شاهد إرهابي مسجون في أستراليا يتطوع مجددا بمعلومات عن «القاعدة» وقيادييها في أوروبا وآسيا

TT

يريد الارهابي السجين جاك روش، الذي أهملت السلطات قبل أربع سنوات عرضه لتقديم معلومات عن اسامة بن لادن وزعماء آخرين في القاعدة، ان يقدم مساعدته الطوعية مرة اخرى.

ومن سجن هاكيا في ضواحي بيرث في استراليا حيث يقضي عقوبة بالسجن لمدة تسع سنوات بسبب تخطيطه لتفجير السفارة الاسرائيلية في كانبرا، عرض روش ان يقدم شهادة في محاكمات ارهابيين كبار مشتبه بهم في أوروبا وآسيا بمن فيهم عالم الدين الاندونيسي أبو بكر باعشير.

ومقابل ذلك يسعى الى اطلاق سراحه مبكرا وشموله ببرنامج حماية الشهود. لكن الحكومة الأسترالية توجهت الى المحاكمة لاضافة عقد من الزمن لمحكوميته. وقدم روش، الذي خفضت مدة محكوميته أخيرا الى عشر سنوات بشرط اجابته على أسئلة المحققين، تقارير مفصلة الى الشرطة موجهة الى سلطات اندونيسيا وألمانيا وفرنسا. وتهتم الدول الأوروبية بمعلوماته عن كريستيان غانزارسكي، المخطط المفترض لتفجير المعبد اليهودي في جربة بتونس عام 2002 الذي أدى الى مقتل 21 شخصا معظمهم من السياح الألمان، ويعتقل غانزارسكي في فرنسا. وتعني المنافسة بشأن محكوميته ان روش قد لا يتخذ موقف الشاهد. فقد رفض ان يوقع الأوراق التي اعطاها الى الشرطة ما دام خطر المحكومية الطويلة مخيما عليه. وطلبت الحكومة الأسترالية، التي ترى أن حكمه مخفف جدا، من محكمة الاستئناف مدة «تصل الى العقوبة القصوى» وأمدها 25 عاما. ومن المنتظر انعقاد جلسة يوم التاسع من الشهر الحالي. وقال ستيف انغرام المتحدث باسم المدعي العام فيليب رودوك «لا أعتقد أنه سيكون هناك ميل كبير لمنحه بطاقة خروج من السجن، فقد خففت محكوميته أخيرا على امل تعاونه اللاحق».

وكان روش، البريطاني المولد الذي تحول الى الاسلام، قد جند في سنوات التسعينات، على يد مهاجرين اندونيسيين في سيدني، في شبكة الجماعة الاسلامية التي يزعم ان باعشير يقودها. وكمواطن يحمل الجنسية الأسترالية ويمكنه السفر بحرية في الغرب تلقى روش اهتماما خاصا من أعلى المستويات في الجماعة الاسلامية ومنظمة القاعدة. وذهب روش الى اندونيسيا وماليزيا وباكستان وأفغانستان والتقى معظم كبار المسؤولين في المنظمتين. وفي عام 2000 التقى بن لادن لقاء قصيرا في احد معسكرات تدريب القاعدة في افغانستان. وعاد الى استراليا بأوامر لتنظيم خلية استرالية والبدء بمراقبة أهداف ارهابية، ولكنه عاد ولديه هواجس بشأن دوره.

وخشية من مواجهته القتل اذا ما تراجع عن مهمته قرر أن يصبح مخبرا لدى الحكومة. وفي ذلك الوقت كانت لديه معلومات عن مكان اسامة بن لادن وخالد شيخ محمد الذي يشار الى انه بدأ ينظم هجمات الحادي عشر من سبتمبر و«الحمبلي» وهو القائد العسكري للجماعة الاسلامية الذي يشار الى انه كان يقف وراء تفجيرات بالي التي اودت بحياة 202 شخص، بينهم 88 استراليا. واتصل روش بالاستخبارات الأسترالية ثلاث مرات عام 2000 مقدما معلومات تفصيلية عن القاعدة. وسجل العملاء ملاحظات حول المكالمات ولكنهم لم يعودوا اليه ابدا. ويقول انه اتصل بالسفارة الأميركية في كانبرا لتقديم المعلومات نفسها، ولكن الأميركيين لم يكونوا مهتمين أيضا.

