أفغانستان: منظمات الإغاثة تتهم القوات الدولية بتعريضها للخطر بسبب ضبابية العلاقة بين العمليات العسكرية والعمل الإنساني

TT

اصدرت 34 منظمة اغاثة عاملة في افغانستان بيانا مشتركا امس قالت فيه ان عامليها «اصبحوا بشكل متزايد هدفا لهجمات تنظيمات المليشيا المسلحة بسبب ضبابية العلاقة بين العمليات العسكرية والعمل الانساني في البلاد».

وقال بيانها ان السلطات المحلية والقوات الاجنبية «خلطت بصورة متعمدة بين العمليات العسكرية والانسانية المتمثلة في اعادة بناء البنية التحتية» في افغانستان بعد خمسة وعشرين عاما من الحروب. واضاف البيان، وهو عبارة عن رسالة مفتوحة: «شهدت الاشهر الماضية زيادة ملحوظة في عدد الهجمات العنيفة، والتهديدات للعاملين في مجال الاغاثة والسكان الافغان».

وذكرت الرسالة: «العاملون في مجال الاغاثة في افغانستان يعبرون عن غضبهم المتنامي وشعورهم بالإحباط لكونهم هدفا للهجمات، وحالة الخلط (التي حدثت) بينهم وبين العناصر العسكرية».

ومضت الرسالة تقول: «هذا التصرف المضلل يلحق الضرر بالصورة التي يحملها عنا الشعب الافغاني، وبالتالي فهو يغذي مشاعر الامتعاض، ويخدم فقط زيادة التوتر والمخاطر التي يواجهها العاملون لدينا خاصة العاملين المحليين».

ويأتي احتجاج المنظمات الانسانية قبل نحو ستة اسابيع من موعد اجراء الانتخابات الرئاسية الافغانية في التاسع من اكتوبر (تشرين الأول) المقبل. كما يأتي بعد انسحاب منظمة «اطباء بلا حدود» الحائزة جائزة نوبل للسلام، في يوليو (تموز) الماضي في افغانستان بعد مقتل خمسة من موظفيها في هجوم يشتبه في ان مقاتلين من حركة طالبان نفذوه.

وصرح جان فرانسوا تراني، الذي يعمل مع منظمة فرنسية دولية تعرف باسم «الوكالة الفرنسية الدولية للمعاقين»، بأنه «سيكون ضربا من الجنون اذا شعرنا، بعد الهجوم الرئيسي القادم، بأننا ملزمون بالمغادرة مثل ما قامت به منظمة «أطباء بلا حدود» بعد 24 عاما من العمل هنا». وكانت «منظمة اطباء بلا حدود»، لدى انسحابها من افغانستان بعد نحو عقدين من الزمن عملت خلالهما في البلاد التي كانت تمر بصراعات مسلحة، قد القت اللوم على كل من الحكومة الافغانية لفشلها في اعتقال قتلة موظفيها، وعلى طالبان لتكثيفها من تهديداتها.

لكن منظمة «اطباء بلا حدود» اتهمت ايضا القوات العسكرية الاميركية بـ«استخدام العمل الانساني لحشد الدعم لطموحاتها السياسية والعسكرية»، وذكرت انها جعلت حيادية العاملين في مجال الاغاثة موضع تساؤل وأربكت السكان المحليين.

ولم تشر رسالة منظمات الاغاثة امس تحديدا الى ما اذا كانت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي تطارد مقاتلي القاعدة وطالبان، او قوات حفظ السلام المتعددة الجنسيات بقيادة حلف شمال الاطلس (الناتو) مسؤولة بشكل مباشر، لكنها عبرت عن مشاعر القلق التي سبق ان عبرت عنها المنظمة الفرنسية.

وقالت المنظمات في رسالتها: «لقد تعرض حيادنا لتسوية، ونحن مستهدفون الآن بشكل مباشر. وهناك خلط بيننا وبين العناصر السياسية او العسكرية». ويقول عمال الاغاثة، في احاديثهم الخاصة، إن جزءا كبيرا من المشكلة يتمثل في تشكيل ما يوصف بـ«فرق اعادة الإعمار المحلية»، وهي فرق مدنية عسكرية مشتركة انشئت للمساعدة على اعادة بناء البلاد التي مزقتها الحروب. فقد اثارت تلك الفرق المسلحة، التي تقوم بحفر آبار وبناء مدارس في يوم، وتلاحق المتمردين في اليوم التالي، إرباكا متزايدا لدى السكان المحليين في العديد من المناطق الافغانية.

ويقول نيك داوني، المنسق في إحدى المنظمات الامنية: «في المجتمعات البسيطة حيث لا توجد اجهزة راديو، اذا كان هناك اناس يحفرون آبارا، ويحملون اسلحة، فإن الكلام ينتشر بسرعة ويشعر الناس بالتشويش».

وطبقا لداوني، فإن العديد من وكالات الاغاثة تدرس احتمال الانسحاب مؤقتا من افغانستان بعد هجوم استهدف شركة امنية اميركية في كابل يوم الاحد الماضي.

وقال داوني: «لدى معظم منظمات الاغاثة خطط طارئة لمغادرة البلاد خلال فترة الانتخابات الرئاسية. ففترة تلك الانتخابات، فترة تحمل دون شك الكثير من التهديدات». ويقول المؤيدون لنظام حكم طالبان الذي اطيح في الحملة العسكرية الأميركية في اعقاب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، ان هناك هجمات تشن في جنوب افغانستان وجنوب شرقها لضرب الانتخابات الرئاسية.