تدهور الأوضاع الاقتصادية وإجراءات الاحتلال تنعكس على اليوم الدراسي الأول في غزة

TT

يهمان الخطى، وكلما قطعا مسافة نظرا خلفيهما، فتنفرج أساريرهما، عندما يكتشفان في كل مرة أنهما يتقدمان بقية أبناء الحي في الطريق الطويل جدا للمدرسة في اليوم الدراسي الاول. فبالنسبة لسمير، 10 سنوات، وشقيقه احمد، 9 سنوات، وبقية الأطفال في منطقة وادي السلقا، لا يوجد سوى التنافس في الإسراع للمدرسة في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة، اذ انهم مضطرون الى قطع 10 كيلومترات مشيا على الاقدام كل يوم في رحلة الذهاب والإياب الشاقة للمدرسة. الاوضاع المادية الصعبة التي يعيشها سكان الحي، كما هو الحال في معظم ارجاء القطاع تجعل مجرد التفكير في استئجار وسائل نقل لإراحة هؤلاء الاطفال من هذا الشقاء اليومي ضربا المستحيل.

واضطرار الكثير من سكان القطاع الى قطع مسافات طويلة في الطريق للمدرسة ليس نتاج انعدام المدارس في المناطق الريفية، بل في كثير من الاحيان بسبب اغلاق سلطات الاحتلال هذه المدارس، كما هو حال في مدرسة «المزرعة» التي تقع الى الغرب من مستوطنة كفار دروم شرق مدينة دير البلح وسط القطاع.

وتبرر سلطات الاحتلال هذه الخطوة على اعتبار انها احتياط أمني يقتضيه الحفاظ على سلامة ثلاثين عائلة يهودية تعيش في هذه المستوطنة.

في مدينة رفح والمخيمات المحيطة بها افتتح العام الدراسي، ولا يزال الكثير من الاطفال لا يعرفون المدارس التي ستستوعبهم، بعدما تم تدمير احيائهم السكنية باكملها في عمليات التوغل التي قامت بها قوات الاحتلال. وكل من اصطحب أولاده في يومهم الدراسي الاول في القطاع لا بد ان يلحظ انعكاس تدهور الاوضاع الاقتصادية على التلاميذ. فالكثير منهم اضطر الى استخدام نفس ملابس العام الدراسي الماضي. وشهدت بسطات تصليح الاحذية في القطاع، اقبالا كبيرا عشية افتتاح العام الدراسي، فكثير من العائلات لجأت الى تصليح الاحذية القديمة بفعل الضائقة الاقتصادية الخانقة التي تحياها.

وما جعل مظاهر الضائقة الاقتصادية الخانقة في القطاع تبدو بهذا الشكل الجلي على مظهر الطلاب في عامهم الجديد هو حقيقة عدم قدرة الجمعيات الخيرية على القيام بما تقوم به عادة من تقديم مساعدات عينية ونقدية للأسر المعوزة، بعد أن جمدت السلطة الفلسطينية حساباتها.

ومن الاهمية هنا التذكير بأن 45 في المائة من اهالي القطاع يعيشون تحت خط الفقر في هذه القطعة الصغيرة من الارض التي يتكدس فيها حوالي مليون ونصف المليون انسان.

اضافة الى ذلك، فإن ظروف العملية التعليمية تتم في ظروف قاهرة تزيد من تدني فرص الاستفادة من هذه العملية بالنسبة للطلاب. فنظرا للاعداد الكبيرة من الطلاب يتم تكديس خمسين طالبا كحد متوسط في الصف الواحد. وكما قال العديد من المدرسين لـ«الشرق الاوسط» فإنه من المستحيل ان يقوم المدرس باختبار ومعالجة قدرات ومهارات خمسين طالبا في ظرف خمس وأربعين دقيقة هي وقت الدرس.

في الكثير من مناطق القطاع ولعدم توفر العدد الكافي تعمل المدارس فترتين; صباحية ومسائية. ولا تبادر وكالة غوث اللاجئين (انروا)، وكذلك وزارة التعليم الفلسطينية، الى اقامة مزيد من المدارس رغم التزايد الكبير في عدد الطلاب. واليوم الدراسي لا يزيد على اربع ساعات ونصف تقتصر على الحصص الدراسية المتعلقة بالمنهاج ولا مجال للانشطة الأخرى.