«العراق الجديد» لا يغري الكتاب بالتأقلم مع «نهب الفردوس» ولا «دكتاتورية الاستعارة»

TT

بغداد ـ أ.ف. ب: أمضى الكاتب حميد مختار عدة سنين من حياته في السجن لإقدامه على انتقاد صدام حسين. أما الشاعر خزعل الماجدي فقد اختار المنفى وعاد الى بغداد منذ سنة غداة وصول الأميركيين، وكلاهما يعربان الآن عن خيبة أملهما من العراق الجديد.

وقال الماجدي «ان حرية التعبير ما زالت مفقودة في العراق. إني أستطيع ان اكتب ما أشاء عن الحكومة، ولكن ان انتقدت بعض الأحزاب السياسية او الدين، تصبح حياتي في خطر».

وعاد الماجدي، 53 عاما، الشاعر والمسرحي قبل سنة الى بلاده التي تركها في بداية التسعينات لأسباب اقتصادية و«لأنه لم يعد يستطيع ان يكتب كما يحلو له». وقال الماجدي الذي كان يعلم التاريخ القديم في جامعة ليبية «ما ان عرفت ان نظام صدام حسين سقط، حزمت أمتعتي وعدت مع عائلتي».

واختار هذا الشاعر والمسرحي الذي تبرق في عينيه مسحة من الحزن، الميثولوجيا والتاريخ القديم، وهي «فترة قبل المسيحية والإسلام، ويمكن تناولها في الكتابة من دون مشاكل». اما شعره، «فكان دائما يحكي الحب، لا الناس ولا الواقع». وهو منكب اليوم على كتابة عمل مسرحي جديد بعنوان «نهب الفردوس»، والذي يشير بوضوح الى الأحداث التي جرت عقب وصول الأميركيين في أبريل (نيسان) 2003 الى بغداد، ليعرب بذلك عن استيائه.

وأضاف الماجدي، وهو ايضا مدير للبرامج الثقافية في محطة تلفزيونية، «ان الأميركيين اضروا كثيرا هذا البلد، لقد تركوا الفوضى والعنف يسودان». وفي جعبة الشاعر حوالي أربعين عملا، وهو يحلم ان يأتي يوم يعيش فيه من الكتابة، لكنه يقر بأنه يفكر «جديا بالعودة الى المنفى». «لدي أربعة أولاد، علي ان أؤمن مستقبلهم. الوضع هنا لن يستقر قبل بضع سنوات».

أما حميد المختار، 46 سنة، ذو النظرة المتقدة والشفافة وقد نشأ في «مدينة صدام» التي اعيد تسميتها الآن «مدينة الصدر» في ضاحية بغداد، فيقول هو أيضا «رحبت بسقوط صدام حسين كأنه تحرير».

ويروي مختار، الذي يعمل حاليا في صحيفة ليكسب رزقه، انه حكم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات عام 1999 لأنه انتقد «نظام الذعر».

وبعد ان اعتقل في سجن أبو غريب الذي بات شهيرا الآن، أطلق سراحه بفضل عفو عام أصدر قبيل الحملة الأميركية في مارس (آذار) 2003. وأضاف الكاتب «أنا استطيع الآن ان اكتب ما أشاء. لكنني أجد صعوبة في التأقلم مع هذه الحرية. اني ما زلت احتفظ بمخاوفي وردود فعلي العفوية على مستوى الكتابة، ولا اسمح لنفسي ان أقارب الواقع بطريقة مباشرة».

وقال انه حفظ للكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورغيس قوله «ان الدكتاتورية هي أم الاستعارة». وتابع «أنا أخشى ألا تستمر هذه الحرية. يكفي ان ننظر الى الوضع الحالي لكي نتشاءم»، وقال انه «لم يعد يعلق آمالا كثيرة على الحكومة المؤقتة» بعد القتال في مدينة النجف.

ويأمل الكاتب ان يحقق مشروعه الأدبي الكبير في غضون ثلاث او أربع سنوات، ويقضي برواية قصة «الإمام المختبئ» (المهدي المنتظر) المكرم لدى الشيعة، والذي «سيعود يوما على الأرض لخلاص كل البشر، من دون تفريق على اساس العرق أو اللون او الدين». وأضاف «ان الكوفة تصبح عاصمة العالم» محركا يده بانفعال ليزيح فكرة ان قصته قد لا ترضي بعض رجال الدين.