رئيسة لجنة التحقيق بحوادث الاغتصاب في دارفور لـ «الشرق الاوسط»: لم يصلنا أي بلاغ مقرون بالأدلة على وقوع جريمة واحدة

أطباء الوحدة المصرية في مخيم «أبو شوك»: المرضى يزيد عددهم يوميا

TT

قالت رئيسة اللجنة المكلفة التحقيق في حوادث الاغتصاب التي تعرضت لها نازحات شمال دارفور، إنها لم تتلق في الشهرين الماضيين أي بلاغ مدعوم بالأدلة عن وقوع جريمة من هذا النوع. وأوضحت في حديث لـ«الشرق الأوسط» من خيمتها (مكتبها) بمعسكر «أبو الشوك» للنازحين على أطراف الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، إن اللجنة منحت صلاحيات واسعة تخولها تتبع المتهمين وتقديمهم للعدالة. وأشارت إلى أنها وزميلتيها يقمن بجولات منتظمة على مخيمات النازحين في أنحاء الولاية، فيما تتكفل لجنتان مماثلتان بالتحقيق في حوادث الاغتصاب بولايتي جنوب وغرب دارفور. وذكرت ان جرائم الاغتصاب نادرة في السودان عموما وفي دارفور خصوصا لأن أبناء المنطقة تقليديون معروفون بسلوكهم الحسن تجاه النساء. ويشار إلى أن وزير الشؤون الإنسانية إبراهيم محمود حامد نوه بعمل هذه اللجان معتبرا أنها دليل على النجاح الذي أحرزته الحكومة لجهة تنفيذ التزاماتها الواردة في «خطة عمل دارفور».

وقالت هند علي حمو رئيسة اللجنة، وهي قاضية في محكمة الاستئناف بأم درمان، إن «وزير العدل أصدر قرارا بتشكيل اللجان الثلاث في أعقاب توقيع الحكومة اتفاقيتها مع الأمم المتحدة (في 3 يوليو/تموز الماضي)». وأوضحت أن شريكتيها في اللجنة هما المستشارة نبيلة عبد الكريم وأفراح أحمد يوسف وهي ضابط شرطة برتبة رائد.

وأشارت إلى أن عضوية اللجان تقتصر على نساء، إحداهن ضابط شرطة والأخرى محامية لدى وزارة العدل وتعملان بإشراف قاض.

ولفتت إلى أن «طبيعة الإقليم المحافظة، هي التي اقتضت بتشكيل هذه اللجان من النساء». وأفادت أنها وزميلتيها تعملان من «ثلاثة مكاتب أحدها في الإدارة القانونية بالولاية والآخران عبارة عن خيمتين وسط النازحين في معسكر «أبو الشوك» ومعسكر «زمزم».

ولفتت إلى أن العمل يبدأ عادة في الثامنة والنصف صباحا وينتهي نظريا في الخامسة لأن «أبوابنا مفتوحة أمام أصحاب الشكاوى في أي وقت». كما أن السيدات الثلاث يتجولن «على المناطق التي تضررت بسبب الأحداث ولا يقتصر وجودنا على المواقع التي تعيش فيها النازحات».

ولدى سؤالها عن عدد الحالات التي حققت فيها اللجنة حتى الآن، أكدت قائلة «لم نتلق بعد أي بلاغ». وأضافت «قبل أربعة أو خمسة ايام وصلتنا شكوى عن تعرض نازحات من المقيمات في معسكر أبو شوك لاعتداء قام به رجال يسكنون في الخارج». واضافت «باشرت الشرطة التحري عن التهم فور ورود الشكوى وأخضعت الضحايا الى كشف طبي، ولا تزال الإجراءات مستمرة للتحقق من وقوع الجريمة او عدمه». غير انها أوضحت عدم ورود أي شكوى عن حصول اعتداء من هذه النوع خلال الأحداث. وعما اذا كانت اللجنة قد سعت الى استيضاح النازحات وتشجيعهن على الحديث عن تعرض بعضهن للاغتصاب، قالت حمو «نعم حاولنا الاستفسار من النساء غير ان ذلك لم يؤد الى أي نتيجة». وأضافت «كما زرنا الوحدة الطبية المصرية (في ابو شوك) التي تضم عيادة للنساء والتوليد كي نستوضح ما اذا عالجوا احدى ضحايا الاغتصاب، فنفوا رؤيتهم لأي حالة من هذا النوع». ولدى تذكيرها بالتقارير الكثيرة التي أوردت معلومات عن شيوع جرائم الاغتصاب التي يرتكبها الجنجويد، ردت «نحن كلجنة عدلية نطبق قانوناً، لا بد لنا من رؤية البنات والأدلة الملموسة ولا يكفينا الكلام غير المقرون بالإثباتات».