وابعد روش، في نهاية المطاف نفسه، عن الجماعة الاسلامية، ولكنه اعتقل عام 2002 أثناء هجوم على متطرفين اسلاميين في أعقاب تفجيرات بالي. ويمكن لمعلومات روش عن عمل القاعدة والجماعة الاسلامية، والأواصر بين المنظمتين، ان تكون قيمة بالنسبة للمحققين الدوليين. وتهتم السلطات الفرنسية باستجوابه كجزء من التحقيقات في التفجير الانتحاري الذي قتل سياحا فرنسيين وألمانا في معبد يهودي قديم في جربة بتونس. وابلغ القاضي جان لوي بروغيير، وهو القاضي الفرنسي البارز الذي يتولى قضايا مكافحة الارهاب، صحيفة «لوس انجليس تايمز» أنه أرسل طلبا رسميا الى السلطات الأسترالية لاستجواب روش ويعتزم المجيء الى استراليا لمقابلته شخصيا. ويمكن أن يكون روش نافعا في تقديم معلومات عن غانزارسكي، حامل الجنسية الألمانية المتهم بلعب دور رئيسي في تفجير تونس مع شيخ محمد الذي القي القبض عليه في باكستان العام الماضي وهو سجين لدى الأميركيين. ووضعت معلومات روش غانزارسكي ضمن الدائرة الداخلية للقاعدة في وقت زيارتهم الى افغانستان وهو ما يحتمل ان يكون دليلا ضده.

وفي اندونيسيا يمكن ان يكون روش جزءا من الاتهام الموجه ضد باعشير الذي سيحاكم قريبا بتهم التآمر والارهاب. وتدعي السلطات ان باعشير هو زعيم الجماعة الاسلامية التي توجه اليها المسؤولية عن تفجير بالي. وقد نفى باعشير التهمة مرارا وتكرارا ويقول ان المجموعة لا وجود لها، ويعتبر روش من القلائل المستعدين للادلاء بشهادتهم ضد باعشير. ويقول روش انه التقى باعشير مرات كثيرة خلال سنوات في أستراليا وماليزيا واندونيسيا. وليس لديه شك في ان باعشير امير الجماعة. وأضاف ان باعشير دقيق في حماية نفسه عبر عدم مناقشة تفاصيل الخطط والعمل من خلال مساعدين موثوقين مثل الحمبلي الذي كان أحد كبار مسؤولي القاعدة قبل اعتقاله العام الماضي في تايلاند.

ويقول روش ان باعشير اوضح له انه لا يريد معرفة تفاصيل مساهمته في العمل الارهابي بأستراليا ولكنه ابلغه بالقيام بكل ما يقوله الحمبلي، غير انه في اواسط عام 2000 بات باعشير مشاركا شخصيا، حيث اتصل بروش هاتفيا في أستراليا وامره بايقاف نشاطاته. ويمكن لمثل هذه الشهادة أن تكون هامة اذا ما قدمت في محاكمة باعشير. ويسعى المدعون في اندونيسيا الى ابقاء باعشير محتجزا. ولكن المحكمة العليا الاندونيسية ردت اتهام عالم الدين بالخيانة العام الماضي.

وقضت المحكمة الدستورية أخيرا بان قانون مكافحة الارهاب الذي جرى تبنيه بعد تفجير بالي لم يعد ممكنا استخدامه لتوجيه اتهام لمشتبه فيهم في ذلك الهجوم لأن القانون لا يمكن تطبيقه بأثر رجعي. وتعهد رئيس الوزراء الأسترالي جون هوارد الأسبوع الماضي بفعل كل ما من شانه مساعدة الاندونيسيين على ابقاء مفجري بالي خلف القضبان. وقال وزير الخارجية الأسترالي ألكساندر دونر ان «القضية بالنسبة لنا ان يواجه أبو بكر باعشير العدالة جراء مشاركته في الارهاب»، غير أن بعض المسؤولين في اندونيسيا كانوا يشعرون بالحيرة من تعهد استراليا المعلن في قضية باعشير. وقال القاضي كونتادي، احد ثلاثة يتعاملون مع القضية، إنه لم يسبق له ان سمع بروش وأن الأسترالي ليس في قائمة شهود المحكمة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الأوسط»