان بعكس الاتجاه، نحن مع الدستور تثبيتاً او تعديلاً ولكن هذه الفقرة لم توضح ولم تبين. لذلك نقول نحن مع اتفاق النواب، وقرارات النواب اللبنانيين لا نحيد عنه طرفة عين، لذلك هذه المادة فسرت على غير ما وقعت، لذلك نوهنا عنها وحذفت وليس وراء حذفها ايد خفية ولا ايد علنية، بل لأجل التفسير المشبوه حذفناها ليكون واضحاً للعيان. وسئل هل حضر الاستحقاق في اجتماع دار الفتوى؟ فأجاب: «حضر الاستحقاق، وقلنا هذا شأن نيابي لا دخل لنا فيه».

وأمل المرشح الرئاسي النائب بطرس حرب الذي زار رئيس الجمهورية السابق امين الجميل امس ان «يتخذ النواب اللبنانيون الموقف المناسب الذي يصب في اتجاه رغبة الرأي العام في اصلاح الحالة التي نشكو منها وفي استعادة كل العناصر التي تؤمن للمواطن استقراره والاطمئنان الى غده». مؤكداً «ان ترشيحه مستمر، وانه ليس معنياً شخصياً بما يجري».

اما الجميل فقد اعتبر ان «سحب بند» من بيان المفتي قباني والشيخ قبلان يؤكد ان «هناك وفاقاً وطنياً حقيقياً في القلوب».

وأعلن النائب المعارض مصباح الأحدب تأييده الكامل لـ «مجمل» بيان قباني وقبلان... وخصوصاً الفقرة التي تم حذفها في وقت لاحق والمتعلقة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية مع احترام الدستور البناني».

ورأى النائب المعارض فارس سعيد ان «هناك اجماعا في لبنان اسلامياً ومسيحياً، حول رفض تعديل الدستور»، وقال: «نحن نعيش مفارقة في لبنان، وهي ان الشعب والمجتمع الاهلي والمرجعيات الروحية مسلمين ومسيحيين من كل الطوائف يطالبون بتطبيق الدستور والقانون وهناك سلطة سياسية ومن يحميها تطالب بخرق القانون وبتعديل الدستور».