اشتعال المعارك مجددا في ضواحي العاصمة الشيشانية

TT

قتل ثلاثون جنديا وشرطيا اضافة الى 12 مدنيا في هجمات شنها المقاتلون الشيشان ليل السبت ـ الاحد في غروزني، كما اعلنت السلطات الصحية الشيشانية امس في اول حصيلة رسمية تشير ايضا الى خسائر كبيرة في صفوف القوات الروسية.

وقال مدير المركز الطبي للطوارئ في الشيشان، عمر اخيدوف، انه اضافة الى الثلاثين عسكريا وشرطيا، فقد قتل 12 مدنيا في تلك المعارك. وأتى هذا في اشارة نادرة الى سقوط ضحايا مدنيين الامر الذي كان يتم التكتم بصدده بصورة منهجية في اي حصيلة للجيش الروسي.

ولا تشمل هذه الحصيلة الخسائر في صفوف المقاتلين كما أوضح متحدث باسم وزارة الصحة الشيشانية، مضيفا انه نقل هذه المعلومات الى العاصمة الفيدرالية التي بقيت حتى الآن غامضة جدا بشأن الخسائر.

وكانت القوات الفيدرالية قد واصلت لعدة ايام عملية البحث عن فلول المقاتلين الذين شاركوا في عملية غروزني الدامية التي شنها المقاتلون الأحد الماضي. وقال الجنرال ايليا شابالكين، المتحدث الرسمي باسمها في شمال القوقاز، انها استطاعت تصفية 12 منهم على مقربة من بلدتي شيشان آول وبريغورودنيه في ضواحي العاصمة الشيشانية، لكنه رفض الافصاح عن عدد الضحايا بين صفوف القوات الفيدرالية.

وقد تضاربت البيانات والارقام حول نتائج معارك الاحد الماضي، اذ قالت صحيفة «فريميا نوفوستي» ان خسائر القوات الفيدرالية والمدنيين بلغت 78 قتيلا وليس 16 كما اذيع آنذاك. كما اشارت إلى ان المعارك استغرقت ما يقارب الثلاث ساعات وليس ساعة كما قيل. وقالت ان المقاتلين، الذين بلغ عددهم حسب اضعف التقديرات من 250 إلى 300، انقسموا إلى مجموعات انتشرت في كل ارجاء المدينة. وقد ارتدى بعضهم زي رجال الشرطة وراحوا يراجعون هويات المدنين بل حتى العسكريين من رجال الشرطة والامن على نحو اعاد إلى الاذهان سيناريو عملية غزو جمهورية الإنغوش المجاورة التي كانت المقدمة العملية لاقالة رئيس اركان القوات المساحة الروسية الجنرال اناتولي كفاشنين.

وبينما يتحفظ الكثيرون تجاه مصداقية ما يذاع من ارقام حول عدد ضحايا المقاتلين، تقول مصادر القوات الفيدرالية ان هذا العدد يقترب من الخمسين. وأضافت ان دوكو عمروف، الذي قاد عملية غزو الإنغوش، شارك في عملية العاصمة الشيشانية تحت إمرة يونادي تورتشايف، وهو اصولي من بلدة عروس مارتان الشيشانية شغل منصب امير احدى الجماعات الدينية في منطقة اكتوبر إلى ان تدرج لرئاسة كل جماعات العاصمة. وأشارت إلى انه «على علاقات وثيقة بالكثيرين من رجال الأمن والشرطة في الشيشان».

وقد عزا المراقبون ذلك إلى تفوق المقاتلين وتأخر دعم وتدخل القوات الفيدرالية التي لم تصل إلى المدينة إلا مع غروب شمس يوم الاحد الماضي حسب معلومات صحيفة «كوميرسانت ديلي». وبينما تحاول القوات الفيدرالية التخفيف من حدة توقعات تصعيد المقاتلين الشيشان لعملياتهم مع اقتراب الاحد المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية، قال دوكو عمروف، في تصريحاته التي نقلها موقع المقاتلين على الشبكة الالكترونية، ان نشاط المقاتلين «لن يقتصر على غروزني والمدن الشيشانية بل سيمتد ليطال كل شمال القوقاز وبقية ارجاء الارض الروسية». وتبدو هذه التصريحات بمثابة الانذار قبيل الانتخابات الرئاسية المتوقع ان يفوز بها من الجولة الاولى مرشح الكرمين الجنرال علي الخانوف وزير الداخلية الشيشانية. على ان فوز الخانوف لن يكون ـ تبعا لمختلف المؤشرات ـ بداية مرحلة جديدة من الاستقرار والسلام في الجمهورية. ويعزز ذلك تكرار تهديدات المقاتلين وزعيمهم اصلان مسعدوف بأن «الموت سيكون مصير كل من يتعامل مع الكرملين».

ورغم كل جهود القوات الفيدرالية، التي قرر بوتين زيادة تعدادها وعتادها بعد عملية غزو الانغوش، فإن المقاتلين لا يزالون يحظون بدعم الكثيرين من ابناء الشيشان لأسباب تعود بالدرجة الاولى إلى استمرار تعسف بعض ممثلي القوات الفيدرالية تجاه المدنيين وتدهور الاحوال المعيشية في الشيشان إلى جانب وجود ذوي المصلحة من الجانبين في استمرار الحرب في الشيشان.

وثمة اصوات روسية تقول الآن ان الكرملين مدعو اكثر من ذي قبل لمواجهة رموز هذه التوجهات إلى جانب تكثيف الجهود الرامية إلى اصلاح الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية واعادة اعمار الشيشان.