دمشق: بيان المطارنة الموارنة «قاسٍ» ولا اتجاه للتصعيد مع البطريرك صفير

وزير النفط القطري وجه دعوة لصفير ووصفه بـ«بطريرك العرب»

TT

وصف مصدر سوري مسؤول بيان المطارنة الموارنة في لبنان، الذي صدر اول من امس بعد اجتماع عقد برئاسة البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير وحمل على التدخل السوري في لبنان بأنه «قاسٍ وان كان متوقعا»، مؤكداً ان دمشق «لا تتجه الى التصعيد مع البطريرك صفير».

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «ان سورية تفهمت العظة التي القاها صفير يوم الاحد الماضي، وذلك قبل أيام على اجتماع المطارنة الموارنة». الا انه اعتبر ما صدر عن هؤلاء «اسوأ بكثير من العظة وقد افسدها». ولاحظ المصدر بأن البيان «متعمد في توقيته» بالاشارة الى تزامنه مع اعلان المشروع الاميركي ـ الفرنسي المتعلق بلبنان وسورية امام مجلس الامن.

وكان البطريرك قد انتقد في عظته المشار اليها تعديل الدستور للتمديد لرئيس الجمهورية اميل لحود وقال بأن ذلك «يخرج عن المألوف وكأن لبنان اصبح كرة قدم تتقاذفه المصالح الاقليمية والدولية»، فيما حمل بيان المطارنة الموارنة بعنف على التدخل السوري في لبنان محملاً إياه كل ما يحصل في لبنان منذ العام 1976، لافتاً الى ان مسألة الاستحقاق الرئاسي تحولت من «لبننة الاستحقاق» الى «سورنة الاستحقاق».

ولفت امس الموقف الذي اعلنه وزير النفط القطري حمد العبد الله العطية بعد زيارته البطريرك صفير في مقره الصيفي في الديمان حيث وصف صفير بـ«بطريرك العرب».

وقال الوزير العطية بعد اللقاء: «تشرفت بلقاء غبطة البطريرك. وانا دائماً عندما ازور لبنان اكون حريصاً على زيارة غبطة البطريرك الذي هو ليس بطريرك الموارنة ولكن بطريرك العرب، والذي له مواقف كبيرة وهي مدرسة نتعلم منها الكثير أكانت سياسية ام اجتماعية». واوضح ان الحديث تطرق الى «الدعوة من دولة قطر لغبطته لزيارة قطر خلال الاشهر القليلة المقبلة. ونحن سعداء بزيارة غبطته الى قطر لأول مرة وستكون هذه الزيارة لتفعيل العلاقات الثنائية وكذلك العلاقات الاسلامية المسيحية. وهناك حرص من دولة قطر على ان تكون هذه الزيارة لتبادل الآراء وتطوير العلاقات. ونحن نعتقد ان الحوار الاسلامي المسيحي مهم جداً».

وعلى صعيد ردود الفعل اللبنانية أسف رئيس الحكومة السابق عمر كرامي لنداء مجلس المطارنة الموارنة و«ما تضمنه من كلام في هذا الظرف الدقيق». وقال في خطاب القاه مساء اول من امس: «نحن نعرف الخلفيات، ونعرف الحساسيات، ونعرف انه في بعض المفاصل الداخلية، كلنا نشكو، ولكن عندما تكون المخاطر بهذا الحجم فسلامة هذا الوطن وسلامة المبادىء وسلامة التراث والتاريخ والمستقبل لا يمكن ان تعالج بمواقف كهذه».

واضاف «نحن ما تعودنا التزلم، وقاسينا من المعاملة من الاخوة السوريين ما يعرفه القاصي والداني، ولكن نحن لا نخلط بين الخاص والعام، ولا نخلط بين الوطنية وما يتعداها الى امور وتشعبات كثيرة لا تستأهل امام مستقبل هذا الوطن واستقلاله وحريته وكرامته وعزته. نعم سورية لها شعبيتها الكبيرة في لبنان، لقد كان ذلك قبل سنة 1975، اي قبل دخول الجيش السوري الى لبنان وسيبقى لها اصدقاؤها وحلفاؤها ومريدوها والمقدرون لمواقفها الوطنية ولمبادئها».

وكان رئيس الحكومة السابق سليم الحص اول من علق على البيان بعد ساعات من صدوره حيث وصفه بأنه «صرخة ألم تعبر عن شكوى الناس جديرة بالاعتبار والتبصر لايجاد الحلول»، فيما اعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط «تأييده الشق الداخلي في الحديث الذي صدر عن بيان المطارنة»، لافتاً بعد ترؤسه اول من امس اجتماع كتلة «اللقاء الديمقراطي» البرلمانية الى «اننا نتكلم اللغة نفسها طبعاً بمفردات قد تكون مختلفة في الشق الخارجي»، مشيراً الى انه «ربما البطريرك صفير قد وصل الى افق مسدود لأنه كان أحد العرابين الكبار لاتفاق الطائف». واعلن عضو «لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض توفيق الهندي بعد لقائه البطريرك صفير امس ان «اللقاء سيعقد اجتماعاً موسعاً السبت المقبل مع البطريرك صفير في الديمان». وقال: «بحثنا مع البطريرك في النداء الهام الذي صدر اول من امس. ونعتبر ان هذا النداء وضع الاصبع على الجراح. وهو نداء تاريخي لانه يعبر عن الام جميع اللبنانيين». واضاف: «يقال ان هذا البيان قاس وخطير، الحقيقة هذا النداء هو بخطورة الاوضاع الجارية. وبنفس الوقت فقد تكلم هذا النداء ايضاً ان في لبنان ليس هناك من يعادي سورية».

من جهته، اعتبر النائب اسامة سعد ان غالبية المسائل الهامة التي اثارها بيان المطارنة الموارنة في الشق الداخلي منه «هي محل اجماع كل اللبنانيين وهي من شأنها ان تعطي الرئيس لحود دفعاً اضافياً للمضي بمسيرة الاصلاح السياسي والاداري والاقتصادي والقضائي».

واعتبر النائب غسان مخيبر النداء «صرخة ألم مدوية وتمتاز بأنها دعوة للأمل ولتجاوز الاحباط». وقال بعد زيارته البطريرك صفير امس: «علينا تجاوز مستوى الكلام والتصريح، ونبدأ بترجمة هذا الوجع وهذه الصرخة الى حوارات وطنية بالعمق تجمع كل المعنيين في السلطة وفي المعارضة وفي داخل المؤسسات وخارجها».