وأفادت رئيسة لجنة التحقيق بجرائم الاغتصاب في ولاية شمال دارفور انها وزميلاتها منحن «صلاحيات مفتوحة بموجب قانون الإجراءات الجنائية». وأضافت ان لكل من اللجان الثلاث القدرة على أجبار المتهمين على المثول أمامها. وأفادت ان «مدة عمل اللجنة غير محددة، فنحن ملزمات بمواصلة المهمة وتقديم تقارير دورية للجهة التي عينتنا وهي وزارة العدل».

وذكرت القاضية في محكمة الاستئناف ان حوادث الاغتصاب غير مألوفة في السودان. وقالت «هذه الجرائم ليست شائعة في البلاد، وخصوصاً في دارفور بالذات، حيث الناس محافظون ويعاملون المرأة باحترام كبير». وأضافت «نظراً لسلوكيات الرجال والنساء في دارفور وطريقة تعاملهم مع بعضهم البعض، استبعد جداً ارتكاب مثل هذه الجرائم هنا». وشرحت ان القانون السوداني يعاقب مرتكبي هذه الجرائم بصرامة وقد يفرض على من تثبت إدانته «مدة سجن لا تتجاوز عشر سنوات اضافة الى مائة جلدة».

ومن جهة اخرى قال قائد المركز المصري في معسكر «ابو شوك» العقيد عبد الصبور لاشين ان القيادة المصرية قررت مد يد العون بالصورة المناسبة لابناء دارفور في محنتهم. واضاف انه حين تبين ان هناك حاجة للخدمات الصحية صدرت التعليمات بارسال «قافلة طبية كاملة مع ثلاث سيارات اسعاف جاهزة وكميات من الدواء». وزاد ان البعثة «تضم اطباء اختصاصيين في طب الاطفال والباطنة والجلد وامراض المناطق الحارة والرمد والنساء والتوليد، فضلا عن صيدلية وممرضين». وتراوحت اعداد المرضى الذين يعالجهم الاطباء المصريون، وكلهم ضباط من رتبة ملازم اول الى مقدم، في اليوم الواحد من 100 الى 150 مريضا. غير ان لاشين، وهو عسكري محض لا علاقة له بالطب من الناحية العلمية، لفت الى ان هذا الرقم يرتفع احيانا الى 250 مريضا في اليوم الواحد. وذكر ان «قرابة الف مريض يتلقون المعالجة في المركز، كما ان بعضهم يعودون للمراجعة بعد ايام، حين تقتضي الضرورة». واشار الى ان المريض «لا يتلقى العلاج وحده، بل يحصل ايضا على الدواء المجاني».

وعن الدوام، قال العقيد لاشين ان بدايته معروفة غير ان نهايته غير محددة، واوضح «نبدأ عادة في التاسعة صباحا، لكننا لا نغادر حتى نفرغ من معالجة آخر مريض انتظر دوره». واضاف «وبعد ان نغلق ابواب العيادات لدينا عادة الكثير من الاعمال الادارية التي لا بد منها». وتردد في الاشارة الى أي صعوبة واجهها الفريق منذ قدومه اوائل الشهر الحالي، وهو الطاقم المصري الوحيد في دارفور.

واكد «نحن كعسكريين نتكيف مع أي مناخ وظروف، لكن في البداية كان التفاهم مع المرضى غير سهل بسبب اللغة بيد اننا حفظنا سريعا التعابير الرئيسية ولم يعد هناك مشكلة».

وذكر ان «كثيرا من المرضى الذين عولجوا هنا تحسنوا، الامر الذي اعطانا سمعة طيبة وجعل الناس يأتون الينا من البلد ومناطق اخرى كنيالا (عاصمة ولاية جنوب دارفور التي تبعد حوالي 400 كلم عن الفاشر)».

وافاد ان الاطباء المصريين «يعالجون الكثيرين من المقيمين وليس النازحين وحدهم، وقد عرفنا ان بعض من جاءونا كانوا من نيالا بسبب اختلاف الاسماء».

اما الامراض الشائعة بين المرضى، فهي عموما بسيطة حسبما اكد الاطباء.