التحقيق حول تجسس محلل في البنتاغون لصالح إسرائيل يمتد ليشمل مسؤولين بالخارجية والدفاع

المشتبه به عمل في إسرائيل وتربطه علاقات بمعارضين إيرانيين وعراقيين* رسائل إلكترونية فجرت القضية

TT

أعلن مسؤولون في وزارة العدل الاميركية أن التحقيقات حول تورط لاري فرانكلين المسؤول البارز في وزارة الدفاع (البنتاغون) في نقل معلومات سرية حساسة الى اسرائيل، امتدت لتشمل مسؤولين آخرين بوزارتي الخارجية والدفاع، إضافة الى متخصصين في شؤون الشرق الأوسط يعملون خارج الحكومة الاميركية. غير أن المسؤولين لم يحددوا ما اذا كان نائب وزير الدفاع بول وولفويتز ودوغلاس فيث وكيل الوزارة وعضوان مشتبه بهما في مجلس العلاقات الاميركية الاسرائيلية (ايباك) ضمن الذين خضعوا للاستجواب. وفيما قال زملاء لفرانكلين انه عمل في اسرائيل لفترة من الزمن وتربطه علاقات قوية مع اقطاب من المعارضة الايرانية والعراقية في الخارج، نفت اسرائيل مجددا وبشدة تورطها في التجسس على الولايات المتحدة. وذكر المسؤولون أن مكتب المباحث الفيدرالية (اف بي آي) يحقق فيما اذا كان المحلل المشتبه به قد مرر وثائق سرية ومسودات للبيت الابيض حول ايران الى اسرائيل عن طريق (ايباك) وهي جماعة ضغط قوية مؤيدة لاسرائيل في واشنطن. وأوضح المسؤولون ان فرانكلين متخصص أساسا فى الشؤون السوفيتية غير أنه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق تخصص في الشؤون الايرانية والشرق الاوسط وخدم كجندي احتياط في السلاح الجوي الاميركي في اسرائيل. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن زميل سابق له بوكالة استخبارات الدفاع قوله ان المحلل خدم في السفارة الاميركية في تل أبيب ولكنه لم يعين هناك أبدا بشكل دائم. كما ذكر مسؤولون بوزارة الدفاع ان فرانكلين ساعد في عقد اجتماع بين وولفويتز ورجال دين شيعة وسنة عراقيين في واشنطن بداية عام 2003 .

وأضافوا ان فرانكلين يتمتع بصلات وثيقة مع السياسي العراقي أحمد الجلبي الذي كانت منظمته، المؤتمر الوطني العراقي، هي المنظمة المفضلة من بين جماعات المعارضة العراقية لمسؤولي البنتاغون خلال فترة حكم صدام حسين. وكان الجلبي غالبا ما يلتقي بكبار المسؤولين في الوزارة ومكتب نائب الرئيس ديك تشيني في اطار مسعاه لتغيير النظام في العراق.

وتعد هذه هي القضية الثانية شديدة الحساسية التي تضرب البنتاغون بعد قضية تورط موظف في وزارة الدفاع في تسريب معلومات حساسة الى الجلبي. وما زال «اف بي آي» يحقق منذ يونيو (حزيران) الماضي لمعرفة ما اذا كان متعاونون مع البنتاغون نقلوا معلومات سرية الى السياسي العراقي اثناء وجوده في المنفى. وكان مكتب فيث يقيم علاقات وثيقة مع الجلبي ويدافع عن نظرية وجود علاقات بين نظام الرئيس العراقي السابق وتنظيم القاعدة، وهي نظرية فقدت الكثير من مصداقيتها بعد اكثر من سنة على شن الحرب على العراق.

