لبنان: قنديل يرى أن النقاش حول الاستحقاق الرئاسي ينتقل إلى تفاصيل آلية تعديل الدستور

TT

ادخلت التطورات المتلاحقة على ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية لبنان في حالة ترقب لمعرفة ما ستؤول اليه الأمور بعدما بدا ـ وفق جهات معنية ـ ان خيار تعديل الدستور حسم لجهة بقاء الرئيس اميل لحود في سدة الرئاسة في الفترة المقبلة، لكن بقيت معرفة المدة وهل ستكون تمديداً للولاية 3 سنوات او تجديداً لها لست سنوات اخرى.

الانظار تتجه حالياً الى رئيس الحكومة رفيق الحريري الذي توقعت بعض المصادر ان يعلن موقفه من الموضوع اليوم قبيل مغادرته الى جزيرة سردينيا الايطالية لتمضية اجازة جديدة، في حين ستكون الخطوات العملية متوقعة من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي سيتحدث الثلاثاء المقبل في ذكرى تغييب مؤسس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام موسى الصدر.

وقد عبّر عن هذه الحال النائب ناصر قنديل (عضو كتلة الحريري والقريب من برّي) بقوله امس انه يعتقد «ان موضوع بقاء الرئيس اميل لحود في سدة الرئاسة بات امراً فوق النقاش»، معتبراً «ان النقاش الآتي يطاول الآليات والصيغة والمدة وبرنامج العمل المقبل. وان الحوار اللازم والواجب حول كيف يمكن ان تكون هذه الفرصة غير مكرسة فقط من اجل حماية الثوابت الاستراتيجية التي يرمز اليها بقاء الرئيس لحود في سدة الرئاسة، بل كيف نحولها عبر هذا الاجماع المطلوب حولها الى فرصة للافادة من خبرة السنوات الماضية لكشف اسباب التعثر في عملية بناء الدولة، وكيف يكون وعداً واملاً حقيقياً للبنانيين، لأن مبدأ بناء الدولة هو الطريق الوحيد من اجل مواجهة التحديات، سواء تحديات الدين او مكافحة الفساد او مواجهة ازمة البطالة وسائر اوجه المعاناة المعيشية للبنانيين».

وعن التطورات المتسارعة التي شهدتها الساعات القليلة الماضية وامكان انعكاس ذلك على الحياة السياسية والمالية والاجتماعية في ضوء الحديث عن امكان استقالة رئيس الحكومة، قال قنديل: «انا لا أريد التحدث نيابة عن الرئيس رفيق الحريري، فهو الاكثر اهلية لأن يتحدث باسمه خصوصاً ان الظرف دقيق وهو يأخذ على نفسه عدم التكلم. ومن المنطقي والطبيعي ان نحترم ارادته هذه». ثم أشار الى ان الموقف من الاستحقاق الرئاسي «انتقل من التجاذب والتناوب بين التيارات الداخلية حول الاعتبارات الدستورية والسياسية الى خط تماس ذي صفة استراتيجية بين مرجعيتين: واحدة تمثلها واشنطن التي قالت بلسان (المساعد السابق لنائب وزير الخارجية الاميركية) ديفيد ساترفيلد ان لا بقاء للرئيس لحود لانه وقف الى جانب «حزب الله»، وأصر على بقاء الجيش السوري على رغم الوجود الاميركي في العراق، واخرى مرجعيتها دمشق تقول للأسباب نفسها: نتمسك بالرئيس لحود». ورأى قنديل ان «لا سبب للخوف او لعدم الثقة بأننا ذاهبون في اتجاه التعديل الدستوري الذي يضمن بقاء الرئيس اميل لحود في سدة الرئاسة. وان النقاش ربما يكون في جزء منه يطاول آلية هذا التعديل ونوعيته تمديداً او تجديداً بصورة تسهل على الكثيرين من الذين سجلوا تحفظاتهم، سواء من الزعامات السياسية او من المرجعيات الدينية ان يعتبروا ان مثل هذا النقاش في الآلية يمكن ان يخفف من اعباء مساهمتهم في تغطية العملية الدستورية اللازمة لضمان بقاء الرئيس لحود في سدة الرئاسة».

وطمأن قنديل اللبنانيين الى «ان الذين يمسكون مقدرات البلاد سواء في الاشراف على العمليات المالية والنقدية والمسؤوليات الأمنية هم مؤتمنون وهم أهل لهذه الأمانة. ولا مبرر لأي نوع من انواع الخشية».

* موقفا جنبلاط والبطريرك الماروني

* وفي حين بقي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط على صمته بعد إلغاء زيارته الى دمشق وعشائه مع الرئيس لحود بسبب موقفه الرافض للتمديد، زار أمس وفد من النواب المسيحيين في كتلته البطريرك الماروني نصر الله صفير، الذي لم يصدر عنه بعد أي موقف مباشر تعليقاً على ما تردد عن حسم الخيار الرئاسي. علماً انه سيتحدث الاحد بعد العظة التي يلقيها اثر القداس الذي يقيمه في مقر البطريركية المارونية.

