إسرائيل تهدد باغتيال قادة المقاومة في فلسطين وسورية ولبنان ردا على عملية بئر السبع

TT

فجرت العملية المزدوجة في بئر السبع نقاشا صاخبا في اسرائيل حول سبل مقاومتها والفشل في الوصول الى حل جذري لها رغم استخدام كل الوسائل التي يعرفها الجيش والمخابرات. وازاء هذا العجز، اطلقت اسرائيل تهديداتها، المتكررة من عمليات سابقة، بتصعيد سياسة الاغتيالات لتطال قادة المقاومة في فلسطين وسورية ولبنان، السياسيين والعسكريين على السواء.

واتهم رئيس اركان الجيش، الجنرال موشيه يعلون، هؤلاء جميعا بدعم تنظيم حركة حماس في الخليل، الذي تبنى مسؤولية عملية بئر السبع اول من امس والتي ادت الى مقتل 16 اسرائيليا وجرح 101 آخرين. وقال خلال لقائه مع اعضاء اللجنة البرلمانية في الكنيست، «سوف نواجه أيضا اولئك الذين يدعمون الارهاب بكل مركباته، ان كان ذلك في السلطة الفلسطينية او في حزب الله اللبناني او قيادة الارهاب في دمشق، التي تعمل بموافقه سورية وبدعم بالمال والسلاح من ايران». وسئل يعلون اذا كان لسورية دور مباشر في عملية بئر السبع، فأجاب: «لا اريد الدخول في التفاصيل. لكن كل من يتحمل مسؤولية عن تفعيل الارهاب ضدنا، لن ينام بهدوء».

لكن المراقبين الاسرائيليين لم يأخذوا هذه التهديدات على انها قابلة للتنفيذ او قادرة على توفير حل جذري لمشكلة العمليات التفجيرية. وقالوا: «جربنا كل هذه الوسائل وغيرها، من دون جدوى». واحتدم النقاش في الأوساط السياسية حول البحث عن وسائل اخرى لمعالجة العمليات التفجيرية.

ففي اليمين المتطرف طالبوا باستخدام طائرات الاباتشي والـ«اف ـ 16» وادخال الوف جنود الاحتلال الى المناطق الفلسطينية والتخلص من السلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات. وفي اليسار طالبوا بالانسحاب من المناطق الفلسطينية تماما ومن طرف واحد، كما فعل ايهود باراك في لبنان سنة 2000، وترك الفلسطينيين يقررون مصيرهم بأنفسهم. وما بين هذا وذاك، عادت تطرح المواقف التقليدية حول: «الاستمرار في مكافحة الارهاب بكل حزم، والعمل على دفع المسيرة السلمية بالحوار مع السلطة الفلسطينية او بتجاهلها في آن واحد».

واما الحكومة وقادة الاجهزة الامنية، فقد عقدوا اجتماعا طارئا اثر العملية، وقرروا القيام بالاجراءات التالية:

ـ اعادة فرض الحصار المزدوج على مدينة الخليل واغلاق المدينة، من جميع الجهات ومنع الدخول والخروج منها وقطع اية صلة بها ببقية انحاء الضفة الغربية (كما هو الحال في مدينة نابلس حاليا).

ـ هدم بيتي منفذي العلمية، وهما من الخليل.

ـ تصعيد سياسة الاغتيالات والعودة الى اغتيال السياسيين، خصوصا من قادة «حماس»، وفي كل مكان.

ـ الاعلان عن ان الجدار المخطط بناؤه في المنطقة الجنوبية من الضفة الغربية مشروع قومي ذو افضلية عليا. وبناء على ذلك، البدء في الاسبوع المقبل في بناء المقطع الغربي المصادق عليه من الجدار وكذلك البدء في تخطيط بقية المقاطع، بما يتلاءم مع قرار محكمة العدل العليا الاسرائيلية (بأن يكون الجدار على مقربة من حدود ما قبل حرب 1967). وسيكون طول الجدار140 كيلومترا، من مجمع «غوش عتصيون» الاستيطاني جنوب بيت لحم وحتى المنطقة المحاذية للبحر الميت شرقاً.

ـ اعلان حالة استنفار شامل في اسرائيل، بدرجة واحدة تحت درجة الاستنفار الحربي، ونشر المزيد من القوات على طول حدود الخط الاخضر وزيادة الدوريات العسكرية.

ـ زيادة وتوسيع العمليات الحربية الاسرائيلية في الضفة الغربية عموما وفي الخليل بشكل خاص، لمفاجأة التنظيمات الفلسطينية ومباغتتها بعمليات «رادعة».

ـ اعداد مذكرة حول عمليتي بئر السبع وتفاصيل ضحاياها من القتلى والجرحى، مرفقة بالصور، وابراز حقيقة ان بين القتلى 9 نساء معظمهن عجائز واحداهن تبلغ من العمر 70 عاما، وبينهم طفل عمره 3 سنوات، ونشر قصة كل واحد منهم ومعاناة كل عائلة ينتمون اليها. ونشر هذه المذكرة في العالم، وخصوصا في أوروبا، من أجل قلب الرأي العام ضد الفلسطينيين.

وكان وزير الخارجية، سيلفان شالوم، قد غادر اسرائيل امس متوجها الى هولندا للمشاركة في مؤتمر وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي. فتقرر ان يكون جل اهتمامه هناك تأليب الحاضرين على الفلسطينيين بسبب هذه العملية المزدوجة وكذلك ضد سورية ولبنان وايران.

وكانت مصر من جهتها قد الغت زيارة وزير الخارجية، أحمد ابو الغيط، ووزير المخابرات، عمر سليمان، الى اسرائيل والسلطة الفلسطينية بسبب العملية باعتبار ان اهداف الزيارة تشوشت ولم يعد ممكنا الخروج منها بالمكاسب المرجوة. علما بأن الوزيرين المصريين كانا قد خططا للبحث مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية في تطبيق خطة الفصل. وحسب مصادر اسرائيلية فانهما كانا سيحملان خطة سياسية ـ عسكرية ترسم الوضع في قطاع غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي منه، بناء على تفاهمات تحققت او كادت تتحقق مع مختلف الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك «حماس».

وبما ان «حماس» هي التي تولت مسؤولية العملية فان الوزيرين المصريين خشيا من الرد الاسرائيلي عليهما مما قد يهدد بتقويض اي اتفاق.