وهي كانت من الحجج التي استخدمتها الولايات المتحدة لتبرير الحرب. وجرى التحقيق مع الجلبي نفسه من جانب المسؤولين الأميركيين فيما يتعلق بنقل معلومات أميركية سرية الى ايران. غير انه ليس من الواضح ما اذا كان هناك ارتباط بين التحقيق مع فرانكلين وقضية الجلبي. وقال مسؤولون أميركيون مطلعون على القضية ان التحقيق الذي يجريه «اف بي اي» اتسع نطاقه في الايام الاخيرة ليتضمن مقابلات في وزارتي الخارجية والدفاع ومع متخصصين في شؤون الشرق الاوسط خارج الحكومة. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» ان التحقيق يتناول سياسة وزارة الدفاع تجاه المدنيين المتعاونين معها الذين توجد في متناولهم وثائق بالغة السرية. ونقلت عن مصادر في البنتاغون انه تم استجواب مدنيين آخرين يعملون لحساب الوزارة. وقد رفض مسؤولون بوزارتي العدل والدفاع التعليق على التقرير. الى ذلك، قال مسؤول اميركي إن التحقيقات حول فرانكلين بدأت عندما لاحظ «اف بي اي» عددا من الرسائل الالكترونية المثيرة للشكوك بعثها فرانكلين عبر جهاز الكمبيوتر الخاص به. وأضاف المسؤول ان التحقيقات تقترب من نهايتها وان اتهامات ستوجه قريبا للمتورطين. وذكر مسؤولان فى وزارة العدل أن «اف بي آي» بدأ هذه التحقيقات منذ نحو عام وانه وضع أجهزة تنصت اليكترونية حساسة فى جهازالكمبيوتر الخاص بفرانكلين، غير انهما لم يوضحا اذا ما تم زرع أى أجهزة تجسس في البنتاغون ذاته في اطار التحقيقات. وأضاف المسؤولان اللذان رفضا الكشف عن هويتها ان التحقيقات اخذت هذا الوقت الطويل بسبب حساسية العلاقات الأميركية الاسرائيلية. وأوضحا انه بالرغم من أن المعلومات التي تم تسريبها خاصة مسودات السياسات حول ايران، صنفت بأنها شديدة السرية، الا أن الاتهامات التى سيتم توجهها للمشتبه بهم قد لا تكون تهم بالتجسس، بل بإساءة استخدام معلومات سرية حساسة وهى تهمة خطيرة بدورها غير انها اقل من التجسس. وقالا ان التسريبات اجمالا كانت «سياسية» وليست عسكرية او استخباراتية. وقد اصدرت وزارة الدفاع اول من امس بيانا مقتضبا اعلنت فيه انها «تتعاون مع وزارة العدل حول هذه القضية منذ وقت طويل». ويقود التحقيقات المدعي العام فى ولاية فرجينيا بول ماكنولتي الذي يقع البنتاغون في دائرة اختصاصاته، كما أن مكتب ماكنولتي متخصص في قضايا الارهاب والتجسس. أيضا تضطلع وحدة مكافحة التجسس في «اف بي اي» ووحدة مثيلة في البنتاغون بدور فى التحقيقات.

الى ذلك، نفي متحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بصورة قاطعة أمس مجددا ان تجسس اسرائيل على الولايات المتحدة. وقال المتحدث طالبا عدم الكشف عن اسمه «لا علاقة لنا بمزاعم التجسس هذه. انها قضية داخلية في الولايات المتحدة وهي من جهة ثانية تفقد اهميتها تدريجيا». واضاف ان «اسرائيل لم تستخدم عميلا للتجسس على الولايات المتحدة، فهذا البلد افضل صديق لنا»، موضحا ان «مصادر في مكتب رئيس الوزراء نفت بصورة قاطعة منذ السبت هذه الادعاءات».

وقال مراقبون إن قضية فرانكلين تكشف حجم الخلافات بين البيت الابيض وصقور وزارة الدفاع ومجلس الامن القومي الاميركي حول ايران. مشيرين الى ان صقور وزارة الدفاع حاولوا دفع البيت الابيض كثيرا خلال السنوات الاربع التى هي عمر حكومة الرئيس بوش الى اتخاذ مواقف أكثر تشددا من ايران، غير ان البيت الابيض اتخذ موقفا مضادا من خطط وزارة الدفاع بضغط من وزارة الخارجية الاميركية.