خدام يدعو إلى تطوير فكر «البعث» وليس عقيدته ويرفض إلغاء مبدأ قيادة الحزب للدولة في سورية

TT

أكد نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام أنه بعد نحو أربعين عاماً على تولي حزب البعث العربي الاشتراكي قيادة البلاد، وفي ضوء التطورات السياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية والعلمية إقليمياً ودولياً وانعكاساتها على سورية والأمة العربية، تبرز الحاجة إلى المراجعة والتطوير لتتمكن سورية من متابعة مسيرة نهوضها وتوفير الإمكانات لتجنب سلبيات التطورات الكبرى في العالم والإفادة من إيجابياتها. وأشار خدام في حديث إلى مجلة أبيض وأسود (المجلة السياسية الخاصة الوحيدة في سورية) إلى أن التطوير في البلاد يتناول فكر الحزب وليس عقيدته، باعتبار أن العقيدة هي ما يرتبط بالمصير والهوية، ويعبّرعنها ما ورد في المبادئ الأساسية للحزب، بينما الفكر هو ما ينتجه العقل لتأمين متطلبات مرحلة، وبالتالي فهو متحرك بتحرك عوامل ومكونات كل مرحلة. وقال: بعد تسلّم الحزب قيادة البلاد في مارس(آذار) 1963 وخاصة بعد حركة فبراير(شباط) 1966، سادت في الحزب نظرية تدعو إلى انفراد الحزب في قيادة العمل السياسي، وفي تطوير البلاد باعتباره حزباً لثورة، مما أدى إلى وحدانية الحزب في الساحة السياسية، وكان لذلك إسقاطاته في حياة البلاد العامة انعكست على الأفراد وعلى المجتمع. وبعد نكسة يونيو(حزيران)67 نشأت أزمة في الحزب حول كيفية مواجهة الاحتلال والعدوان، وبرز تياران: قادت القيادة القطرية التيار الأول الذي يدعو إلى مزيد من التشدد في السياسات الداخلية والعربية والدولية، فيما قاد الرئيس حافظ الأسد التيار الآخر الذي اعتبر أن المرحلة مرحلة تحرر وطني وأن العدوان استهدف الوطن وأن الحاجة إلى تعزيز الوحدة الوطنية والانفتاح على قوى المجتمع السياسية والثقافية والاقتصادية وإعادة بناء الجبهة الداخلية هي أمور أساسية في مواجهة العدوان، مشيراً إلى أن الحزب أطلق آنذاك التعددية الحزبية والاعتراف بالأحزاب التي كانت قائمة آنذاك، وأقام معها تحالفاً وطنياً في الجبهة الوطنية التقدمية مكنها من المشاركة في الحكم. بيد أن تنفيذ بعض الأهداف التي أطلقها الحزب تباطأ بعد حرب أكتوبر (تشرين الاول)1973، ثم تعثّر في مراحل تالية بسبب عوامل داخلية وخارجية أعاقت تحقيق النهج الذي أطلقه الحزب بعد الحركة التصحيحية التي قام بها الرئيس حافظ الأسد.

وعما يشاع عن أن حزب البعث سيتحوّل إلى حزب سوري، قال خدام إن هذا الأمر غير وارد، موضحاً أن التخلي عن البعد القومي للحزب يعني التخلي عن الهوية والتاريخ والمستقبل وأن ما يناقش هو تطوير صيغة العمل في الحزب قومياً، بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة الراهنة في المجال القومي.

وعما إذا كان التطوير سيتناول مفهوم الحرية قال خدام إن الحرية حق طبيعي للبشر ويجب ألا يكون هناك قيد على الحرية إلا الحرية نفسها، بمعنى أن حرية الفرد تقف عند حرية الآخر وحرية المجتمع ... وقال ان هناك أشكالا متعددة للديمقراطية، لافتاً إلى أن الديمقراطية تتطلب وجود أحزاب وبرامج ومناخ، ومشيراً إلى أن القيادة السورية تولي هذه المسألة اهتماماً كبيراً في مراجعة تطوير فكر الحزب.

وعن مطالبة البعض بإلغاء مادة في الدستور تنص على مبدأ قيادة حزب البعث للمجتمع والدولة، وما إذا كانت عملية التطوير ستتناول هذا المبدأ قال خدام «يجب أن نميز بين عملية تطوير الحزب والدولة والمجتمع كحاجة وطنية ومن حيث حق كل مواطن في أن يساهم في عملية التطوير وإبداء وجهات نظره وبين عملية تغيير النظام واستبداله بنظام جديد، فالحالة الأولى حاجة وطنية أكد عليها الرئيس بشار الأسد كما أكدت عليها قيادة الحزب وتعمل جاهدة لتحقيقها آخذة بالاعتبار كل العوامل الموضوعية التي تتطلبها عملية التطوير في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية، الحالة الثانية التي تدعو إلى تغيير النظام واستبداله فإن الذين يطرحونها هما أحد اثنين، إما بسيط لا يدرك خطورة ذلك على مستقبل البلاد وأمنها واستقرارها ولا يدري ما يمكن أن يحدث بعد ذلك، أما الثاني فهو يعرف النتائج الخطيرة ويريدها ويسعى إليها لأسباب لا تتعلق بمصالح البلاد ولكنها تفيد المشاريع الخارجية وإسرائيل .

فتزول من أمامها الدولة التي حملت عبء مقاومة المشروع الصهيوني، وبقيت رغم كل الظروف الصعبة متماسكة بثوابتها الوطنية والقومية.