الشيشان: انتحاري يفجر نفسه مع بدء الانتخابات لاختيار خليفة الرئيس القتيل أحمد قادروف

إجراءات الأمن شملت 15 ألفا من رجال الشرطة مدعومين بآليات ووحدات القوات الفيدرالية والأمن والمخابرات الروسية

TT

وسط احتياطات أمنية مشددة بلغت حد تجنيد 15 الفا من رجال الشرطة مدعومين بآليات ووحدات القوات الفيدرالية والأمن والمخابرات الروسية، اجريت امس الانتخابات الرئاسية المبكرة في الشيشان لاختيار خلف للرئيس الشيشاني السابق احمد قادروف الذي لقي حتفه في مايو (ايار) الماضي خلال احتفالات الجمهورية بذكرى النصر على الفاشية.

على ان المناسبة طغى عليها تفجير شاب لنفسه بعد ان نجحت الاجراءات الأمنية في رصده وهو يحاول التسلل إلى داخل مركز الاقتراع رقم 360. ولم تعرف بعد هويته بعد. وبث تلفزيون «ان.تي.في» الروسي لقطات بعد قليل من التفجير لحراس، وهم يغطون بالرمال بقعة من الدماء.

وكانت قوات الأمن والمخابرات قد انتشرت في كل ارجاء المناطق المجاورة لمراكز الاقتراع، التي بلغ عددها 430 مركزا في مختلف ارجاء الشيشان، بينما حرص خبراء المفرقعات على اقامة بوابات الكشف عن المعادن عند مداخل هذه المراكز واستخدموا الكلاب للبحث عن العبوات الناسفة.

وقال عبد الكريم عرساخانوف، رئيس اللجنة المركزية للانتخابات، ان مواطنا، كان يحمل حقيبة بلاستيكية، لفت انظار قوات الامن عند اقترابه من المركز مما دفعها إلى محاولة تفتيشه لكنه سارع بمحاولة الفرار. على ان انفجارا سرعان ما دوى ليسفر عن مقتل هذا المواطن بدون اصابة آخرين. وكان سبعة من المرشحين قد تقدموا لخوض هذه الانتخابات، ومنهم كثيرون من العاملين في السلطات المحلية الموالية لموسكو، مثل مفسور حميدوف الذي يعمل في جهاز الأمن والمخابرات في الشيشان، وواحا فيسايف مستشار رئيس الجمهورية ومحمود حسن اساكوف من العاملين في مجلس الدولة.

وخلت قائمة انتخابات امس من اسماء عدد من المرشحين المناوئين لسياسات الكرملين، ومنهم ماليك سيد اللايف رجل الاعمال المعروف الذي اقرت المحكمة العليا عدم صحة ما تقدم به من اوراق لترشيحه في سابقة هي الثانية بعد استبعاده وآخرين من قائمة المرشحين للانتخابات الماضية التي فاز فيها الرئيس السابق احمد قادروف.

ولذا فقد تركزت انظار المراقبين والناخبين على اسم علي الخانوف وزير الداخلية الشيشاني بوصفه المرشح الاوفر حظا في هذه الانتخابات. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد خص هذا المرشح باهتمام الكرملين والتقى به اكثر من مرة، في اشارة صريحة إلى انه رجل السلطة المركزية في الشيشان المدعو لاستكمال مسيرة سلفه احمد قادروف الذي كان اغتياله خسارة فادحة للكرملين في معركته مع المقاتلين الشيشان.

ويتوقف المراقبون عند الزيارة الاخيرة التي قام بها الرئيس بوتين للشيشان الأسبوع الماضي وفاجأ بها الاوساط المحلية والعالمية حين اعلن ان سبب الزيارة هو وضع إكليل من الزهور على قبر الرئيس السابق قادروف في ذكرى ميلاده الثالثة والخمسين. أما السبب الرئيسي ـ على حد اعتقاد كثير من المراقبين ـ فقد تلخص في محاولة مصالحة رمضان قادروف الابن الاصغر للرئيس الشيشاني الراحل والنائب الاول لرئيس الحكومة الشيشانية المسؤول عن اجهزة القوة وعلي الخانوف وزير الداخلية قبيل اجراء الانتخابات الرئاسية. وقد اصطحب بوتين الغريمين ـ الصديقين على متن طائرته الرئاسية إلى سوتشي واعرب صراحة عن استجابته للمطلب التاريخي لابناء الشيشان حول تخصيص عائدات نفط الجمهورية للوفاء باحتياجات الشيشان واعادة بنائها. وتقدر هذه العائدات بما يقرب من ثلاثة مليارات دولار سنويا. ومن اللافت للنظر ان بوتين رفض طلبا مماثلا كان قد تقدم به قادروف في حينه. وقالت المصادر الرسمية في موسكو ان ما يزيد على العشرين من ممثلي المنظمات الدولية شاركوا في مراقبة الانتخابات، ومنهم ممثلو «منظمة المؤتمر الاسلامي» وجامعة الدول العربية ومنظمة بلدان الكومنولث. لكن «منظمة الأمن والتعاون في اوروبا» رفضت ايفاد مراقبيها. وفسر هؤلاء موقفهم بأن الانتخابات في الشيشان «محلية الطابع ومن ثم فلا حاجة لايفاد مراقبين أجانب»، على النقيض من مواقفها في الانتخابات السابقة.

وقالت شبكة انباء «نيوز رو» ان الدبلوماسيين الاجانب «يعتقدون بعدم حرية هذه الانتخابات، ولذا فقد رفضوا السفر إلى الشيشان». وعلى الرغم من وجود بعثة لمنظمة الأمن والتعاون في اوروبا في الشيشان خلال فترة اجراء الانتخابات، فقد حرص ممثلوها على اعلان ان وجودهم لا يرتبط بهذه المناسبة وانهم موجودون بهدف «تحديد الاحتياجات الانسانية للجمهورية». وكانت منظمات الدفاع عن حقوق الانسان قد وصفت العملية الانتخابية المثيرة للجدل بأنها «مهزلة»، وهو نفس الوصف الذي اطلقته على الانتخابات الرئاسية السابقة في اكتوبر (تشرين الأول) 2003 والتي شابتها مخالفات عدة.

وفتحت مكاتب الاقتراع، وعددها 430 مكتبا، لاستقبال قرابة 600 الف ناخب لاختيار رئيس جديد خلفا لقادروف في الثامنة صباحا. وشارك اكثر من ثمانية الاف جندي روسي ينتشرون بصورة دائمة في الشيشان في الانتخابات من بين 587 الف ناخب. ويتوقع ان يكون اعلان النتائج قد بدأ منذ منتصف ليل أمس بتوقيت غرينتش.

وقد دلت العمليات الكبيرة التي نفذها المقاتلون الشيشان في الاشهر الاخيرة في جمهورية الانغوش المجاورة وفي العاصمة الشيشانية غروزني، على ان «تطبيع» الوضع الذي ينشده الكرملين ما زال بعيد المنال. وازداد الوضع توترا بعد الكارثة الجوية التي وقعت الثلاثاء في روسيا، واسفرت عن سقوط 90 قتيلا وتبنت مسؤوليتها مجموعة اسلامية غير معروفة كثيرا قالت انها قامت بالعملية لدعم المقاتلين الشيشان.

وقد عثر المحققون على آثار متفجرات بين حطام الطائرتين واكدوا انهم يدرسون عن كثب فرضية تنفيذ لعمليتين على يدي راكبتين قد تكونان شيشانيتين.