روسيا: أزمة الرهائن تمثل خيارا مصيريا لبوتين .. و الخاطفون يهددون بقتل 50 طفلا مقابل مقتل أي أحد منهم

TT

تواصلت المفاوضات أمس في إقليم اوسيتيا الشمالية التابع للفيدرالية الروسية للإفراج عن بقية الرهائن بعد الإفراج عن 26 منهم بوساطة رئيس جمهورية الأنغوش السابق، روسلان عائشوف. وأعلن مسؤول في جهاز الأمن الفيدرالي «إف إس بي» أن «خلية الأزمة تحاول التوصل الى أرضية للاتفاق، والمهم هو عدم انقطاع الاتصال مع الارهابيين». وكان المسلحون قد هددوا أول من امس بقتل 50 طفلا مقابل مقتل إي واحد من رفاقهم.

وقالت الصحافة الروسية أمس إن الرئيس الروسي أمام خيار «مصيري». وكتبت صحيفة «إزفستيا»: «إنها ساعة الحقيقة بالنسبة للرئيس الروسي»، قائلة إن فلاديمير بوتين «أمام القرار الأصعب منذ توليه الرئاسة: عليه أن يختار إن كان يجب شن هجوم على مبنى يعج بالأطفال».

وكتبت الصحيفة الاقتصادية «كوميرسانت»: «من الطبيعي ألا يجري بوتين الذي وصل الى السلطة على أساس محاربة المتطرفين الشيشان محادثات مع الانفصاليين».

وأعلن نائب رئيس البرلمان الأوسيتي الشمالي ستانيسلاف كساييف، حسب ما نقلت عنه وكالة «ريا نوفوستي» للأنباء، ان بعض الاطفال بالإضافة الى مدير المؤسسة استطاعوا أن يقوموا باتصالات هاتفية عبر الجوال من المبنى حيث يتم احتجازهم. ومن بين الأشخاص الذين يقومون بالاتصال بالخاطفين الطبيب ليونيد روشال الذي اتصل «مرارا» بهم خلال الليل حسب المسؤول الروسي.

وكان الخاطفون قد طلبوا التفاوض مع هذا الطبيب الذي كان الوسيط خلال عملية احتجاز الرهائن الضخمة التي تمت في احد مسارح موسكو في اكتوبر (تشرين الاول) 2002 وانتهت بمقتل الخاطفين وعدد كبير من الرهائن.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أن احد الخاطفين قال في اتصال هاتفي معه انه ينتمي الى مجموعة «سالاخين ريادوس» وهو اسم مجموعة مرتبطة بالقائد العسكري للمقاتلين الشيشان شامل باساييف. وأفاد مستشار في الكرملين، النائب الشيشاني السابق إسلام بك اسلاخانوف، أن محتجزي الرهائن يطالبون بانسحاب القوات الروسية من الشيشان وووقف العمليات في الانغوش المجاورة للشيشان وإطلاق سراح الأشخاص الذين اعتقلوا فيها بعد قيامهم بهجوم واسع النطاق هناك.

كما لم يتضح بعد عدد المهاجمين. وكان المسؤولون قد أعلنوا في البداية أنهم 17، إلا أن السلطات قالت ان عددهم يصل الى 40 مقاتلا من الرجال والنساء. ولم يتضح بعد ايضا عدد الرهائن حيث ترواحت التقديرات الرسمية في البداية بين 120 و400 ـ قبل الإفراج عن الـ26. وقال كبير المتحدثين الإقليميين ليف جوجاييف ان هناك 354 رهينة فيما أعلن جانتييف أن عدد الاطفال وحدهم يبلغ 400. وأشارت السلطات الأوسيتية امس الى ان عدد المحتجزين داخل المدرسة يقدر بـ354 شخصا، بينما قالت عائلات الرهائن الموجودة في المكان انها تقديرات «اقل بكثير من الواقع». وأفادت خلية الأزمة المكلفة من قبل السلطات بأن 132 طفلا بين الرهائن، ولم تنشر أي قائمة محددة بأسمائهم.

ومن جهة اخرى، تمكنت أجهزة الاستخبارات من تحديد هوية بعض محتجزي الرهائن بحسب ما أعلن قائد هذه الأجهزة في أوسيتيا الشمالية فاليري اندرييف، وأضاف أن الاستخبارات «تحقق مع عائلاتهم». وقال اندرييف ان بعضا من وجهاء القرى الأوسيتية والأنغوشية حاولوا التفاوض مع محتجزي الرهائن، مقترحين أن يحلوا مكان الرهائن. لكن هذه المبادرة لم تنجح، تماما كتلك التي عرضت على محتجزي الرهائن بنقل الغذاء والأدوية والمياه المعدنية للرهائن.

ومن جهته، ندد الرئيس الانفصالي الشيشاني أصلان مسعوف مساء أول من امس بعملية احتجاز الرهائن قائلا إنها «عمل غير إنساني ليس له أي مبرر. إنها رد ميؤوس وغير إنساني على الجرائم بحق الإنسانية التي ترتكبها روسيا في القوقاز».

وانتشر الجنود في سيارات مدرعة في الشوارع المجاورة للمدرسة المكونة من ثلاثة طوابق التي يدرس فيها نحو 900 تلميذ تترواح أعمارهم بين سبعة و17 عاما. وسمع دوي إطلاق رصاص متقطع. ويعد هذا الحادث الأحدث في سلسلة من الهجمات المميتة التي وقعت في روسيا العام الحالي وأسفرت عن مقتل المئات. ويقول المراقبون الروس ان جميع المؤشرات تقول انهاا عملية للمقاتلين الشيشان. وقال نيكولاي جاباروف وزوجته وحفيدته البالغة من العمر عامين ونصف العام محتجزتان داخل المدرسة: «بعض الناس يقولون إن الإرهابيين شيشان وبعض الناس يقولون إنهم عرب لكننا لا نعرف».

وفي واشنطن أعلن البيت الابيض ان الرئيس الأميركي جورج بوش اتصل هاتفيا مساء أول من امس بنظيره الروسي فلاديمير بوتين وندد بعملية احتجاز الرهائن وعرض «كل مساعدة يعتبرها بوتين ضرورية».

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، سكوت ماكليلان، ان بوش «ابلغ الرئيس بوتين أننا مع الشعب الروسي في هذه المرحلة. أفكارنا معه وقد عرضنا كل مساعدة ضرورية يطلبها في هذه الأزمة». وأضاف خلال الجولة التي قام بها بوش في أوهايو (شمال) «إننا الى جانب روسيا في الحرب ضد الإرهاب. إننا ندين بشدة عملية احتجاز الرهائن هذه. الرئيس بوش يندد بعملية احتجاز الرهائن وبالاعتداءات الإرهابية التي وقعت أخيرا في روسيا» حيث تبنت مجموعة إسلامية غير معروفة تماما عملية تفجير طائرتين روسيتين وعملية انتحارية في موسكو.

وأضاف أن بوش «قدم تعازيه لذوي الضحايا وللشعب الروسي»، وقال إن «الرئيسين أعربا عن عزمهما التام للتعاون من اجل محاربة الإرهاب الدولي». وفي نيويورك أدان مجلس الأمن الدولي بشدة مساء أول من أمس عملية احتجاز الرهائن في وطالب بإطلاق سراحهم فورا.