عشية مؤتمر الجمهوريين في نيويورك .. بوش يصف نفسه بأنه «الشخص الذي يصنع التاريخ» ويتعهد بهزيمة الإرهابيين قبل أن يأتوا إلى أميركا

TT

قبل ساعات من بدء أعمال المؤتمر التاريخي للحزب الجمهوري في مدينة نيويورك في إطار حملته الانتخابية الشرسة في مواجهة الديمقراطيين بزعامة جون كيري، خيمت قضية مكافحة الإرهاب على أجواء نيويورك وتصريحات الرئيس جورج بوش الذي اعتبر نفسه «الشخص الذي يصنع التاريخ». وتعهد بقوة بهزيمة الإرهابيين «في الخارج كي لا نضطر إلى مواجهتهم على أرضنا». ففي مقابلة نشرتها مجلة «تايم» المرموقة في عددها الصادر اليوم، قال الرئيس الاميركي: «أنا الشخص الذي يصنع التاريخ».

وردا على سؤال بشأن حرب مكافحة الارهاب، قال بوش: «إنه كفاح ايديولوجي طويل المدى». وأضاف: «لست مؤرخا، بل أنا الشخص الذي يصنع التاريخ».

واشار الى ان «معظم المؤرخين (الحاليين) لن يصوتوا لي، ومن ثم لا اظن انهم قادرون على كتابة تاريخ موضوعي. لكنني اعتقد ان التاريخ سيعترف على المدى البعيد لهذه الحكومة بأنها حققت الكثير من الانجازات وادركت تغييرات عصرنا وطوعت سياستها لتواكب هذه التغييرات».

ووصف بوش قرار غزو العراق والاطاحة بنظام رئيسه صدام حسين بأنه كان «سليما». واضاف: «تعلمت انه من الصعب حقا ارسال الناس الى المعركة. فعواقب الحرب هي الموت. وهذا أمر قاس. وأدرك ان القرارات التي اتخذتها قد تكون عرضت ارواحا للخطر». غير أن بوش اعتبر مثل هذه القرارات « جزءا صعبا من العمل (الرئاسي)».

وحول السنوات الأربع الأخيرة التي قضاها في البيت الأبيض، قال بوش: «تعلمت ان احب العمل الرئاسي»، مضيفا: «انها فترة رائعة في حياتي، حتى وان كان هناك بالطبع الكثير من الاوقات الحلوة والاوقات الصعبة». وشدد على أنه استمتع للغاية «بالقيام به (العمل)، الى حد انني على استعداد للقيام به مجددا».

وتأتي مقابلة بوش مع «تايم» عقب تصريحات أدلى بها أول من أمس، تعهد فيها مجددا بالقضاء على الإرهابيين. وقال خلال جولته الدعائية في ولاية أوهايو، انه لا بد أمام تهديدات الإرهابيين «من التحرك»، حتى «نهزمهم في الخارج قبل أن يهددوا الولايات المتحدة».

وأقسم بوش علي ألا يقف الأميركيون «متكوفي الأيدي». وأكد بقوة «سنهزم الإرهابيين في الخارج كي لانضطر إلى مواجهتهم على أرضنا» . وذكر بوش الأميركيين بأنه «قبل الحادي عشرمن سبتمبر (ايلول) عام 2001 لم يكن من واجب رئيس أميركي أن يقول ذلك ولكن الآن عندما نواجه تهديدا فلا بد أن نتحرك».

على صعيد آخر، فإنه بعد مرور قرابة ثلاث سنوات على وقوعها ينتظر ان تلقي اعتداءات سبتمبر الارهابية، التي ما زالت ماثلة في عقول ونفوس الاميركيين، بظلالها على مؤتمر الحزب الجمهوري الذي ينعقد في نيويورك اليوم وحتى الخميس المقبل. ويوصف المؤتمر بأنه تاريخي لأنه الأول من نوعه للجمهوريين منذ 150 عاما. ويقع مقر المؤتمر على بعد خمسة كيلومترات فقط من « غراوند زيرو»، الموقع الذي كان يضم البرجين التوأمين لمركز التجارة العالمي اللذين دمرتهما الهجمات الإرهابية.

