فتوى القرضاوي بخطف الأميركيين وقتلهم في العراق تفجر خلافاً حاداً بين علماء الأزهر

المطعني يحرم «قتل أو خطف المدني غير المقاتل» وشاهين يحله «لأنه لولا الاحتلال لما جاء المدنيون»

TT

فجرت فتوى الدكتور يوسف القرضاوي رئيس اتحاد العلماء المسلمين ومجلس الافتاء الأوروبي، بشأن وجوب قتل واختطاف المدنيين الأميركيين في العراق باعتبارهم غزاة، خلافاً حاداً بين علماء الأزهر الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض ولكل أدلته التي يراها شرعية.

وكان الدكتور القرضاوي قد أفتى خلال رده عن استفسارات الحاضرين في ندوة عن «التعددية في الاسلام» بنقابة الصحافيين المصريين يوم الثلاثاء الماضي بجواز اختطاف المدنيين الأميركيين المقيمين في العراق من أجل الضغط على الادارة الأميركية لسحب جيوشها من أراضيه.

وأكد القرضاوي «أن كل الأميركيين في العراق محاربون لا فرق فيهم بين مدني أو عسكري ويجب قتالهم لأن المدني الأميركي جاء إلى العراق لخدمة الاحتلال». وقال «ان خطف الأميركيين وقتلهم في العراق واجب حتى يخرجوا ويتركوه فورا». واستدرك القرضاوي قائلاً «إن التمثيل بجثث القتلى منهي عنه في الاسلام».

وفي تعليقه، قال الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر ووكيل لجنة الشؤون الدينية بمجلس الشعب (البرلمان) المصري لـ«الشرق الأوسط» إن «المدني الذي لا يقاتل ولا يشترك في قتال لا يحل قتله أو خطفه ويجب معاملته بصورة طيبة، أما اذا كان يشترك في القتال ضد المسلمين بأي صورة من الصور فتجوز معاملته معاملة المقاتل لأن الإسلام وضع قواعد صارمة لمعاملة المدنيين معاملة طيبة وأمنهم على أرواحهم». وقال «إن الدليل على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده أوصوا الجيوش بألا يقتلوا طفلاً ولا امرأة ولا شيخاً ولا يتعرضوا لراهب في صومعته ولا يقطعوا شجراً أو نخلاً. وكانت الجيوش الاسلامية تلتزم بالوصية وتحافظ على حياة المدنيين الذين لا يشاركون في القتال».

وفيما يتعلق بالمدنيين الذين يشاركون في القتال بصورة ما، قال بيومي إنه يجب أن يعاملوا معاملة المقاتلين. وساق قوله الله تعالى «إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولَّهم فأولئك هم الظالمون»، ويري بيومي أن الآية تشير إلى الذين يعاونون الأعداء على إخراج المسلمين.

وطالب عضو مجلس البحوث الإسلامية بالأزهر باحترام الحياة المدنية لمن لا يقاتل المسلمين أما من يقاتل فحكمه حكم المقاتل.

أما الداعية الإسلامي المعروف الدكتور عبد الصبور شاهين استاذ الدراسات العليا في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، فقد أكد جواز قتل واختطاف المدنيين الأميركيين في العراق. وقال شاهين «أؤيد فتوى الدكتور القرضاوي مائة في المائة لأنه لولا الاحتلال لما جاء هؤلاء، ولذلك يجب محاربتهم كما يجب أن نحارب كل صهيوني على أرض فلسطين جاء غازياً ومغتصبا للأرض فلا تفرقة بين مدني أو عسكري على أرض فلسطين أو العراق لأنهم جميعاً جاءوا ليحتلوا أرضاً وليغزوا شعباً وليغتصبوا وطناً ليس لهم».

وقال شاهين إنه «إذا كنا نسلم بأننا في حالة حرب فعلاً مع غرباء جاءوا يغزون بلادنا وللحرب أحكامها ولها دواعيها ومقتضياتها ولا ينبغي المساومة إلا على أساس سياسي ، فمعنى ذلك أن الذين جاءوا للعراق من غير الأميركيين مثل الصحافيين الفرنسيين وغيرهم من الأوروبيين لينقلوا الحقائق ناصعة للعالم فهم في حكم من جاء لمناصرة شعب العراق فلا يجب التعرض لهم لأن قضية العراق في حاجة لمزيد من الدعم من قبل هؤلاء».

من جانبه، أكد الدكتور عبد العظيم المطعني عضو المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية بالقاهرة وأستاذ الدراسات العليا بجامعة الأزهر، تأييده لفتوى الدكتور القرضاوي. وقال «إن القرضاوي يعتمد في فتواه على أن قتل المدنيين الأميركيين جائز لأنهم جاءوا غزاة بخلاف قتلهم في بلادهم فلا يجوز الاعتداء على المدني. ولكن المدنيين والعسكريين جاءوا جنوداً غزاة للعراق وأن الجريمة تكون جريمة اذا كان الاعتداء على المدني الأميركي في بلده».

وأوضح المطعني «أن التجنيد ليس قاصراً على من يحمل السلاح فقط وانما كل أعوان للجنود العسكريين يأخذون نفس الحكم إلا المدني الأميركي الذي كان موجوداً في العراق قبل الاحتلال وظل موجوداً فلا ينطبق عليه وصف الغازي». وقال المطعني «إنه في الغالب لا يوجد أحد من هؤلاء في العراق نظراً لتوتر العلاقات بين واشنطن وبغداد». وأضاف المطعني «أن جنود أميركا في العراق يقتلون كل يوم مدنيين في النجف والفلوجة». ويصف الوجود الأميركي هناك بأنه «ظالم»، وقال «إن مقاومة الظالم واجبة بأي وسيلة». وفيما يتصل بالمدنيين العرب الذين يعملون في خدمة القوات الأميركية في العراق، أعرب المطعني عن أن العربي أو المسلم الذي يعمل لحساب قوات الاحتلال الأميركي في العراق خائن تنطبق عليه أحكام المدنيين الأميركيين فيجوز، حسب قوله، خطفه وقتله ولكن لا يجوز التمثيل بالجثث لأنه حرام شرعاً. وأعطى المطعني أمثلة على ذلك بالجاسوس الذي يعمل لصالح الأميركيين في العراق وسائقي السيارات الذين يقومون بتوصيل الطلبات للجنود. واعتبر هؤلاء جميعاً جنودا يخدمون الاحتلال، وبالتالي يحكم عليهم بإهدار دمهم.