شيراك يدعو إلى تمكين اللبنانيين من ممارسة ديمقراطيتهم بحرية.. ويشدد على تمسك فرنسا باستقلال لبنان وسيادته

TT

أعرب الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن تمسكه بأن يسمح الاستحقاق الرئاسي القادم في لبنان للبنانيين بـ«ممارسة لعبة الديمقراطية بكل حرية»، معرباً في الوقت عينه عن «تمسك فرنسا العميق باستقلال لبنان وسيادته التامة» في رفض ضمني للتجديد للرئيس اللبناني العماد لحود او تمديد ولايته. من جهة أخرى، حث الرئيس الفرنسي المجموعة الدولية على «تحمل مسؤولياتها» في ما خص النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي معتبرا أن العالم «لا يمكن أن ينتظر أكثر نزوات هؤلاء او أولئك». وكشف شيراك أنه سيستقبل الرئيس العراقي غازي الياور بداية الشهر القادم في باريس. جاءت مواقف الرئيس الفرنسي هذه في إطار كلمة ألقاها أمس في قصر الايليزيه بباريس بمناسبة اختتام المؤتمر الثاني عشر للسفراء الفرنسيين عبر العالم.

واستهل الرئيس الفرنسي كلامه عن لبنان بالتذكير بـ«تعلق فرنسا العميق باحترام استقلال وسيادة لبنان الكاملة». واستطرد شيراك قائلا:«إن انتخاب رئيس جديد (للجمهورية) لولاية من ست سنوات، بموجب الدستور الحالي، يجب أن تكفل ممارسة حرة للديمقراطية، كما يجب لهذه الانتخابات أن تشكل نقطة انطلاق جديدة لتنفيذ الإصلاحات البنيوية الضرورية الاقتصادية والإدارية التي آل إليها «مؤتمر باريس ـ 2»، وأيضاً اعتبر الرئيس الفرنسي أن «تعميق الوفاق الوطني وإعادة الثقة مرهونان بهذه الانتخابات ...كما أن ثقة اللبنانيين بأنفسهم وبمؤسساتهم و بمستقبلهم وثقة الاتحاد الأوروبي والمجموعة الدولية بلبنان قادر على إنجاز مشروع التجديد والتحديث بكل سيادة»، كل ذلك مرهون ايضا بهذه الانتخابات والطريقة التي تتم بها». ويمكن فهم كلام شيراك على أنه موقف مبدئي من مسألة الإنتخابات التي لم يشر بشانها الى سورية بالإسم، كما أنه لم يأت على ذكر التمديد أو التجديد. لكن حديثه عن «الدستور الحالي» وعن «رئيس جديد» لا يترك للالتباس مكاناً. والملاحظ ان الرئيس الفرنسي لم يشر الى سورية بالاسم الا في مكان واحد عندما تحدث، في جملة واحدة، عن أن «السلام العادل والشامل» يفترض «إيجاد حل المسارين السوري واللبناني» في النزاع مع إسرائيل.

وبعكس ذلك، فقد تناول الرئيس شيراك مطولا النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي متسائلا بداية «كم من الوقت يستطيع العالم أن يقبل هذه المأساة التي تهلك أناسا وتهدد استقرار منطقة اساسية لأمن الجميع، وتعمق فجوة عدم الفهم بين الثقافات والحضارات والديانات». ودعا الرئيس الفرنسي المجموعة الدولية الى «تحمل مسؤولياتها» والى النظر في «النتائج المأساوية» المترتبة على عدم تحركها، في إشارة واضحة الى شلل اللجنة الرباعية والى عزوف الولايات المتحدة عن الإهتمام بموضوع الشرق الأوسط. وفي تلميح آخر لواشنطن التي يبدو أنها أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لبناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، طالب شيراك بإدانة الإرهاب ومحاربته من غير هوادة. لكنه في الوقت عينه، طالب المجموعة الدولية بتأكيد أن الاحتلال والاستيطان يجب أن يتوقفا، كما طالب بوضع حد لسياسة «الشروط المسبقة» في إشارة الى إسرائيل التي ترفض الحديث الى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

وحيال الملف العراقي، أبدى شيراك ليونة واضحة. واستبق حديثه عن العراق بتأكيد تعلق فرنسا بـ«شراكة أطلسية دينامية ومتوازنة باعتبارها ضرورية لمواجهة التحديات المشتركة» واصفا بلاده بأنها «صديقة وحليفة للولايات المتحدة الأميركية». كذلك أبدى شيراك استعداد فرنسا التي «دعمت عودة السيادة» الى العراق وانفتاحها على السلطات الجديدة هناك بخصوص كافة المواضيع مثل تأهيل القوات الأمنية العراقية ومسألة الديون والمساهمة في إعادة الإعمار. وكشف شيراك أنه سيستقبل بداية شهر سبتمبر (أيلول) القادم في باريس الرئيس العراقي غازي الياور. وتناول الرئيس الفرنسي مطولا علاقات أوروبا بمنطقة المغرب العربي الكبير، فدعا الى «تسخير سياسة الجوار الجديدة التي يسعى اليها الاتحاد من أجل مساعدتها على تحقيق اندماجها». وقال شيراك: «نحن بحاجة على حدودنا الجنوبية الى مجموعة مغاربية متحدة ومستقرة يشكل بالنسبة لشعوبها فضاء ديمقراطيا تعمه الحرية والإزدهار». ثم أضاف «لنشجع الدول المغاربية الخمس على إنجاز مسار التكامل الإقليمي الذي بدأته خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي».