الجمهوريون في مؤتمر نيويورك .. عيونهم على انتخابات 2004 وقلوبهم قلقة على البيت الأبيض عام 2008

TT

لا يريد مايك كاسيل، عضو الكونغرس والحاكم السابق لفترتين لولاية ديلاوير، أن يصبح رئيسا ، ولم يصدر عنه ما يشير الى انه يعتزم خوض انتخابات الرئاسة لعام 2008، فيما لم يستبعد تماما الكثير من السياسيين زملاء كاسيل في مؤتمر الحزب الجمهوري بنيويورك احتمال خوضهم انتخابات عام 2008. في مؤتمر نيويورك ، حيث لا مفاجآت حتى الآن ولا كثير من الوجوه الجديدة التي يمكن تقديمها للناخبين، تشكل انتخابات الرئاسة المرتقبة موضوعا رئيسيا في المناقشات التي تستمر حتى وقت متأخر من الليل. ويعتقد مراقبون أن الحزب الجمهوري يعتبر الآن في وضع نادر. إذ لا يوجد وريث يتسلم زمام قيادة الحزب من الرئيس الحالي جورج بوش الذي يعتبر الآن في نهاية حملته بصرف النظر عن فوزه او خسارته، علماً بأن نائبه، ديك تشيني، الذي تحدث أمام المشاركين في المؤتمر أمس (الأربعاء)، اكد انه لن يترشح للرئاسة في انتخابات عام 2008. ويرى بعض المحللين أن الحزب الجمهوري لا يفتقر إلى الأسماء المعروفة مثل عمدة نيويورك السابق رودولف جولياني الذي ألقى كلمة أمام المشاركين في المؤتمر مساء الاثنين الماضي ملأت ساحة ماديسون سكوير طاقة ومرحا وحيوية ووطنية.

السيناتور جون ماكين، الذي ألقى كلمة أمام مؤتمر الحزب يوم الاثنين ايضا، من ضمن الشخصيات الجمهورية الاخرى البارزة التي ظلت هدفا للأسئلة المتكررة والمبكرة لوسائل الإعلام حول خططه المستقبلية. ومن ضمن الاسماء الجمهورية التي تظهر الى السطح على نحو منتظم تشاك هاغيل، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نبراسكا، وتوم ريدج، وزير الأمن الداخلي، وجورج باتاكي، حاكم نيويورك، وبيل فريست، زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ، وميت رومني، حاكم ولاية ماساتشوستس. وربما كان آرنولد شوارزنيغر، حاكم ولاية كاليفورنيا، ضمن هذه القائمة لولا أن مولده خارج الولايات المتحدة يحرمه من المنافسة الرئاسية. ومن المستبعد ان يجري تعديل للدستور في وقت مناسب يسمح له باللحاق بالمنافسة الرئاسية في العام 2008 . لدى سؤال عدد من الشخصيات الجمهورية البارزة حول انتخابات الرئاسة لعام 2008 جاءت اجابتهم مطابقة لتلك التي ادلى لها جولياني على نفس السؤال خلال لقاء له مع شبكة «سي ان ان» ، حيث قال: «اعتقد انه ينبغي علينا الآن ان نركز على انتخابات نوفمبر المرتقبة، حيث لا يمكن ان تصبح لنا أجندة اخرى».

يشار الى ان سياسيا جمهوريا واحدا فقط أعلن نيته التفكير في خوض المنافسات على انتخابات الرئاسة لعام 2008 وهو تشاك هاغيل، الذي صرح بذلك لمراسل «لينكان ستار جورنال»، دون وولتون. وعلى الرغم من ان هاغيل اكد انه لم يتوصل الى قرار بعد حول هذه المسألة، فإن مجرد اعترافه بأن فكرة التنافس على الانتخابات المقبلة التي خطرت بذهنه أثارت دهشة في نبراسكا وواشنطن.

استوفى هاغيل هنا في نيويورك اثنين من جملة ثلاثة معايير غير رسمية يعتبرها المراقبون مؤشرا على تفكير صاحبها في خوض المنافسة على انتخابات الرئاسة، وهي مخاطبة وفدي نيوهامبشير وأيوا، وهما الولايتان اللتان تشهدان عادة أول منافسات السباق للترشيح للرئاسة، فضلا عن تنظيم حفل واستضافة مدعوين. فقد وجّه بوب كيري، الشخصية الديمقراطية البارزة بولاية نبراسكا ورئيس احدى جامعات نيويورك، لمشاركته في استضافة حفل استقبال بمنزله في نيويورك عشية انعقاد المؤتمر. لم يستوف هاغيل المعيار الثالث وهو الدعوة لمخاطبة المؤتمر نفسه، وهو ما يمكن ان يعني شيئا، أو لا شيء مطلقا، حول علاقته بالحزب الجمهوري. وكان هاغيل قد خاطب مؤتمر الحزب الجمهوري للعام 2000 مقدما السيناتور جون ماكين. وشأنه شأن ماكين (والمرشح الديمقراطي جون كيري) شارك هاغيل في حرب فيتنام، مما يضعه ضمن قائمة اعضاء مجلس الشيوخ الذين يمكن ان يتجاوز الرابط والعلاقات بينهم السياسة الحزبية. وثمة واقع مهم يرتبط بانتخابات الرئاسة لعام 2008 . فإذا اعيد انتخاب بوش رئيسا للولايات المتحدة سيلعب مع فريقه السياسي دورا في مساعدة الحزب الجمهوري على الاتجاه صوب اختيار مرشح قادر على الفوز حسب اعتقادهم. ولا شك في ان أي رئيس يعتبر أن تسليم مفاتيح المكتب البيضاوي الى شخص آخر من نفس حزبه جزءا مهما من الانجازات التي سيتركها. اذ يقول كارل روف ان التأكيد على هيمنة وسيادة الحزب الجمهوري على الجيل المقبل يمثل جزءا من تفويض الرئيس الحالي جورج بوش. ويعتقد محللون ان كثيرا من الشخصيات الجمهورية المعتدلة، مثل جولياني او باتاكي، لا يمكن ترشيحها بواسطة مؤتمر الحزب الجمهوري الذي ينتهج خطا محافظا يعارض حقوق الاجهاض وزواج المثليي الجنس وتقليص ابحاث الخلية الجزعية. فيما يرى محللون آخرون انه في حال إعادة انتخاب بوش وتعيينه محكمة عليا محافظة، فإن نفوذ المحافظين سيصبح اقل حجما كما من المحتمل ان تحصل شخصية جمهورية معتدلة على الترشيح. ويقول بيتر فيفر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ديوك في نورث كارولاينا، إن جولياني يتمتع بقبول كبير في مجال مكافحة الإرهاب لكنه لا يتمتع بنفس القبول في القضايا الاجتماعية.

واذا خسر بوش في الانتخابات المقبلة، فإنه سيصبح لزاما على الجمهوريين إجراء مراجعة لمعرفة مواطن الخلل والاخطاء التي جرت، اذ تسفر هذه العملية عن إثارة جدل حول الايديولوجيا ومواقف الحزب الجمهوري. ويعتقد فيفر ان الحزب الجمهوري يعتبر حاليا مظلة تجمع تحتها آراء متنوعة حول عدد من القضايا الساخنة، فيما يرى ان الحزب الديمقراطي تخلص بنجاح من أي تفكير مستقل عما هو منصوص عليه في برنامجه.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» خاص بـ«الشرق الاوسط»