أميركا وبريطانيا وفرنسا تشدد الضغط على الخرطوم لتسوية نزاع دارفور مع بدء مجلس الأمن مناقشة القضية

TT

في وقت بدأ فيه مجلس الأمن الدولي امس مناقشة قضية دارفور (غرب السودان) مجددا، شددت أميركا وبريطانيا وفرنسا من ضغوطها على الخرطوم، مطالبة بمزيد من الجهد لحل نزاع الإقليم المضطرب. وفي واشنطن، طالب وزير الخارجية الاميركي كولن باول امس المجتمع الدولي بمواصلة الضغط على السودان بسبب الأزمة الانسانية في دارفور، لكنه قال انه من السابق لأوانه البت في ضرورة فرض عقوبات على الخرطوم. واعتبر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، ان التقدم الذي تحقق في دارفور «متواضع»، وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان باريس تعتبر تعزيز الوجود الدولي في إقليم دارفور في إطار الاتحاد الافريقي «ضروريا» لتأمين حماية المدنيين، وفقا لما اقترحه الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان. وبدأ مجلس الأمن الدولي أمس مناقشة تقرير قدمه يان برونك مبعوث الأمم المتحدة الخاص الى السودان حول نتائج مهمته الميدانية لتقصي الحقائق في دارفور. وعلى ضوء التقرير، سيتحدد ما اذا كانت الخرطوم قد لبت مطالب المجتمع الدولي لتسوية النزاع في إقليمها الغربي، ونزعت سلاح مليشيات الجنجويد، المتهمة بارتكاب انتهاكات، وما اذا كانت تحتاج الى مزيد من الوقت لإكمال المهمة العسيرة.

وقال بروك في تقريره إن الحكومة السودانية غير قادرة على اتخاذ خطوات من شأنها أن توقف الهجمات على المدنيين في دارفور، وغير قادرة على نزع سلاح الميليشيات. وشدد في مرافعته امام اعضاء المجلس امس على أهمية نزع سلاح قوة الدفاع الشعبي وهي قوة عسكرية اخرى تتبع للحكومة. وأفاد بروك بأن الحكومة السودانية لم تخط أي خطوات ملموسة لتقديم المسؤولين عن الهجمات على المدنيين للعدالة، وقال «انها حتى لم تحدد هوية اي زعيم من زعماء الميليشيات ولا هوية مرتكبي الهجمات». وقال «هذا مؤشر على انعدام الأمن»، مشيرا الى ان عدد الذين نزحوا عن قراهم ومنازلهم في تزايد مستمر. ولاحظ أن المناطق التي اختارتها الحكومة السودانية للمعاينة، اصبحت أكثر امنا خلال فترة الثلاثين يوما وان الأمن فيها أفضل من المناطق التي تقع خارجها. وابلغ مبعوث الأمين العام اعضاء مجلس الأمن بالخطوات التي اتخذتها الخرطوم في دارفور ومن بينها انشاء مناطق آمنة وانها باشرت في نزع سلاح جزء من قوة الدفاع الشعبي والغت القيود على وصول المساعدات الانسانية وعلى عمال الاغاثة التابعين لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. وان الحكومة السودانية وافقت على وجود مراقبين دوليين لمراقبة حقوق الانسان وأنها وافقت على خلق آليات وطنية للتحقيق في حالات سوء معاملة المدنيين. وحث بروك الحكومة السودانية على قبول مساعدات المجتمع الدولي، وقال «إننا نحث الحكومة إذا كانت غير قادرة على حماية مواطنيها على السعي إلى طلب المساعدة من المجتمع الدولي». واعرب عن اعتقاده بأن افضل وسيلة لحل أزمة دارفور هي بتوسيع المساعدة الدولية وتوسيع مهمة الاتحاد الأفريقي في دارفور. وتعليقا على تقرير برونك، قال باول انه تحقق بعض التقدم في الموقف الإنساني لكن يتعين على السودان القيام بمزيد من الجهد لوقف هجمات المليشيات. وقال الوزير للصحافيين العائدين معه الى واشنطن بعد زيارة قصيرة لبنما لحضور احتفال تنصيب رئيسها الجديد «لمسنا بعض التقدم لكن علينا مواصلة الضغط. لسنا راضين عما وصلنا إليه بعد».

