تشيني المتهم بأنه «القوة وراء الرئيس».. رجل لا تداعبه الطموحات وخدمة بوش منتهى أمله

TT

يمكن لديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي، أن يتوقع استقبالا حارا في مؤتمر الحزب الوطني في نيويورك، بالرغم من مسؤوليات محتملة عن الكثير من الأحداث بداية من الحرب في العراق إلى الزواج المثلي التي تختلف مع آراء القواعد المحافظة للحزب.

ولا يضيع تشيني، الشخصية المشهورة بولائها وسريتها، الفرصة لتحويل الأضواء عنه وتوجيهها نحو الرئيس. وقد قال في أول خطاب له أمام نشطاء الحزب المحافظين، بعد توليه منصبه: «تنظرون إلى أكبر موظف سنا في الجناح الغربي».

وفي مدينة تشتهر بالترويج الشخصي، أصبح تشيني امتدادا افتراضيا لرئاسة بوش. ومن هذا المنطلق، فهو أقوى نائب رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، وهو نفوذ لن يتلاشى بالضرورة في فترة حكم بوش الثانية.

ويوضح ستيفن هيس الخبير بمعهد بروكينغز أنه «من وجهة نظر بوش، فإن واحدة من النقاط الجيدة لوجود تشيني هي عدم وجود اهتمامات بخلافته».

ويعتبر تشيني مثالا نادرا بين نواب الرئيس في الخمسين سنة الماضية: رجل ليس له أية طموحات بخصوص منصب الرئاسة. كما أن قمة تطلعاته، التي يفرضها مشاكل صحية، هي أيضا مطمئنة للمرشحين الرئاسيين المحتملين في عام 2008، الذين يمكنهم حضور مؤتمرات الحزب بعيدا عن وجود ولي العهد. ومنذ البن باركيلي نائب الرئيس ترومان، فإن نواب الرئيس يطمحون الى تولى منصب الرئاسة. وبالنسبة للعديد، فإن ذلك يؤدي الى توتر مع الرئيس.

لقد ربط آل غور دعمه لرئاسة الرئيس كلينتون بطموحه لدخول سباق الرئاسة في عام 2000. وبالمقارنة، فإن تشيني يرفض أية إشارات حول وجود مشاكل بينه وبين الرئيس. وحتى عندما يدفع للاختلاف مع الخط الرسمي للبيت الأبيض، كما فعل في الأسبوع الماضي حول الزواج المثلي، فإنه يوضح أن الرئيس هو المسؤول، وانه في خدمته. ويشير تيموثي ووالش مدير مكتبة هربرت هوفر الرئاسية ورئيس تحرير تقرير «الى جانب الرئاسة.. منصب نائب الرئيس في القرن العشرين»، إلى أن «سلطة ديك تشيني السياسية هي بدرجة كبيرة نتيجة لحقيقة انه يعتبر جزءا من إطار إدارة بوش، وليس امتدادا له».

وتزداد أهمية الوظيفة في مرحلة ما بعد الحرب. ولكن تشيني تحمل مسؤوليات لم يسبق لها مثيل. فبعد توليه مسؤولية الفترة الانتقالية للرئيس بوش (أول مرة يحدث ذلك لنائب الرئيس)، أعد تشيني الميزانية الأولى لبوش وتولى توجيه أجندة الرئيس الداخلية بما في ذلك تخفيضات ضريبية لم يسبق لها مثيل، في الكونغرس.

والجدير بالذكر أن تشيني المتهم دائما بأنه القوة وراء العرش، شخصية مثيرة للجدل واستقطابية. رجل لديه علاقات طويلة مع قطاع النفط، وقد تولى رئاسة قوة عمل خاصة لإصلاح سياسة الطاقة في البلاد. كما تولى دورا قياديا في الترويج لحرب العراق. وقال في 27 أغسطس (آب) 2002 «ببساطة، لا يوجد أدنى شك في أن صدام حسين الآن لديه أسلحة دمار شامل، قبل أن يتخذ الكونغرس أو الرئيس قراره بخصوص الحرب.

وقد ساهم النقد حول مشاكل العراق في زيادة معدلات عدم القبول بالنسبة لتشيني. فـ 54 في المائة من الناخبين يعتبرون أداءه لعمله متوسطا أو سيئا، وهى أعلى نسبة سلبية، طبقا لاستطلاع أجرته مؤسسة «هاريس».

وبالرغم من ذلك، فإن تشيني يعتبر رصيدا للحملة بالنسبة لمجموعات رئيسية من قاعدة الحزب الجمهوري، وخصوصا المحافظين الاقتصاديين وجماعات الأعمال الذين يعتبرونه المدافع عن خفض الضرائب في الإدارة. ويقول المتخصص في شؤون الرئاسة فريد غريشتاين «إن المحافظين الاقتصاديين يعتبرون تشيني أمرا طبيعيا بالنسبة لهم. وبالنسبة للمحافظين الاجتماعيين، فهو لا يعتبر شخصية كانت جزءا من عالمهم لفترة طويلة».

ويشير المحللون الى انه يمكن أن يتبوأ دورا أكثر طموحا في إدارة بوش الثانية. إذ يمكن أن يتولى عملية اختيار بدائل لعدد من المسؤوليين الحاليين مثل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، ووزير الخارجية كولن باول، ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس. بينما يذكر البعض الآخر أنه يمكن أن يتولى عملية إصلاح نظام التأمين الاجتماعي.

ويشير مايكل فرانك، من مؤسسة التراث، إلى أن «واحدة من العلامات المميزة لهذه الإدارة هي الطريقة التي يمتزج بها العاملون في مكتب تشيني مع العاملين في مكتب الرئيس».

وبالرغم من ذلك فإن الجدل الدائر حول عقود الحرب الضخمة والمبالغة في التكاليف المتعلقة في «هاليبرتون» (شركة خدمات الطاقة في تكساس التي أدارها تشيني حتى عام 2000) والتحقيق الجنائي في تسريب اسم ناشطة وكالة الاستخبارات المركزية، يمكن أن تصرف الانتباه عن الهدف الأصلي. ويبقي أن البقاء في المنصب يتطلب من تشيني مساعدة بوش علىالفوز. ويشير المحللون الى أن نقاشا بين تشيني والسناتور جون إدواردز، المرشح الديقراطي لمنصب نائب الرئيس، سيظهر أسلوبين مختلفين تماما، كما ذكر ولش. واضاف «لم تحدث من قبل مقارنة كبرى بين إدواردز الصبي المبشر، وتشيني الشخص الجاد».

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»