واذ رفض النواب الحديث في مقر البطريركية، قال احدهم (النائب صلاح حنين، عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يتزعمها جنبلاط) انه لا يزال عند موقفه الرافض تعديل الدستور، وأنه لن يصوِّت على التعديلات في مجلس النواب. واعتبر حنين «ان كل ما جرى ويجري هو غير دستوري. وعلينا ان نسعى الى عدم الوصول الى المرحلة المأساوية حيث تكون سلبت نهائياً السياسة والدور السياسي من لبنان. ولا يعود هناك اي جدوى لأي عمل سياسي. فسحب الحرية السياسية مثل سحب الروح من الجسد». وعما اذا كان الرئيس الحريري سيقدم على الاستقالة كما ذكرت بعض الانباء قال حنين: «اتمناها، فإذا كان سيستقيل لكي يعارض في مجلس النواب فأنا اتمناها. اتمنى فقط هذا النوع من الاستقالة، ليس استقالة من الموقف بل استقالة لوقفة في مجلس النواب للمواجهة». وأكد ان البطريرك الماروني «لا يزال على موقفه وهو متمسك به ومقتنع به كلياً».

من جهة ثانية، عقدت امانة سر «لقاء قرنة شهوان» الذي يضم معارضين مسيحيين وترعاه البطريركية المارونية اجتماعاً امس. وقرر المجتمعون ابقاء اجتماعاتهم مفتوحة «للمتابعة والتنسيق والقيام بالاتصالات اللازمة لتوحيد الجهود في سبيل تجسيد الموقف الذي عبر عنه اللبنانيون بمرجعياتهم كافة». وذكرت اوساط المجتمعين انه «تم تدارس الاوضاع العامة مطولاً وتوقفوا عند الاجماع الوطني الذي تجلى في الايام الماضية دفاعاً عن اسس الجمهورية وصوناً للدستور الميثاقي والرافضة لأي اعتداء عليهما».

وكان صفير التقى امس النائب ناظم الخوري الذي رأى ان «الأجواء محمومة في البلاد». وقال الخوري انه بحث مع البطريرك «موضوع الاستحقاق وما يحكى عن تعديلات دستورية تخدم التمديد او التجديد للرئيس لحود». واستغرب «السجال الدائر بين سياسيين وغير سياسيين، كأن التعديل امر محتوم، وبدأنا بحث التفاصيل حول آليته ومتى وكيف سيتم». وأضاف الخوري «اذا كان الهدف فقط من التعديل، التمديد او التجديد فأنا اعارض هذا التعديل»، معتبراً «ان الخيار المطروح اليوم ليس بين سورية وأميركا». وأردف «اللبناني لديه الخيار اللبناني اولاً ومصلحة لبنان. والخيار السوري يتلاقى والخيار اللبناني وانا لا أرى تناقضاً». ولاحظ ان لحود «نجح في بعض المفاصل الأساسية بخيارات وطنية وقومية. ولكن حصل اخفاق على الصعيد الداخلي. وهو نفسه قال ذلك».

في هذه الأثناء لزم الرئيس لحود الصمت ايضاً لكن زواره استمروا في تأييد موقفه الاخير الذي اعلن فيه استعداده لمتابعة مسؤولياته الرئاسية «اذا رغبت الاغلبية النيابية بذلك». ورأى رئيس حزب «الجبهة الوطنية» ارنست كرم بعد لقائه لحود ان هذا الموقف «هو من صلب الديمقراطية، لا سيما ان رئيس الجمهورية وضع هذا الامر المهم في المكان المناسب له، اي في مجلس النواب الذي له الكلمة الفصل في الاستحقاق الرئاسي وذلك كي يتخذ القرار الذي يرتئيه». وشدد كرم على «ان المرحلة الراهنة تتطلب استمرار التأكيد على الثوابت الوطنية التي حددها رئيس الجمهورية، خصوصاً في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة والتي تتطلب جهداً استثنائياً ووطنياً ليستمر الاستقرار قائماً في لبنان».

وواصل المرشح الرئاسي النائب مخايل ضاهر جولته على القيادات والمسؤولين. وزار امس نقيب المحررين الصحافيين ملحم كرم، متوقعاً ان «تفتح دورة استثنائية بطلب من رئيس الجمهورية والحكومة لطرح تعديل الدستور». واعتبر «ان الاستحقاق هو شأن لبناني. وعلى كل شخص تحمل مسؤوليته»، رافضاً «تعديل الدستور من اجل شخص لأن القانون لا يكون من اجل شخص». وقال: «انا اكن للرئيس لحود كل احترام وتقدير. الدستور سمح بالتعديل ولكن من اجل قضايا مبدئية وكبيرة. وموقفنا من هذا الموضوع واضح مع احترامي لكل الاقتراحات التي يجب ان تدرس وان تخضع لارادة المجلس النيابي. وكلنا ديمقراطيون وكلنا نؤمن بفعل الحرية وبضرورة ان تسود وتتوطد».