وصرح باول بأنه تشجع بالأنباء الواردة من العاصمة النيجيرية أبوجا عن موافقة متمردي دارفور والحكومة السودانية على تسهيل وصول وكالات الإغاثة الإنسانية التي تحاول التعامل مع الأزمة في المنطقة الصحراوية. كما تحدث ايضا عن بعض التحسن في مخيمات اللاجئين، لكنه قال ان الموقف الأمني خارج هذه المخيمات غير مستقر بعد، وإن اللاجئين لا يستطيعون العودة الى ديارهم.

وقال باول، الذي زار دارفور في يوليو (تموز) الماضي، لا نريد مخيمات دائمة نريد ان يعود الناس الى قراهم يزرعون ويبدأون بناء حياتهم من جديد». ووضعت الامم المتحدة تقريرها بعد ان حددت مهلة للسودان انتهت في 30 أغسطس (آب) لتكبح جماح المليشيات او تتعرض لعقوبات محتملة. وحين سئل وزير الخارجية الأميركي عما اذا كان الوقت قد حان لفرض العقوبات على الخرطوم، قال انه من السابق لأوانه جعل مثل هذا القرار هو الخيار الوحيد. وتحدث عن اقتراح للأمم المتحدة بإرسال مزيد من القوات الأفريقية الى دارفور.

وقال «انها دوما مسألة ممارسة ضغط منسق بطريقة تدفع الحكومة قدما وتحسن الموقف. تصعيد الضغط لكن ليس للدرجة التي يمكن ان تحدث فيها عواقب لا تريدها او لا نقصدها». وعارضت الصين وروسيا وهي دول دائمة في مجلس الأمن فرض عقوبات على السودان كما عارضت ذلك ايضا الجزائر وباكستان وهي دول غير دائمة في المجلس.

وفي لندن، اعتبر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ان الوضع الإنساني وعملية نزع أسلحة الميليشيات في إقليم دارفور السوداني شهدا تقدما «متواضعا» ولكنه غير كاف وذلك بفضل الضغوط الدولية. وقال سترو في بيان «حصل بعض التقدم في السودان خلال الأيام الثلاثين الماضية». ولكن يتوجب على الخرطوم ان «تفعل اكثر بكثير من ذلك». واضاف ان «حكومة السودان لا تقوم بما فيه الكفاية لنزع أسلحة المليشيات وهي تعتمد ثقافة عدم المعاقبة ولم تظهر ان منفذي الاعتداءات قد أحيلوا الى القضاء». وأوضح «اعتقد ان التقدم البسيط الذي تحقق حتى الآن ناتج بشكل رئيسي عن الضغوط التي تمارسها الأسرة الدولية».

وفي باريس، أعلنت وزارة الخارجية ان فرنسا تعتبر تعزيز الوجود الدولي في إقليم دارفور في اطار الاتحاد الافريقي «ضروريا» لتأمين حماية المدنيين وفقا لما اقترحه الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان. وأعلنت مساعدة المتحدث باسم الوزارة سيسيل بوزو دي بورغو امام الصحافيين «يبدو تعزيز بعثة الاتحاد الافريقي كما يقترحه تقرير الأمين العام للامم المتحدة ضروريا لتأمين حماية المدنيين وتشجيعهم على العودة الى منازلهم». وتابعت: «ترحب فرنسا بتقدم المحادثات السياسية في أبوجا (حول الحماية الانسانية)، وهي وحدها كفيلة بحل أساس الأزمة في دارفور. كما تدعو فرنسا الى احترام وقف اطلاق النار والتفاوض بنية حسنة».