ويرى محللون أنه ليس من سبيل الصدفة اختيار موعد انعقاد المؤتمر الذي جاء متأخرا على غير عادة في الحملة الانتخابية والذي ينتظر ان يعلن بوش في ختامه قبوله بترشيحه رسميا لخوض الانتخابات قبل تسعة ايام فقط من الذكرى الثالثة للاعتداءات.

من جانبهم،ما يزال النيويوركيون يلقون صعوبة في محو صور الطائرتين اللتين ارتطمتا بمركز التجارة العالمي من ذاكرتهم وما خلفته الكارثة من دمار وضحايا مع مقتل 2752 شخصا. ويتوجس العديد من سكان المدينة ذات الغالبية الديمقراطية خوفا من المؤتمر.

فقد أكد استطلاع للرأي أجرته «نيويورك تايمز» و«سي.بي.اس. نيوز»، ان 53% من النيويوركيين يتخوفون قليلا او كثيرا من حصول هجوم ارهابي خلال المؤتمر الجمهوري ، وان 52% كانوا يفضلون اختيار مدينة اخرى لاستضافته. ومن المتوقع ان ينضم اقرباء الضحايا المعارضون للحرب على العراق الى المتظاهرين المعارضين لبوش في نيويورك. وقد تظاهرت مجموعة اخرى تعرف باسم «وضع حد للجمهوريين» أول من أمس في موقع «غراوند زيرو».

لكن بوش ما زال يلجأ غالبا الى الاشارة الى الاعتداءات في معركته الانتخابية ضد منافسه الديمقراطي جون كيري.

من ناحية أخرى، قال كين مهلمان، المسؤول عن فريق الحملة، «اعتقد انكم سترونا نتحدث في المؤتمر عن إدارة الرئيس القوية».

من جانبه، لا يعتزم المرشح الديمقراطي جون كيري، حسبما يرى المراقبون، البقاء ساكنا خلال المؤتمر الجمهوري، بل ان فريق حملته يستعد للرد على كل نقطة في هجمات الجمهوريين.

ورغم ان التقليد الانتخابي الاميركي يقضي ان يعلق الفريق الاخر حملته اثناء انعقاد مؤتمر الحزب المنافس، لا يتوقع ان تحترم هذه العادة كليا هذه المرة، خصوصا وان المزاحمة على اشدها بين المرشحين.

فجون كيري سيوقف جولاته في الولايات المتحدة حتى انتهاء المؤتمر الجمهوري الخميس، لكنه يعتزم التوجه الاربعاء الى ناشفيل (تينيسي) ليلقي كلمة امام المحاربين القدامى المجتمعين لمناسبة المؤتمر الوطني السادس والثمانين لمنظمة «اميركان ليجن» التي تعد ابرز منظمات المحاربين القدامى في الولايات المتحدة.

ولمواجهة هجمات الجمهوريين، وضع الحزب الديمقراطي آلية «الرد السريع» على طراز الهيئة التي شكلها الحزب الجمهوري خلال المؤتمر الديمقراطي اواخر يوليو (تموز) في بوسطن (ولاية مساتشوسيتس) عندما أكثر فريق بوش من صياغة البيانات للرد على الخطب الديمقراطية الرئيسية.

وقال جانو كابريرا، المسؤول الاعلامي في اللجنة الوطنية الديمقراطية، «ان فريقنا في نيويورك سيقوم بإسماع الحقيقة الى النيويوركيين وبقية البلاد خلال المؤتمر الجمهوري، وسيرون ان بامكان اميركا ان تكون افضل مع قادة جدد في البيت الابيض».

الى ذلك، يتوقع ان تكون «برودوي» مسرحا لمواجهة متوترة بين الاف من المندوبين الجمهوريين وبين متظاهرين معارضين لبوش.