الحكومة السودانية ومقاتلو دارفور يتوصلون إلى اتفاق حول «البروتوكول الإنساني» لحماية المدنيين

حركتا دارفور تربطان توقيع الاتفاق بتسجيل تقدم في المسائل الأمنية * اسماعيل: سنبذل «كل ممكن» لاستتباب الأمن

TT

سجلت مفاوضات السلام السودانية حول دارفور الجارية في العاصمة النيجيرية ابوجا تقدما كبيرا، باتفاق طرفي النزاع، الحكومة وحركتي تحرير السودان والعدل والمساواة، الناشطتين في الاقليم، حول بنود «البروتوكول الانساني» المخصص لحماية حوالي مليون ومائتي الف نازح من دارفور، لكن الحركتين ربطتا توقيعه، بحدوث تقدم في المجالات الامنية. وقال الناطق باسم وفد حركة العدل والمساواة احمد حسين لـ«الشرق الاوسط»، «تجاوزنا الخلافات واتفقنا على مجموعة اهداف، لكننا رفضنا توقيعه، حتى يتم احراز تقدم في الملف الامني». ووصف الاتفاق بانه «مناسب»، لكنه قال ان التحدي يكمن في تنفيذه، مشيرا الى ان الحكومة «وقعت في السابق عددا من الاتفاقات ولم تلتزم بها، منها اتفاق انجمينا لوقف النار واتفاق الخرطوم مع الامم المتحدة، وقرار مجلس الامن الاخير». واوضح ان الخرطوم «ما تزال تخرق الاتفاقات، وتهاجم القرى، والمدنيين، بدليل ان تقرير الامم المتحدة الاخير اشار الى انتهاكات واكد ان الخرطوم لم تحقق ما طلب منها».

ويدعو الاتفاق المكون من اربعة بنود رئيسية، الى فتح مجال الاغاثة الانسانية بشكل مطلق الى كل المتضررين في دارفور، حتى اولئك الموجودين في المناطق التي تسيطر عليها الحركات المسلحة. كما نص على فتح ابواب الاغاثة عبر الحدود خصوصا القادمة من ليبيا، والزم الجانبين تنفيذ الاتفاقات السابقة، ورفض قضية العودة القسرية الا عبر الطرق القانونية المنصوص عليها في القانون الدولي والتي تمنع العودة القسرية. كما نص على وجود آلية لتسهيل العمل الانساني.

من جهته قلل رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور من شأن الاتفاق، واتهم الحكومة السودانية بانها جاءت الى ابوجا لـ«كسب الوقت». وقال «لا يمكن الحديث عن اتفاق قبل ايجاد حل للوضع الامني». ودعا عبد الواحد مجلس الامن الدولي للاستماع الى تقرير من الامين العام للامم المتحدة كوفي انان حول دارفور بأن «يتبنى قرارا لتوفير الحياة» لنازحي الاقليم. وطالب الامم المتحدة بالاشراف على توزيع المساعدات الانسانية في الاقليم من اجل ضمان وصولها للنازحين.

من جهته قال المفاوض الحكومي محمد يوسف ان الاتفاق «خطوة الى الامام. وقد جاء في الوقت المناسب لان الناس في دارفور بحاجة حاليا لبعض الطمأنينة». واضاف ان «المواطنين في دارفور بحاجة ليعرفوا ان الامور تتقدم. ولهذا السبب يوجه هذا الاتفاق الاشارة الصائبة في هذا الاتجاه». وقال يوسف الذي كلفه ممثل الحكومة السودانية الى المحادثات مجذوب الخليفة التحدث الى الصحافيين «اننا مرتاحون لهذه الخاتمة.. يمكننا الان القيام بجهد آخر للتقدم».

وعلى الرغم من ان الطرفين أبرما الاتفاق بشأن المسألة الانسانية، الا انه سيوقع رسميا في ختام المحادثات حول المسائل الامنية وهي الموضوع المقبل المدرج في برنامج المفاوضات السلمية، كما اعلن الطرفان. واعتبر «ان الاتفاق سيوقع عندما ننتهي من المحادثات بشأن الموضوع الثاني الوارد في البرنامج، اي الموضوع الامني. هناك رابط بين الاتفاقين، المسائل الانسانية والامنية في دارفور». واضافة الى هذين الموضوعين، ستتطرق المحادثات الى مسائل اقتصادية واجتماعية. وبشأن المآخذ التي عبرت عنها الامم المتحدة اول من امس للحكومة السودانية المتهمة بانها لم تف بوعودها في دارفور وبانها خرقت وقف اطلاق النار، اشار المفاوض الى ان حكومته كانت فعالة خلال مهلة الثلاثين يوما التي منحتها اياها المنظمة الدولية.

من جهته قال وزير الخارجية السودانى الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل ان حكومته مستعدة لتقديم «أي شيء» يمكن ان يساعد فى استتباب الامن فى دارفور، مشددا على ان مسؤولية الامن فى الاقليم مهمة الحكومة.

وقال فى تصريحات صحافية امس ان حكومته مستعدة للتعاون مع الاتحاد الافريقى، والجامعة العربية، والمجتمع الدولي لتطبيع الاوضاع في دارفور والى ان يتحقق السلام، وحول مقترح انان بزيادة قوات المراقبة في دارفور. وقال اسماعيل ان الحكومة ستدرس ما سيسفر عن اجتماع مجلس الامن لتقرر من بعده الخطوة المناسبة لتحقيق الاستقرار في الاقليم. وقال ان التقرير الذي اعده انان لم يتضمن التوصية بارسال قوات حفظ سلام الي دارفور مبينا ان انان تحدث عن ان الوضع في دارفور ربما يحتاج الي وجود دولي والى مزيد من المراقبين.

واضاف ان الحكومة تتعاون مع مختلف الاطراف وفقا لما تم الاتفاق عليه سابقا. الى ذلك كشف اسماعيل عن زيارات مزمعة لعدد من مسؤولين اوروبيين وافارقة للسودان خلال سبتمبر (ايلول) الجاري، واوضح ان وفدا من الترويكا الاوروبية برئاسة وزير خارجية هولندا بجانب وزير خارجية بلجيكا والمفوض الاقتصادي بالاتحاد الاوروبي سيزور البلاد الاسبوع الثاني من الشهر الجاري. وقال ان ملس زيناوي رئيس وزراء اثيوبيا سيزور الخرطوم خلال الاسبوع الثاني من سبتمبر.