نجل عبد الله عزام: بن لادن توجه الى أفغانستان متبعا خطى والدي.. واختلفا بعد خروج السوفيات

TT

عمان ـ أ.ف.ب: روى حذيفة عزام، نجل عبد الله عزام مرشد اسامة بن لادن، كيف ان والده كان السبب في انتقال هذا الاخير في الثمانينات الى افغانستان حيث اصبح لاحقا زعيم تنظيم «القاعدة»، موضحا ان وجهة نظرهما اختلفت مع تركيز بن لادن على العمل العسكري.

وقال حذيفة في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: «جاء بن لادن الى افغانستان عن طريق الوالد (الذي) حضر الى عمان عام 1984، (وكانت) آخر سنة دخل فيها الوالد الأردن». واوضح حذيفة ان والده كان استاذا في جامعة الملك عبد العزيز في مدينة جدة وتمت اعارته الى الجامعة الاسلامية العالمية في اسلام آباد عام 1981 .

وكان بن لادن طالبا لدى عزام في السعودية، وفي عام 1984 «بدأ بن لادن يتفاعل مع الجهاد الافغاني، ويبحث عن طريق حتى ينتقل لأفغانستان». وزار بن لادن عزام في الأردن واستفسر منه عما «كان يجول في خاطره من أسئلة» وبعد اللقاء «قال اسامة: انا اذهب الى السعودية لأرتب اموري والتحق بك في افغانستان». وفي افغانستان «بدأ (بن لادن) يعمل مع الوالد في «مكتب خدمات المجاهدين» الذي اسسه عزام عام 1983 لاستقبال المجاهدين العرب المتطوعين للقتال في افغانستان وترتيب أمورهم. وكانت مهمة المكتب اغاثية واعلامية وطبية. وقال حذيفة: «اسامة تكفل بكل رواتب موظفي المكتب من ماله الخاص، وبنقل اي شاب الى داخل افغانستان».

ومع بدء الانسحاب السوفياتي من افغانستان عام 1987، «اقترح (بن لادن) ان تنفق الاموال المقدرة بالملايين على الجوانب العسكرية»، لكن «الوالد كانت وجهة نظره مختلفة تماما، حيث كان يرى ان النشاطات الاعلامية والتعليمية والإغاثة لا تقل أهمية عن نشاطات الجانب العسكري»، وعندها قال بن لادن «انا ارفع يدي عن الإنفاق على مكتب الخدمات» و«قرر ان يتوجه اتجاها عسكريا تاما».

واسس بن لادن عام 1987 تنظيم «القاعدة» في جلال آباد والتي تعني «اول قاعدة مستقلة للمقاتلين العرب في افغانستان، وشارك شخصيا في شق الطرق المؤدية اليها».

وكانت «القاعدة» تملك موقعا مستقلا وقيادة مستقلة بعيدة عن الافغان، مع وجود تنسيق بين الطرفين، لكن عبد الله عزام «كان يرفض ان يستقل العرب في اعمالهم عن الافغان، ويقول نحن جئنا من اجل خدمة الافغان، نترك القيادة لهم وادارة شؤون بلادهم ونساعدهم بما نستطيع»، طبقا لحذيفة.

غير ان الاختلاف في وجهات النظر «لم يصل ابدا الى (درجة) القطيعة»، وكان عبد الله عزام «يزور القاعدة في جلال اباد ويلقي فيها محاضرات ويرشد الشباب». وقال حذيفة ان ذلك استمر حتى عام 1988، عندما توفي شقيق بن لادن الأكبر، سالم واضطر للعودة الى السعودية «لكنه منع من العودة الى باكستان وافغانستان».

وعندما قتل عبد الله عزام واثنان من ابنائه في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 في افغانستان في انفجار سيارتهم كان بن لادن لا يزال في السعودية حتى «عام 1991، عندما حصل على اذن خاص بالخروج من اجل تسوية اموره والعودة الى السعودية». لكن بن لادن لم يعد لبلده.

ويقول حذيفة: «بعد مقتل الوالد اصبح (بن لادن) الرمز الوحيد». ويؤكد أن اخوات بن لادن «كن يترددن على الساحة»، موضحا ان «للسيدات معسكرات عند المناطق الحدودية الباكستانية، حيث كن يتدربن على استخدام الأسلحة الخفيفة».

وبعد سقوط كابل عام 1992، وقعت خلافات بين التنظيمات الافغانية المتنافسة، و«عندها قال اسامة بن لادن: هذه فتنة تسفك فيها دماء المسلمين، لست على استعداد ان اشترك فيها، وسحب كل قواته وذهب الى السودان حيث بقي حتى مورست ضغوط شديدة على السودان من أجل اخراجه منه». ثم عاد بن لادن الى افغانستان عام 1996 .

ويقول حذيفة: «الأميركيون ظنوا ان الضغط على بن لادن لاخراجه معناه انهم حققوا نصرا. لكن كان في ذلك مقتلهم، اذ كان ذلك بمثابة إخراجه من عنق الزجاجة».

وعند انتهاء قضية افغانستان، بدأ المقاتلون العرب البحث عن مكان آخر «ينطلقون منه ويجاهدون ويساعدون المسلمين». وتوجه بعضهم الى البوسنة، واعداد اخرى الى الشيشان كالمصري ايمن الظواهري الذي «اعتقلته القوات الروسية لكن لم يعرف بشخصه، ودفع الشبان رشوة للروس وأخرجوه في النهاية».

وعندما عاد بن لادن الى افغانستان بعث برسالة خطية للملا عمر، زعيم حركة طالبان يطلب فيها ضمانات حول سلامته مقابل دعمه للحركة، فوافق الملا عمر «مما جعل الملا عمر يرفض حتى اللحظة الاخيرة تسليم بن لادن، لأنه أعطاه تعهدا خطيا». في المقابل، بدأ بن لادن بشق الطرق لحركة طالبان واقامة مشاريع اقتصادية حتى عام 1998، عندما «حصلت البيعة»، المتمثلة في قيام كل من يعيش في افغانستان من عرب وافغان بمبايعة الملا عمر اميرا للمؤمنين.

عندها اندمجت «القاعدة» في حركة طالبان «وانتهت تسمية القاعدة تماما»، وفق ما قاله حذيفة. وفي العام ذاته، تأسست «الجبهة العالمية لمحاربة اليهود والصليبيين» التي اندمجت فيها جميع الاطياف، ومن بين اعضائها ايمن الظواهري و«جماعة الجهاد» المصرية. وأوضح حذيفة انه بعد عام 1998 «يمكن القول ان عملية المجابهة مع العالم بدأت».